لقد
تميزت عقيدة السلف بقيامها على الكتاب والسنة في كل جزئية منها فكانت تلك
العقيدة هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم
سهلة في تطبيقها واضحة في دلالاتها لا يزيغ عنها إلا المبتدعون أصحاب
الأهواء الباطلة والاتجاهات الفاسدة.
ومما أود التنبيه عليه أن عقيدة السلف قد دونها العلماء بمؤلفات كثيرة بل كتبوا في كل جزئية مجلدات ضخمة كما سبق بيانه.
ولذلك فمن غير السهولة أن أذكرها هنا مفصلة وإنما أكتفي بذكرها على
طريق الإجمال والإيجاز بحيث يكفي المستعجل فينال بغيته في التعرف على
عقيدة السلف إن لم يتمكن من الاطلاع عليها بالتفصيل في مراجعها.
وقد عبر عن ذلك الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة عن أصول
الديانة) بعد أن رجع إلى مذهب السلف ودان الله به كما عبر عنه أيضاً في
كتابه (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) ففي كتابه (الإبانة)
قال رحمه الله تعالى: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية
والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون،
وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب
ربنا عزّ وجلّ، وبسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وما روي عن الصحابة
والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون. وبما كان يقول به أبو عبد
الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه، ورفع درجته وأجزل مثوبته،
قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل، الذي
أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع
المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم،
وجليل معظم، وكبير مفخم وعلى جميع أئمة المسلمين.
وجملة قولنا أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله
وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نريد من ذلك شيئاً
وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو، فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولداً
وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق وأن الجنة حق والنار حق
وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور وأن الله استوى
على عرشه كما قال: (الرحمن على العرش استوى) وأن له وجهاً بلا كيف كما قال: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وأن له يدين بلا كيف، كما قال: (خلقت بيدي) . وكما قال: (بل يداه مبسوطان) وأن له عيناً بلا كيف، كما قال: (تجري بأعيننا) وأن من زعم أن أسماء الله غيرة كان ضالاً وأن لله علماً كما قال: (أنزله بعلمه) .
وكما قال: (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه)
. ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك، كما نفته المعتزلة والجهمية
والخوارج ونثبت أن لله قوة كما قال: (أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد
منهم قوة)
نقول: إن كلام الله غير مخلوق وإنه لم يخلق شيئاً إلا وقد قال له: كن
فيكون، كما قال: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) .
وأنه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله، وأن الأشياء
تكون بمشيئة الله عزّ وجلّ وأن أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن
يفعله الله .
ولا نستغني عن الله، ولا نقدر على الخروج من علم الله عزّ وجلّ وأنه لا خالق إلا الله وأن أعمال العبد مخلوقة لله مقدورة، كما قال: (والله خلقكم وما تعملون) وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون، كما قال: (هل من خالق غير الله) وكما قال: (لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون) وكما قال: (أفمن يخلق كما لا يخلق) ، وكما قال: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)
. وهذا في كتاب الله كثير وأن الله وفق المؤمنين لطاعته، ولطف بهم، ونظر
إليهم، وأصلحهم، وهداهم، وأضل الكافرين، ولم يهدهم، ولم يلطف بهم
بالإيمان، كما زعم أهل الزيغ والطغيان، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا
صالحين، ولو هداهم لكانوا مهتدين، كما قال تبارك وتعالى: (من يهد الله فهو
المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون) وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين، ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين، ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم، وأنه خذلهم وطبع على قلوبهم
وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره، وأنّا نؤمن بقضاء الله وقدره، خيره
وشره، حلوه ومره، ونعلم أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وأن ما أصابنا لم
يكن ليخطئنا، وأن العباد لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء
الله وأنا نلجأ في أمورنا إلى الله، ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه
ونقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن من قال بخلق القرآن فهو كافر
–وندين بأن الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يُرى القمر ليلة
البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة كما قال الله عزّ
وجلّ: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)
وأن موسى عليه السلام سأل الله عزّ وجلّ الرؤية في الدنيا، وأن الله تعالى
تجلى للجبل، فجعله دكاً، فأعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا، ونرى بأن
لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب
يرتكبه كالزنا والسرقة وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم
كافرون ونقول: إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنا والسرقة وما
أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً.
ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيماناً. وندين
بأن الله تعالى يقلب القلوب: ((وأن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عزّ
وجلّ ، وأنه سبحانه يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع)) .
كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف.
وندين بأن لا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنةً ولا
ناراً إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ونرجوا الجنة
للمذنبين، ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
ونقول: إن الله عزّ وجلّ يخرج قوماً من النار بشفاعة محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم التي رواها الثقات عدلاً عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض، وإن الميزان حق،
والصراط حق، والبعث بعد الموت حق وأن الله عزّ وجلّ يوقف العباد في الموقف
ويحاسب المؤمنين وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيحة
في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وندين بحب السلف الذين اختارهم
الله عزّ وجلّ لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونثني عليهم بما أثنى به
عليهم، ونتولاهم أجمعين ونقول: إن الإمام الفاضل بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبو بكر الصديق رضوان الله عليه، وأن الله أعز به الدين وأظهره
على المرتدين وقدمه المسلمون للإمامة كما قدمه رسول الله صلى الله عليه
وسلم للصلاة، وسموه بأجمعهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه وأن الذين قتلوه
قتلوه ظلماً وعدواناً، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهؤلاء الأئمة
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافتهم خلافة النبوة ونشهد بالجنة
للعشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، ونتولى سائر
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونكف عما شجر بينهم. وندين الله بأن
الأئمة الأربعة خلفاء راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم.
ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن ((الرب عزّ وجلّ يقول: هل من سائل، هل من مستغفر))
وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل ونعول فيما
اختلفنا فيه على كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم،
وإجماع المسلمين، وما كان في معناه. ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن
الله بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم ونقول: إن الله عزّ وجلّ يجيء يوم
القيامة كما قال: (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) وأن الله عزّ وجلّ يقرب من
عباده كيف شاء كما قال: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وكما قال: (ثم دنا
فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر
الصلوات والجماعات خلف كل بر وفاجر، كما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما أنه كان يصلي خلف الحجاج وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر
خلافاً لقوله من أنكر ذلك. ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار
بإمامتهم، وتضليل من رأى الخروج عليهم، إذا ظهر منهم ترك الاستقامة وندين
بإنكار الخروج عليهم بالسيف، وترك القتال في الفتنة ونقر بخروج الدجال
كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونؤمن بعذاب القبر
ومنكر ونكير ومساءلتهما المدفونين في قبورهم ونصدق بحديث المعراج
ونصحح كثيراً من الرؤيا في المنام ونقر أن لذلك تفسيراً ونرى الصدقة عن
موتى المسلمين، والدعاء لهم ونؤمن بأن الله ينفعهم بذلك ونصدق بأن في
الدنيا سحراً وسحرة، وأن السحر كائن موجود في الدنيا وندين بالصلاة على من
مات من أهل القبلة برهم وفاجرهم وتوارثهم ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان.
وأن من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل وأن الأرزاق من قبل الله عزّ
وجلّ يرزقها عباده حلالاً وحراماً وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه
ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية، كما قال الله عزّ وجلّ: (الذين
يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) وكما قال: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس)
ونقول: إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله عزّ وجلّ بآيات يظهرها عليهم
وقولنا في أطفال المشركين (إن الله يؤجج لهم في الآخرة ناراً، ثم يقول لهم
اقتحموها) كما جاءت بذلك الرواية
، وندين الله عزّ وجلّ بأنه يعلم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون،
وما كان وما يكون، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون وبطاعة الأئمة
ونصيحة المسلمين، ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعته ومجانبة أهل الأهواء:
وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي منه مما لم نذكره باباً باباً وشيئاً
شيئاً إن شاء الله تعالى.
ونجد الأشعري قد أكد أيضاً تلك الأمور في كتابه: (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) وفي بيانه لاعتقاد أصحاب الحديث.
وقد رغبت أن أثبتها كما جاءت في الكتاب القيم تتميماً للفائدة
وتأكيداً لكلامه في الإبانة وأن مصدر هذين الكتابين هو الأشعري رحمه الله
تعالى.
تميزت عقيدة السلف بقيامها على الكتاب والسنة في كل جزئية منها فكانت تلك
العقيدة هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم
سهلة في تطبيقها واضحة في دلالاتها لا يزيغ عنها إلا المبتدعون أصحاب
الأهواء الباطلة والاتجاهات الفاسدة.
ومما أود التنبيه عليه أن عقيدة السلف قد دونها العلماء بمؤلفات كثيرة بل كتبوا في كل جزئية مجلدات ضخمة كما سبق بيانه.
ولذلك فمن غير السهولة أن أذكرها هنا مفصلة وإنما أكتفي بذكرها على
طريق الإجمال والإيجاز بحيث يكفي المستعجل فينال بغيته في التعرف على
عقيدة السلف إن لم يتمكن من الاطلاع عليها بالتفصيل في مراجعها.
وقد عبر عن ذلك الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة عن أصول
الديانة) بعد أن رجع إلى مذهب السلف ودان الله به كما عبر عنه أيضاً في
كتابه (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) ففي كتابه (الإبانة)
قال رحمه الله تعالى: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية
والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون،
وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب
ربنا عزّ وجلّ، وبسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وما روي عن الصحابة
والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون. وبما كان يقول به أبو عبد
الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه، ورفع درجته وأجزل مثوبته،
قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل، الذي
أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع
المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم،
وجليل معظم، وكبير مفخم وعلى جميع أئمة المسلمين.
وجملة قولنا أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله
وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نريد من ذلك شيئاً
وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو، فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولداً
وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق وأن الجنة حق والنار حق
وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور وأن الله استوى
على عرشه كما قال: (الرحمن على العرش استوى) وأن له وجهاً بلا كيف كما قال: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وأن له يدين بلا كيف، كما قال: (خلقت بيدي) . وكما قال: (بل يداه مبسوطان) وأن له عيناً بلا كيف، كما قال: (تجري بأعيننا) وأن من زعم أن أسماء الله غيرة كان ضالاً وأن لله علماً كما قال: (أنزله بعلمه) .
وكما قال: (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه)
. ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك، كما نفته المعتزلة والجهمية
والخوارج ونثبت أن لله قوة كما قال: (أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد
منهم قوة)
نقول: إن كلام الله غير مخلوق وإنه لم يخلق شيئاً إلا وقد قال له: كن
فيكون، كما قال: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) .
وأنه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله، وأن الأشياء
تكون بمشيئة الله عزّ وجلّ وأن أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن
يفعله الله .
ولا نستغني عن الله، ولا نقدر على الخروج من علم الله عزّ وجلّ وأنه لا خالق إلا الله وأن أعمال العبد مخلوقة لله مقدورة، كما قال: (والله خلقكم وما تعملون) وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون، كما قال: (هل من خالق غير الله) وكما قال: (لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون) وكما قال: (أفمن يخلق كما لا يخلق) ، وكما قال: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)
. وهذا في كتاب الله كثير وأن الله وفق المؤمنين لطاعته، ولطف بهم، ونظر
إليهم، وأصلحهم، وهداهم، وأضل الكافرين، ولم يهدهم، ولم يلطف بهم
بالإيمان، كما زعم أهل الزيغ والطغيان، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا
صالحين، ولو هداهم لكانوا مهتدين، كما قال تبارك وتعالى: (من يهد الله فهو
المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون) وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين، ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين، ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم، وأنه خذلهم وطبع على قلوبهم
وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره، وأنّا نؤمن بقضاء الله وقدره، خيره
وشره، حلوه ومره، ونعلم أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وأن ما أصابنا لم
يكن ليخطئنا، وأن العباد لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء
الله وأنا نلجأ في أمورنا إلى الله، ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه
ونقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن من قال بخلق القرآن فهو كافر
–وندين بأن الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يُرى القمر ليلة
البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة كما قال الله عزّ
وجلّ: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)
وأن موسى عليه السلام سأل الله عزّ وجلّ الرؤية في الدنيا، وأن الله تعالى
تجلى للجبل، فجعله دكاً، فأعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا، ونرى بأن
لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب
يرتكبه كالزنا والسرقة وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم
كافرون ونقول: إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنا والسرقة وما
أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً.
ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيماناً. وندين
بأن الله تعالى يقلب القلوب: ((وأن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عزّ
وجلّ ، وأنه سبحانه يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع)) .
كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف.
وندين بأن لا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنةً ولا
ناراً إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ونرجوا الجنة
للمذنبين، ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
ونقول: إن الله عزّ وجلّ يخرج قوماً من النار بشفاعة محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم التي رواها الثقات عدلاً عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض، وإن الميزان حق،
والصراط حق، والبعث بعد الموت حق وأن الله عزّ وجلّ يوقف العباد في الموقف
ويحاسب المؤمنين وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيحة
في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وندين بحب السلف الذين اختارهم
الله عزّ وجلّ لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونثني عليهم بما أثنى به
عليهم، ونتولاهم أجمعين ونقول: إن الإمام الفاضل بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبو بكر الصديق رضوان الله عليه، وأن الله أعز به الدين وأظهره
على المرتدين وقدمه المسلمون للإمامة كما قدمه رسول الله صلى الله عليه
وسلم للصلاة، وسموه بأجمعهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه وأن الذين قتلوه
قتلوه ظلماً وعدواناً، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهؤلاء الأئمة
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافتهم خلافة النبوة ونشهد بالجنة
للعشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، ونتولى سائر
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونكف عما شجر بينهم. وندين الله بأن
الأئمة الأربعة خلفاء راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم.
ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن ((الرب عزّ وجلّ يقول: هل من سائل، هل من مستغفر))
وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل ونعول فيما
اختلفنا فيه على كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم،
وإجماع المسلمين، وما كان في معناه. ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن
الله بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم ونقول: إن الله عزّ وجلّ يجيء يوم
القيامة كما قال: (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) وأن الله عزّ وجلّ يقرب من
عباده كيف شاء كما قال: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وكما قال: (ثم دنا
فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر
الصلوات والجماعات خلف كل بر وفاجر، كما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما أنه كان يصلي خلف الحجاج وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر
خلافاً لقوله من أنكر ذلك. ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار
بإمامتهم، وتضليل من رأى الخروج عليهم، إذا ظهر منهم ترك الاستقامة وندين
بإنكار الخروج عليهم بالسيف، وترك القتال في الفتنة ونقر بخروج الدجال
كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونؤمن بعذاب القبر
ومنكر ونكير ومساءلتهما المدفونين في قبورهم ونصدق بحديث المعراج
ونصحح كثيراً من الرؤيا في المنام ونقر أن لذلك تفسيراً ونرى الصدقة عن
موتى المسلمين، والدعاء لهم ونؤمن بأن الله ينفعهم بذلك ونصدق بأن في
الدنيا سحراً وسحرة، وأن السحر كائن موجود في الدنيا وندين بالصلاة على من
مات من أهل القبلة برهم وفاجرهم وتوارثهم ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان.
وأن من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل وأن الأرزاق من قبل الله عزّ
وجلّ يرزقها عباده حلالاً وحراماً وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه
ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية، كما قال الله عزّ وجلّ: (الذين
يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) وكما قال: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس)
ونقول: إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله عزّ وجلّ بآيات يظهرها عليهم
وقولنا في أطفال المشركين (إن الله يؤجج لهم في الآخرة ناراً، ثم يقول لهم
اقتحموها) كما جاءت بذلك الرواية
، وندين الله عزّ وجلّ بأنه يعلم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون،
وما كان وما يكون، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون وبطاعة الأئمة
ونصيحة المسلمين، ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعته ومجانبة أهل الأهواء:
وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي منه مما لم نذكره باباً باباً وشيئاً
شيئاً إن شاء الله تعالى.
ونجد الأشعري قد أكد أيضاً تلك الأمور في كتابه: (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) وفي بيانه لاعتقاد أصحاب الحديث.
وقد رغبت أن أثبتها كما جاءت في الكتاب القيم تتميماً للفائدة
وتأكيداً لكلامه في الإبانة وأن مصدر هذين الكتابين هو الأشعري رحمه الله
تعالى.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin