صلاح الدين الأيوبي
فارس نبيل وبطل شجاع
عرف
في كتب التاريخ في الشرق والغرب بأنه فارس نبيل وبطل شجاع وقائد من
أفضل من عرفتهم البشرية وشهد بأخلاقه أعداؤه من الصليبيين قبل أصدقائه
وكاتبوا سيرته، إنه نموذج فذ لشخصية عملاقة من صنع الإسلام، إنه البطل
صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الصليبيين وبطل معركة حطين.
فإلى سيرته ومواقف من حياته كما يرويها
صاحب وفيات الأعيان أحمد بن خلكان، والقاضي بهاء الدين بن شداد صاحب
كتاب "سيرة صلاح الدين" وبن الأثير في كتابه "الكامل".
نسبه ونشأته
هو أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي
الملقب بالملك الناصر صلاح الدين.
اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من
(دوين) وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد روادية، والروادية بطن من
الهذبانية، وهي قبيلة كبيرة من الأكراد.
يقول أحمد بن خلكان: قال لي رجل فقيه
عارف بما يقول وهو من أهل دوين إن على باب دوين قرية يقال لها
(أجدانقان) وجميع أهلها أكراد روادية وكان شاذي ـ جد صلاح الدين ـ قد
أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن
هناك نزلوا تكريت ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.
ولد
صلاح الدين سنة 532هـ بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها والظاهر أنهم
ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من
تكريت في بقية سنة 532هـ التي ولد فيها صلاح الدين أو في سنة ثلاث
وثلاثين لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي بالموصل ثم لما حاصر دمشق
وبعدها بعلبك وأخذها رتب فيها نجم الدين أيوب وذلك في أوائل سنة أربع
وثلاثين.
يقول
بن خلكان: أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت
فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد
فيها صلاح الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة
وما تعلمون فكان كما قال والله أعلم.
ولم
يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن
عماد الدين زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين
وكانت مخايل السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة ونور
الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف
والاجتهاد في أمور الجهاد.
صلاح الدين في مصر
هرب الوزير الفاطمي شاور من مصر من
الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما
استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة كعادتهم في ذلك
وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك
العادل نور الدين بن زنكي وذلك في شهر رمضان 558هـ ودخل دمشق في الثالث
والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه الأمير أسد
الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في
خدمة عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش
هدفان:
أحدهما:
قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا.
والثاني: أنه أراد استعلام أحوال مصر
فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال
فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
وكان كثير الاعتماد
على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد الدين
شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق في
جمادى الأولى سنة 559هـ فدخلوا مصر واستولوا على الأمر في رجب من السنة
نفسها.
ولما وصل أسد الدين وشاور إلى الديار
المصرية واستولوا عليها وقتلوا الضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى
منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد
بالإفرنج عليه فحاصروه في بلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف
أحوالها وأنها مملكة بغير رجال تمشي الأمور فيها بمجرد الإيهام والمحال
فطمع فيها وعاد إلى الشام، وأقام أسد الدين بالشام مدة مفكرا في تدبير
عودته إلى مصر محدثا نفسه بالملك لها مقررا قواعد ذلك مع نور الدين إلى
سنة 562هـ
وبلغ نور الدين وأسد الدين مكاتبة
الوزير الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها
ويملكوا بطريقها جميع البلاد فتجهز أسد الدين وأنفذ معه نور الدين
العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى
البلاد مقارنا لوصول الإفرنج إليها واتفق شاور والمصريون بأسرهم
والإفرنج على أسد الدين وجرت حروب كثيرة.
وتوجه صلاح الدين إلى
الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة
562هـ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين
المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام.
ثم إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة
وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر
ناكثين العهود مع المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما بلغ ذلك أسد
الدين ونور الدين لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين
فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه خوفا على البلاد من الإفرنج،
وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله
يقول بن شداد: لقد قال
لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه
الدفعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا معنى قوله تعالى
{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
(البقرة:216)
وكان
شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين يستصرخه
ويستنجده فخرج مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ
ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها
رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور
في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل
إليهم شيئا وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى،وتحقق
أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على
القبض عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين وزيرا وذلك في سابع
عشر ربيع الأول سنة 564هـ ودام آمرا وناهيا و صلاح الدين يباشر الأمور
مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني
والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين.
وذكر
المؤرخون أن أسد الدين لما مات استقرت الأمور بعده للسلطان صلاح الدين
يوسف بن أيوب فبذل الأموال وملك قلوب الرجال وهانت عنده الدنيا فملكها
وشكر نعمة الله تعالى عليه، وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص بقميص الجد
والاجتهاد، استعدادا لمواجهات مستمرة مع الصليبيين من جهة ومع خزعبلات
الدولة الفاطمية من جهة أخرى.
هجوم
الإفرنج على مصر
ولما علم الإفرنج استقرار الأمر بمصر
لصلاح الدين علموا أنه يملك بلادهم ويخرب ديارهم ويقلع آثارهم لما حدث
له من القوة والملك واجتمع الإفرنج والروم جميعا وقصدوا الديار المصرية
فقصدوا دمياط ومعهم آلات الحصار وما يحتاجون إليه من العدد، ولما رأى
نور الدين ظهور الإفرنج ونزولهم على دمياط قصد شغلهم عنها فنزل على
الكرك محاصرا لها، فقصده فرنج الساحل فرحل عنها وقصد لقاءهم فلم يقفوا
له.
ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط
استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن
نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره
في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم
الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل ونصر الله تعالى المسلمين به
وبحسن تدبيره فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من
رجالهم عدد كبير.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin