العقيدة هي ما يعتقده الشخص في قرارة نفسه ويعقد العزم عليه ويراه صحيحاً سواء أكان صحيحاً في حقيقة الأمر أم باطلاً.
ومن هنا فإن عقيدة السلف التي يعتقدونها في قرارة أنفسهم وقد عقدوا
العزم على العمل بها هي جملة ما أخذوه عن كتاب الله وسنة نبيه وهو
الاعتقاد الصحيح والواقع الحق الذي لا يزيغ عنه إلا هالك بخلاف عقائد
غيرهم الذين خلطوا بعلم الكلام وآراء الفلاسفة فجاءت نتاجاً مشوهاً خصوصاً
في ما يتعلق بأسماء الله وصفاته وبعضهم لم يقف عند هذا الحد بل تعدى هذا
الخطأ إلى أخطاء أخرى تتعلق بالنبوات وبالسمعيات بسبب تأثرهم بالأفكار
المنحرفة فإذا بعقائدهم تقوم على خليط من الآراء والأفكار المنحرفة بأدلة
متنوعة إما من القرآن الكريم الذي حرفوا معانيه وأولوها لتوافق أهواءهم أو
من السنة النبوية التي لا يميزون في قبولها بين الصحيح والضعيف والمكذوب
وغيره سواء أكان بسند أم بغير سند ولا يهمهم من الراوي إلا أن يكون على
وفق معتقدهم أو من المكاشفات التي يزعمون أن الله يخاطبهم بها أو من
الأحلام المنامية أو من التقائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لا
مناماً كما يدعون كذباً وزوراً أو من العلم اللدني الذي يقذفه الله في
قلوبهم كما يدعون أو من الخرافات والأساطير التي لا تصلح إلا في سمر
العجائز بالليل لأن تلك كلها في ميزان السلف أمور مرفوضة لانقطاع التشريع
بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبق في مفهوم السلف إلا الاجتهاد حول
فهم النصوص واستخراج الحق منها.
وقد ذكر بعض العلماء أن أهل الأهواء إزاء السنة النبوية ينقسمون إلى فريقين:
فريق لا يتورع عن ردها وإنكارها إذا خالفت مذهبه وما ألفه من أقوال وأفعال ثم يختلق لردها شتى الأعذار الباطلة.
ومنهم فريق آخر يثبتون السنة في ظاهرهم ويعتقدون بصحة النصوص ولكنهم
يشتغلون بتأويلها إلى ما يوافق هواهم وينصر معتقداتهم وهؤلاء الحقيقة
ماكرون فإن عملهم هذا هو رد للسنة ولكنه بطريق قد تخفى على غير طلاب
العلم.
وأحياناً يضرب هؤلاء بالنصوص جانباً بحجة أنها متعارضة مع أنه في
الواقع لا يوجد بين النصوص الصحيحة أي تعارض إذا تبين الناسخ والمنسوخ
والمتقدم والمتأخر منها فإن لم يتبين ذلك فإنه يمكن الجمع بينها ولا محالة
إلا إذا كانت أحاديث موضوعة وصحيحة فحينئذٍ طريقة أهل السنة أنه لا تعارض
بين الصحيح والموضوع إذ لا قيمة للموضوع وشبهه إزاء الصحيح لأن عدم فهم
النصوص هو الذي أدى إلى تفرق الأمة وسفك دماء بعضهم بعضاً وما نشأ عنه من
الاستكبار والبغي والعدوان واستحكام العداوات وكل هذا لا تحتمله الشريعة
الإسلامية التي تركنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ليلها كنهارها لا
يزيغ عنها إلا هالك.
إن منهج السلف في مسائل الاعتقاد والاستدلال لها يقوم على إيمانهم
بكل ما ثبت دليله من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
إيماناً راسخاً ظاهراً وباطناً.
سواء كان ذلك الأمر الذي يعتقدونه من الأمور الغيبية كالإيمان بكل ما
أخبر الله به أو أخبر عنه رسوله بأنه قد وقع كالإيمان بخلق الله لآدم من
طين وخلق زوجه منه وإهباط الله لهما إلى الأرض بسبب معصيتهما ثم توبة الله
عليهما وإنزال الكتب وإرسال الرسل وجميع ما جاء بإثباته النص في سائر
الأمور التي قد وقعت من قبلنا أو كان من الأمور التي أخبر الله ورسوله
أنها ستقع كالإيمان باليوم الآخر وما يقع فيه من الثواب والعقاب في الحساب
والجنة والنار وما فيهما وغير ذلك من أمور العالم الآخر أو كان من الأمور
التي تقع في الدنيا التي جاء النص بوقوعها فيها قبل يوم القيامة مثل ما
أشار إليه الله في القرآن الكريم أو أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
مثل موقعة بدر وفتح مكة وظهور الدجال ونزول المسيح وغير ذلك.
وبصفة عامة الإيمان بكل الأخبار الغيبية التي وقعت أو التي ستقع على
حد سواء هي مزية عظيمة تدل على قوة إيمانهم وطمأنينة نفوسهم غير متأولين
بعقولهم لرد النصوص كما تفعل الفرق الباطلة الذين لا يؤمنون إلا بما تراه
عقولهم مقدمينها على النصوص كالمعتزلة وغيرهم غير ناظرين إلى نقص العقول
عن إدراك المغيبات عنها واضطرابها في معرفة الحقائق حينما لا تستند إلى
النصوص الشرعية وإلى الوحي الإلهي الذي يخرج الله به من يشاء من الظلمات
إلى النور لأن السلف يعلمون تمام العلم أن الدين لا يؤخذ إلا من مصدره
ومصدره الشرع الشريف وليس العقول ومختلف الآراء القاصرة.
ويعلمون كذلك أنه من الحمق والغباء والضلال البعيد أن يتركوا الطرق الواضحة البينة إلى الطرق المظلمة المحفوفة بالمخاطر.
وأن الطريق الواضح هو ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
عن ربه تاماً كاملاً الذي لا يقبل الله ديناً سواه {اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} وقوله : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} .
ولقد جعلوا هذه الآية هي أساس منهجهم وأبرز صفاتهم فكانوا المثل الأول
في التسليم لنصوص الشرع لاعتقادهم أن التسليم هو الطريق الذي فيه النجاة
وأنه ثمرة الإيمان الحقيقي لحب الله له والثناء على أهله وقد تواصى السلف
بالتزام ذلك قولاً وعملاً وصرحوا به ورغبوا فيه الناس نصحاً منهم لله
ولرسوله ولعامة المسلمين لمعرفتهم أنه أساس بناء الإسلام لأن من لم يسلم
للشرع أمره سلمه إلى الشيطان والبدع والخرافات وشاق الله ورسوله وخالف
سبيل المؤمنين وحال المخالفين أقوى شاهد على ما هم فيه من التخبط
والاضطراب والضعف.
وهكذا نجد أن منهج أهل السنة في تقرير العقيدة يتمثل في الأمور التالية :
1- التمسك بالكتاب والسنة وعدم التفريق بينهما وتحكيمهما والعمل بهما
في كل ما يعرض لهم من قضايا العبادة وغيرها دون رد أو تأويل سواء كانت
الأخبار الواردة عن الرسول متواترة أو آحاداً لا فرق فيها بعد صحتها
وثبوتها إذ التفريق بينهما إنما هو من سمات أهل البدع.
2- العمل بما ورد عن الصحابة في قضايا العقيدة والدين وغيرهما والسير على نهجهم وسننهم لأنهم أعرف بالحق من غيرهم.
3- الوقوف عند مفاهيم النصوص وفهم دلالاتها وعدم الخوض فيما لا مجال
للعقل فيه مع الاستفادة من دلالة العقل في حدوده وعدم الخوض فيها
بالتأويلات الباطلة.
4- الإعراض عن البدع وعن أهلها فلا يجالسونهم ولا يسمعون كلامهم ولا
شبههم بل يحذرون منهم أشد تحذير خصوصاً من عرف منهم بعناده واتباعه الهوى.
5- لزوم جماعة المسلمين ونبذ التفرق والتحذير منه.
هذا هو منهجهم وكان لهذا المنهج مزايا قيمة من أهمها:
1- أن هذا المنهج هو ما دل عليه كتاب الله تعالى ودلت عليه سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ودل عليه عمل الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
2- أن هذا المنهج الذي ساروا عليه كان من أقوى أسباب بقاء عقيدتهم
صافية نقية لا تشوبها شوائب الضلال وهي نعمة من الله عليهم لما علمه من
حسن نياتهم وصدق عزائمهم.
أما أدلتهم على وجوب لزوم ذلك المنهج فهو ما نعرض بعضه فيما يلي :
استدلال أهل السنة على وجوب التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويشتمل على مبحثين هما:
1- استدلالهم من القرآن الكريم:
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على وجوب التمسك بالقرآن الكريم
وأنه لا يخرج عنه مؤمن وأن الدين لا يؤخذ إلا منه ومن سنة نبيه المصطفى
صلى الله عليه وسلم فمن زاغ عنهما خرج إلى الضلالة وفارق هدى الإسلام ومن
تلك الآيات البينات:
- قوله تعالى : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} .
- وقوله تعالى : {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} .
- وقوله تعالى : {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} .
- وقوله تعالى : {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون}
. وهذه الآيات واضحة الدلالة على أن الهدى كله في كتاب الله تعالى وفي هدي
نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن الواجب على كل مسلم الانقياد والإذعان
والتسليم التام دون أي تردد أو شك وذلك لأن كل أمر بان رشده لا يتردد
العاقل في قبوله والاعتماد عليه.
2- استدلالهم من السنة النبوية:
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة يحث فيها على وجوب التمسك بكتاب الله تعالى وأن من فارقه فلا حظ له من الإسلام.
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" .
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو مرعوب فقال أطيعوني ما كنت بين أظهركم وعليكم بكتاب الله
أحلوا حلاله وحرموا حرامه .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال إن هذا القرآن شافع مشفع من
اتبعه قاده إلى الجنة ومن تركه أو أعرض عنه (أو كلمة نحوها) زج في قفاه
إلى النار .
- وجاء في موعظة الرسول صلى الله عليه وسلم بغدير خم قوله : "أما بعد
ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم
ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"
ثم قال : "وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي
أذكركم الله في أهل بيتي" وفي رواية أخرى "كتاب الله وسنتي".
- ومن حديث يرويه العرباض بن ساريه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : "وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ
وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" .
- وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن
مثلي ومثل ما بعثني به مثل رجل أتى قومه فقال إني رأيت جيشاً بعيني وإني
النذير العريان فالنجاة فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم
فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا على مكانتهم فصبحهم الجيش واستباحهم فذلك
مثلي ومثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من
الحق" .
- وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رغب عن سنتي فليس مني" .
والأحاديث في هذا كثيرة كلها تؤكد وجوب التمسك والعمل بكتاب الله تعالى وأنه هو الصراط المستقيم الذي أوله في الدنيا وآخره في الجنة.
ومن هنا فإن عقيدة السلف التي يعتقدونها في قرارة أنفسهم وقد عقدوا
العزم على العمل بها هي جملة ما أخذوه عن كتاب الله وسنة نبيه وهو
الاعتقاد الصحيح والواقع الحق الذي لا يزيغ عنه إلا هالك بخلاف عقائد
غيرهم الذين خلطوا بعلم الكلام وآراء الفلاسفة فجاءت نتاجاً مشوهاً خصوصاً
في ما يتعلق بأسماء الله وصفاته وبعضهم لم يقف عند هذا الحد بل تعدى هذا
الخطأ إلى أخطاء أخرى تتعلق بالنبوات وبالسمعيات بسبب تأثرهم بالأفكار
المنحرفة فإذا بعقائدهم تقوم على خليط من الآراء والأفكار المنحرفة بأدلة
متنوعة إما من القرآن الكريم الذي حرفوا معانيه وأولوها لتوافق أهواءهم أو
من السنة النبوية التي لا يميزون في قبولها بين الصحيح والضعيف والمكذوب
وغيره سواء أكان بسند أم بغير سند ولا يهمهم من الراوي إلا أن يكون على
وفق معتقدهم أو من المكاشفات التي يزعمون أن الله يخاطبهم بها أو من
الأحلام المنامية أو من التقائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لا
مناماً كما يدعون كذباً وزوراً أو من العلم اللدني الذي يقذفه الله في
قلوبهم كما يدعون أو من الخرافات والأساطير التي لا تصلح إلا في سمر
العجائز بالليل لأن تلك كلها في ميزان السلف أمور مرفوضة لانقطاع التشريع
بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبق في مفهوم السلف إلا الاجتهاد حول
فهم النصوص واستخراج الحق منها.
وقد ذكر بعض العلماء أن أهل الأهواء إزاء السنة النبوية ينقسمون إلى فريقين:
فريق لا يتورع عن ردها وإنكارها إذا خالفت مذهبه وما ألفه من أقوال وأفعال ثم يختلق لردها شتى الأعذار الباطلة.
ومنهم فريق آخر يثبتون السنة في ظاهرهم ويعتقدون بصحة النصوص ولكنهم
يشتغلون بتأويلها إلى ما يوافق هواهم وينصر معتقداتهم وهؤلاء الحقيقة
ماكرون فإن عملهم هذا هو رد للسنة ولكنه بطريق قد تخفى على غير طلاب
العلم.
وأحياناً يضرب هؤلاء بالنصوص جانباً بحجة أنها متعارضة مع أنه في
الواقع لا يوجد بين النصوص الصحيحة أي تعارض إذا تبين الناسخ والمنسوخ
والمتقدم والمتأخر منها فإن لم يتبين ذلك فإنه يمكن الجمع بينها ولا محالة
إلا إذا كانت أحاديث موضوعة وصحيحة فحينئذٍ طريقة أهل السنة أنه لا تعارض
بين الصحيح والموضوع إذ لا قيمة للموضوع وشبهه إزاء الصحيح لأن عدم فهم
النصوص هو الذي أدى إلى تفرق الأمة وسفك دماء بعضهم بعضاً وما نشأ عنه من
الاستكبار والبغي والعدوان واستحكام العداوات وكل هذا لا تحتمله الشريعة
الإسلامية التي تركنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ليلها كنهارها لا
يزيغ عنها إلا هالك.
إن منهج السلف في مسائل الاعتقاد والاستدلال لها يقوم على إيمانهم
بكل ما ثبت دليله من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
إيماناً راسخاً ظاهراً وباطناً.
سواء كان ذلك الأمر الذي يعتقدونه من الأمور الغيبية كالإيمان بكل ما
أخبر الله به أو أخبر عنه رسوله بأنه قد وقع كالإيمان بخلق الله لآدم من
طين وخلق زوجه منه وإهباط الله لهما إلى الأرض بسبب معصيتهما ثم توبة الله
عليهما وإنزال الكتب وإرسال الرسل وجميع ما جاء بإثباته النص في سائر
الأمور التي قد وقعت من قبلنا أو كان من الأمور التي أخبر الله ورسوله
أنها ستقع كالإيمان باليوم الآخر وما يقع فيه من الثواب والعقاب في الحساب
والجنة والنار وما فيهما وغير ذلك من أمور العالم الآخر أو كان من الأمور
التي تقع في الدنيا التي جاء النص بوقوعها فيها قبل يوم القيامة مثل ما
أشار إليه الله في القرآن الكريم أو أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
مثل موقعة بدر وفتح مكة وظهور الدجال ونزول المسيح وغير ذلك.
وبصفة عامة الإيمان بكل الأخبار الغيبية التي وقعت أو التي ستقع على
حد سواء هي مزية عظيمة تدل على قوة إيمانهم وطمأنينة نفوسهم غير متأولين
بعقولهم لرد النصوص كما تفعل الفرق الباطلة الذين لا يؤمنون إلا بما تراه
عقولهم مقدمينها على النصوص كالمعتزلة وغيرهم غير ناظرين إلى نقص العقول
عن إدراك المغيبات عنها واضطرابها في معرفة الحقائق حينما لا تستند إلى
النصوص الشرعية وإلى الوحي الإلهي الذي يخرج الله به من يشاء من الظلمات
إلى النور لأن السلف يعلمون تمام العلم أن الدين لا يؤخذ إلا من مصدره
ومصدره الشرع الشريف وليس العقول ومختلف الآراء القاصرة.
ويعلمون كذلك أنه من الحمق والغباء والضلال البعيد أن يتركوا الطرق الواضحة البينة إلى الطرق المظلمة المحفوفة بالمخاطر.
وأن الطريق الواضح هو ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
عن ربه تاماً كاملاً الذي لا يقبل الله ديناً سواه {اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} وقوله : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} .
ولقد جعلوا هذه الآية هي أساس منهجهم وأبرز صفاتهم فكانوا المثل الأول
في التسليم لنصوص الشرع لاعتقادهم أن التسليم هو الطريق الذي فيه النجاة
وأنه ثمرة الإيمان الحقيقي لحب الله له والثناء على أهله وقد تواصى السلف
بالتزام ذلك قولاً وعملاً وصرحوا به ورغبوا فيه الناس نصحاً منهم لله
ولرسوله ولعامة المسلمين لمعرفتهم أنه أساس بناء الإسلام لأن من لم يسلم
للشرع أمره سلمه إلى الشيطان والبدع والخرافات وشاق الله ورسوله وخالف
سبيل المؤمنين وحال المخالفين أقوى شاهد على ما هم فيه من التخبط
والاضطراب والضعف.
وهكذا نجد أن منهج أهل السنة في تقرير العقيدة يتمثل في الأمور التالية :
1- التمسك بالكتاب والسنة وعدم التفريق بينهما وتحكيمهما والعمل بهما
في كل ما يعرض لهم من قضايا العبادة وغيرها دون رد أو تأويل سواء كانت
الأخبار الواردة عن الرسول متواترة أو آحاداً لا فرق فيها بعد صحتها
وثبوتها إذ التفريق بينهما إنما هو من سمات أهل البدع.
2- العمل بما ورد عن الصحابة في قضايا العقيدة والدين وغيرهما والسير على نهجهم وسننهم لأنهم أعرف بالحق من غيرهم.
3- الوقوف عند مفاهيم النصوص وفهم دلالاتها وعدم الخوض فيما لا مجال
للعقل فيه مع الاستفادة من دلالة العقل في حدوده وعدم الخوض فيها
بالتأويلات الباطلة.
4- الإعراض عن البدع وعن أهلها فلا يجالسونهم ولا يسمعون كلامهم ولا
شبههم بل يحذرون منهم أشد تحذير خصوصاً من عرف منهم بعناده واتباعه الهوى.
5- لزوم جماعة المسلمين ونبذ التفرق والتحذير منه.
هذا هو منهجهم وكان لهذا المنهج مزايا قيمة من أهمها:
1- أن هذا المنهج هو ما دل عليه كتاب الله تعالى ودلت عليه سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ودل عليه عمل الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
2- أن هذا المنهج الذي ساروا عليه كان من أقوى أسباب بقاء عقيدتهم
صافية نقية لا تشوبها شوائب الضلال وهي نعمة من الله عليهم لما علمه من
حسن نياتهم وصدق عزائمهم.
أما أدلتهم على وجوب لزوم ذلك المنهج فهو ما نعرض بعضه فيما يلي :
استدلال أهل السنة على وجوب التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويشتمل على مبحثين هما:
1- استدلالهم من القرآن الكريم:
وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على وجوب التمسك بالقرآن الكريم
وأنه لا يخرج عنه مؤمن وأن الدين لا يؤخذ إلا منه ومن سنة نبيه المصطفى
صلى الله عليه وسلم فمن زاغ عنهما خرج إلى الضلالة وفارق هدى الإسلام ومن
تلك الآيات البينات:
- قوله تعالى : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} .
- وقوله تعالى : {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} .
- وقوله تعالى : {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} .
- وقوله تعالى : {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون}
. وهذه الآيات واضحة الدلالة على أن الهدى كله في كتاب الله تعالى وفي هدي
نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن الواجب على كل مسلم الانقياد والإذعان
والتسليم التام دون أي تردد أو شك وذلك لأن كل أمر بان رشده لا يتردد
العاقل في قبوله والاعتماد عليه.
2- استدلالهم من السنة النبوية:
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة يحث فيها على وجوب التمسك بكتاب الله تعالى وأن من فارقه فلا حظ له من الإسلام.
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" .
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو مرعوب فقال أطيعوني ما كنت بين أظهركم وعليكم بكتاب الله
أحلوا حلاله وحرموا حرامه .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال إن هذا القرآن شافع مشفع من
اتبعه قاده إلى الجنة ومن تركه أو أعرض عنه (أو كلمة نحوها) زج في قفاه
إلى النار .
- وجاء في موعظة الرسول صلى الله عليه وسلم بغدير خم قوله : "أما بعد
ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم
ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"
ثم قال : "وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي
أذكركم الله في أهل بيتي" وفي رواية أخرى "كتاب الله وسنتي".
- ومن حديث يرويه العرباض بن ساريه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : "وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ
وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" .
- وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن
مثلي ومثل ما بعثني به مثل رجل أتى قومه فقال إني رأيت جيشاً بعيني وإني
النذير العريان فالنجاة فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم
فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا على مكانتهم فصبحهم الجيش واستباحهم فذلك
مثلي ومثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من
الحق" .
- وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رغب عن سنتي فليس مني" .
والأحاديث في هذا كثيرة كلها تؤكد وجوب التمسك والعمل بكتاب الله تعالى وأنه هو الصراط المستقيم الذي أوله في الدنيا وآخره في الجنة.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin