شخصية البطل
الإسلامي
صلاح الدين
الأيوبي في ذكراها الثمانمئة
بقلم الأستاذ: نجيب المعاذ
كانت تحكم المجتمع الإسلامي قبيل ظهور صلاح الدين الأيوبي
في القرنين الخامس والسادس الهجريين، الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، قوى مختلفة
متناقضة، بل ومتصارعة من أجل البقاء،أو السيطرة على البلاد المجاورة.
ففي مصر كانت الخلافة الفاطمية، وفي بغداد كانت الخلافة
العباسية، إضافة إلى المنازعات السياسية والمذهبية بين القوتين، وكانت كل منهما
تحمل عوامل ضعفها في نفسها، لما يدور بينها وبين القوى المحلية الأخرى من منازعات.
ففي بغداد مثلاً، كانت الخلافة العباسية تناضل من أجل
الإبقاء على كيانها ضد السلاجقة الأتراك، وتخوض حتى عام 555هـ/1160م (يوم فرض
أرطغرل سلطته على الخلافة العباسية)، صراعاً عنيفاً حفاظاً على ما بقي من سلطانها،
وإحياء لمصالحها المفقودة.
وفي القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية، كان الفاطميون يرون
في بلاد الشام امتداداً طبيعياً لمصر، ولهم أن يسيطروا عليها ويضموها لها، في
الوقت الذي كانت فيه قوى الصليبيين الفرنجة تنتهز الفرص الملائمة لتوقع بهما
ولتؤسس لها ملكاً على أنقاضهما.
في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي سادت البلاد من
اختلاف وفرقة وتمزق، توجهت أنظار الصليبيين الفرنجة نحو بلاد الشام لكسب مغانم
مختلفة، منها أنهم وجدوا في فلسطين مركزاً هاماً لتحقيق المكاسب: منها دينية،
ففلسطين تمثل منبت النصرانية، ومنها اقتصادية، فبلاد الشام كانت تمثل الطريق
التجاري الذي يربط أوربا بالعالم الشرقي، إضافة إلى أن بلاد الشام تمثل لهم بلد
الغنى والجمال الذي يحقق لكثير من الفقراء والإقطاعيين على السواء في أوربة
المغانم الكثيرة(كما قال المؤرخ الفرنسي شاميدور) بينما تقدم آخرون فراراً من
رتابة حياتهم اليومية، أو حباً في المغامرة.
ورفع كلا الطرفين المتنازعين الفرنجة الغزاة، والمسلمون
شعار (الجهاد في سبيل الله) ما دام ذلك الشعار يحقق لهم الأهداف التي يصبون إليها،
لا سيما أن الدين كان الإطار العام للحياة بجميع مظاهرها في العصور الوسطى.
تقدم الصليبيون إلى بلاد الشام فوصلوا إليها عام
489هـ/1096م، وكانت آنئذ أوصالاً مفككة بين الفاطميين والأتابكة الزنكيين، وغيرهما
من القوى المحلية الأخرى، وتمكنوا من الاستيلاء على طرسوس (مدينة صغيرة غربي خليج
اسكندرون) والرها (أورفة)، ثم احتلوا أنطاكية عام 492هـ/1099م، وفي نفس العام
استولوا على القدس، وأعملوا في أهلها الذبح والقتل بالجملة (طبقاً لما ورد في
المصادر العربية والأجنبية على السواء مثل الدويهي في تاريخ الأزمنة وشاميدور).
وقد أدى ذلك إلى إثارة روح التحدي لدى العالم الإسلامي،
وقد أوضح هذا المفهوم(المؤرخ برنارد لويس في كتابه الغرب والشرق الأوسط) بقوله:
جاء الصليبيون يحملون معهم تراثاً ضخماً من الشك والتعصب أثروا فيه على العرب
المسيحيين، وعلاقتهم بجيرانهم المسلمين، وأضعفوا الوثيق من الصلات التي كانت قائمة
بينهم قبل قيام الحروب الصليبية) انتهى قول لويس.
إلا أن ضعف المسلمين وتفوقهم لم يدم طويلاً بفضل ما تمخضت
عنه يقظتهم في هذه المنطقة، وظهور قادة مخلصين أكفاء، تمكنوا من استغلال الظروف
السياسية التي كانت تسود المنطقة في مدة لا تتجاوز نصف قرن، وكان من أولئك الرجال
عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين محمود، وأخيراً صلاح الدين يوسف، الذي تمكن من
توحيد الشام وبلاد الجزيرة ومصر، وامتدت سلطته من دجلة إلى النيل.
في هذه الظروف التي اكتنفها التعقيد السياسي، الذي كان أن
يصل إلى شفير الفوضى برز صلاح الدين الأيوبي؛ الذي يشكل عهده أكثر من حادثة عابرة
في تاريخ العصور الوسطى، فهو كما وصفه المؤرخ هاملتون جب( يمثل إحدى تلك اللحظات
النادرة والمثيرة في التاريخ البشري).
والسؤال الآن: هل الظروف السائدة هي التي خلقت صلاح
الدين؟ أم طموحه الشخصي وحبه للجهاد والفتح هو الذي دفعه إلى الجهاد؟ وهل كانت
سياسته هذه نابعة من عقيدته؟ أم أملتها عليه الظروف المواتية؟ وهل كان صلاح الدين
في سياسته مقلداً لنور الدين أم مبتكراً؟ وإذا كان مبتكراً فما الابتكارات التي
جاء بها؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة نستعرض حياة صلاح الدين منذ
مولده حتى إسقاطه الدولة الفاطمية في مصر، وتوجهه نحو الشام سنة 570هـ/1174م، ثم نوضح
معالم شخصيته من خلال بعض أعماله.
ينتسب صلاح الدين يوسف للأسرة الأيوبية،وتعود هذه الأسرة –كما
هو ظاهر من تسميتها- إلى أيوب بن شاذى، وأصل هذه الأسرة من الأكراد الروادية.
دخلت الأسرة الأيوبية كنف الحياة العربية الإسلامية في
بغداد وتكريت وبعلبك ودمشق، وترعرعت بينها وتثقفت بالثقافة العربية الإسلامية في
وقت كان شعار الحياة العامة الدين" كما سبق وقلنا" والدين الإسلامي يجمع
بين القوميات المختلفة برباط الأخوة، "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" "ولا فضل لعربي على أعجمي إلا
بالتقوى" .
أما نقطة البداية في مساهمة هذه الأسرة في حوادث التاريخ
العربي الإسلامي، فكانت بعد مفارقتهم بلدتهم( دوين) حيث منح بهروز حاكم بغداد قلعة
تكريت لجد الأسرة شاذي إكراماً لصداقتهما، ثم ولى بهروز نجم الدين أيوب بن شاذي –والد
صلاح الدين- حاكماً لقلعة تكريت عام 525هـ/1130م، ولكن حدث أن قتل أسد الدين
شيركوه أخو نجم الدين أحد مماليك بهروز، فخرجت أسرة الأخوين مولية شطر الموصل, حيث
يقيم زنكي (أتابك، الرجل الذي أكرم مثواهما عرفاناً بمساعدة كانا قدماها له إبان
خلافه مع بهروز).
وفي الليلة التي غادر فيها نجم الدين تكريت، ولد له يوسف
صلاح الدين، فحمله معه إلى الموصل عام 531هـ/1137م، وقضى يوسف صلاح الدين طفولته
الأولى مع أبيه والي بعلبك، وكان يسمع عن اعتداءات الصليبيين على البلاد فتؤثر في
نفسه، ولما صار له من العمر أربع عشرة سنة أقطعه نور الدين إقطاعاً حسناً، ومنذ
ذلك الوقت أصبحت له مكانة خاصة، وظهرت حظوته لدى السلطان نور الدين.
وبعد أن تولى أبوه ولاية بعلبك،بدأ صلاح الدين يتلقى
العلوم الإسلامية، وفنون القتال ولقي من الرعاية والاهتمام –باعتباره ابن والي
المدينة – ما لا يلقاه أبناء أواسط الناس، فدرس القرآن والحديث والفقه وغيره من
العلوم على يد كبار العلماء كالشيخ قطب الدين النيسابوري مثلاً، إضافة إلى تردده
على دور العلم وتلقي الدروس العلمية على يد والده نجم الدين أيوب، وعمه أسد الدين
شيركوه، والسلطان نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي، الذين كانوا ممن تحدث عنهم
التاريخ باعتزاز.
ولم يكن صلاح الدين مقلداً لهم تقليداً كاملاً، كما أنه
لم يكن مبدعاً كل الإبداع بل جمع بين الأصالة والتقليد بأسلوب جديد يتلاءم مع عصره
الجديد، ولو لم يكن تعبيره صادقاً مع نفسه ومتماشياً مع روح عصره لما تمكن من
الوصول إلى القيادة ولما حقق النصر على الأعداء، مما جعل الشعراء يمتدحونه، خاصة عندما
حافظ على النظام وأظهر حسن السياسة يوم تولى رئاسة شرطة دمشق عام 560هـ/1165م ولم
يكن له من العمر إلا اثنين
وعشرين عاماً.
وكان صلاح الدين يتردد على الفقيه العالم ابن عساكر
الدمشقي، وصادق ابن سبط الجوزي القابقي، وبذلك جمع بين أساتذة الفقه والتاريخ
والحديث والسياسة وقيادة العسكر، فتخرج على أيدي أولئك الأساتذة والقادة سلطاناً
للمسلمين, بعد أن ساعدته الظروف السيئة للبلاد, وعرف كيف يستغل تلك الظروف, فلم ينازعه
أحد مدة عشرين عاماً تقريباً.
وفي عام 558هت/1163م اتخذ أمورى الأول حاكم بيت المقدس الفرنجي
مسألة امتناع الفاطميين عن دفع الجزية له, ذريعة لغزو مصر مستغلاً ظروفها القلقة,
والصراع بين الوزراء، وضعف الخليفة الفاطمي, فقد سيطر ضرغام على الوزارة, وأبعد
شاور عنها: مما دفع الأخير لطلب العون من نور الدين لإعادته للوزارة, وقد رحّب نور
الدين بالعرض الذي يتفق وطموحاته وأهدافه في توحيد الجبهة الإسلامية ضد الخطر
الفرنجي, لاسيما وأن مصر مصدر مهم للطاقة البشرية والموارد الاقتصادية، فأرسل
جيشاً بقيادة صديقه شيركوه, وبرفقته ابن أخيه صلاح الدين, ولما سمع ضرغام بحملة
نور الدين أرسل يطلب العون من أمورى حاكم القدس, إلا أن شيركوه وجيشه سبق قدوم
الصليبيين, والتقى بقوات ضرغام عند أسوار القاهرة, وانتهت بهزيمة ضرغام وإعادة
شاور للوزارة الفاطمية, وبهذا لم يستطع الصليبيون إنقاذ ضرغام.
بعد فترة طلب شاور من شيركوه الخروج من مصر؛ دون أن يفي
بإعطاء ما وعد لنور الدين (وهو ثلث المحصول), إضافة إلى أنه لمس على ما يبدو طمع
الزنكيين, فامتنع شيركوه من الخروج, فما كان من شاور إلا أن طلب النجدة من
الصليبيين, لكنهم أخفقوا في القضاء على قوات شيركوه وصلاح الدين، وما أن عاد صلاح
الدين وعمه إلى الشام حتى أخذا يحرضان نور الدين السيطرة على مصر.
وجاءت الفرصة المناسبة, إذ استنجد الخليفة الفاطمي العاضد
بنور الدين لاستفحال ظلم شاور وتحالفه مع الفرنجة, فخرجت الحملة الثانية على مصر
عام 563هـ/1166م وانتصر شيركوه على القوات المتحالفة, وكان لمهارة صلاح الدين قائد
قلب الجيش أثر في ذلك النصر الذي نجا فيه أمورى بأعجوبة من المعركة, كما تحدث ابن
الوردى وابن الأثير, حتى أن المؤرخ أبا شامة صرّح تعظيماً لذاك الانتصار بقوله:
(وكان هذا من أعجب ما يؤرخ له, أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر وفرنج الساحل).
ورغم اتفاقية الهدنة التي تنص على أن الفرنج لا يقيمون بمصر,
إلا أنهم لم ينسحبوا من مصر كلياً, وذلك بالاتفاق مع شاور, مما دعا الخليفة
الفاطمي العاضد أن يستنجد فيما بعد بنور الدين مرة ثالثة..... وأرسل نور الدين
حملته إلى مصر وكان له الآن أهداف ثلاثة:
1- القضاء على الخلافة الفاطمية. 2-توحيد سورية ومصر.
3-ومتابعة الحرب ضد الصليبيين الفرنجة حتى نهاية...
دخل شيركوه القاهرة عام 564هـ/1166م, وقتل صلاح الدين
شاور، وبمقتل شاور بدأ فصل جديد في العلاقات الأيوبية الفاطمية، لأن العاضد اتخذ
شيركوه وزيراً له, لكن ما لبث شيركوه أن توفي, فحل محله في منصب الوزارة ابن أخيه
صلاح الدين.
وفي عام 567هـ/1171م, وبأمر من نور الدين قطع صلاح الدين
الخطبة للخليفة الفاطمي العاضد, وأقامها للخليفة العباسي المستضيء, وبذلك انتهت
الدولة الفاطمية, وصارت مصر والشام دولة واحدة, ونشأ من هذه الوحدة طاقة مادية
وبشرية, كان لها شأن كبير في دحر الغزاة.
ولقد غالى بعض الكتاب المحدثين في تعليلاتهم للوحشة التي
حدثت بين
نور الدين وصلاح الدين, ومن هذه المبالغات ما
ذكره المؤرخ الفرنسي شاميدور، من أن صلاح الدين كان عازماً على القضاء على نور
الدين, ومنها ما أورده رينتز من أن صلاح الدين لو كان مخلصاً لسيده نور الدين؛
لكانت الإمارات الصليبية قد أسقطت بيد نور الدين في حياته.
ولكن يمكن القول أن نور الدين كان يلح على صلاح الدين
باستخدام قوى مصر لمساندة الشام في الحرب ضد الصليبيين الفرنجة, والواقع أن صلاح
الدين كان أعرف بأحوال مصر, وكان يرى أن تثبيت كيان الدولة الجديدة في مصر أولى من
الانشغال بمسائل الشام بهذه السرعة, ثم إنه كان يخاف ضياع مصر بثورة مضادة والخطر
الصليبي على الأبواب.
ولما استقر صلاح الدين بمنصب الوزارة في مصر, قام بتنفيذ
أعمال عديدة, يمكن من خلالها أن نقول: إنه كان يعد نفسه للقيام بانقلاب شامل في
مصر، وكان أول تلك الأعمال تثبيت مركزه فيها, كما أرسل لأبيه وأخوته يستدعيهم إلى
مصر, فسرهم نور الدين وأمر بطاعته.
وعكف بعدها على التخلص من الأمراء المصريين والعربان
والسودان, وشكل فرقة من الحرس تدعى الصلاحية, وبذلك سيطر على أهم جزء من القطاع
العسكري, وتوجه لحل مشاكل القطاع المدني.. ووجد في حل مشاكلهم الاقتصادية خير وسيلة
لكسبهم, فأبطل المكوس الجائرة التي كانت مفروضة عليهم, ورد عن دمياط هجمة صليبية
بدا صلاح الدين على إثرها للمصريين منقذاً, فالتفوا حوله.
توفي نور الدين عام 569هـ/1174م, وأصبح صلاح الدين
سلطاناً على مصر والشام وأعالي العراق حتى الموصل, وبعد أن خاض مع ورثة نور الدين
وقادته حرباً شديدة مدة عشر سنوات, وفتح بعدها كلاً من برقة وبلاد النوبة واليمن,
وزحف إلى الشام ليتم توحيد مصر والشام والجزيرة، ويتخذ من الشام منطقة عسكرية
لقربها من تحصينات الصليبيين.
وكان صلاح الدين يرى نفسه في هذه المرحلة قائداً للأمة،
يؤيده الناس
ويناصــرونه على
أعدائه المخــالفين له, ونظراً لضيق المجال عن ذكر دخول
بلاد الشام,
اسمحوا لي فقط أن أذكر دخوله حمص, ما دمنا نتحدث في محرابها..
دخل صلاح الدين حمص يوم الثلاثاء 13جمادى الأولى عام 570هـ/
8كانون أول عام 1174م وامتنعت قلعتها عليه, وكانت كما وصفها ابن جبير وقتذاك في
غاية العتاقة والوثاقة، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود, وأبوابها حديد، تكتنفها
الأبراج المشيدة الحصينة, لذلك لم يشأ صلاح الدين الاستمرار في حصارها؛ بل ترك
عليها حامية تحاصرها وتمنع الوصول إليها, ثم عاد إليها بعد أن فتح مدينة حماة
وحاصر حلب, فراسل أميرها (كمشتكين) الصليبين وطلب مساعدتهم، فزحفوا على حمص
وحاصروها؛ مما اضطر صلاح الدين للتوجه إليها، فدخلها وحاصر قلعتها تسعة أيام، حتى
تمكن من فتحها في 17آذار 1175م، وأقطعها لابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه، وهو أبو الملك
المجاهد الذي حكم حمص 55 خمساً وخمسين عاماً.
وفي عام 571هـ/1175م طلب الصليبيون منه الصلح، لاسيما أنه
أصبح الآن سلطاناً على الشام ومصر باعتراف الخليفة.
وبقي صلاح الدين اثنتي عشرة سنة من 570_582هـ/ 1174_1186م
يعمل لتحقيق الوحدة، وإعداد العدة، قبل أن يبدأ بمرحلة التحرير. وقد كسب خلال هذه
المدة محبة جمهور المسلمين وثقتهم، وبذلك بنى صلاح الدين وحدة قوية متينة ارتكزت
على جمهور المسلمين لا على القيادات السياسية بين الأمراء فقط، وتمكن أن ينتصر على
مناوئيه من الأمراء المسلمين لحسن تدبيره السياسي والعسكري، وتمكنه من استغلال
الظروف التي كان يعيشها المجتمع الإسلامي آنذاك، والمناداة بما كان يطمح إليه
جمهور المســــلمين؛ مــــن توحيـــــد الجهــــود ورص القوى لتحرير القدس وســـــائر
البلاد
الإسلامية من
الغزاة الفرنجة.
الإسلامي
صلاح الدين
الأيوبي في ذكراها الثمانمئة
بقلم الأستاذ: نجيب المعاذ
كانت تحكم المجتمع الإسلامي قبيل ظهور صلاح الدين الأيوبي
في القرنين الخامس والسادس الهجريين، الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، قوى مختلفة
متناقضة، بل ومتصارعة من أجل البقاء،أو السيطرة على البلاد المجاورة.
ففي مصر كانت الخلافة الفاطمية، وفي بغداد كانت الخلافة
العباسية، إضافة إلى المنازعات السياسية والمذهبية بين القوتين، وكانت كل منهما
تحمل عوامل ضعفها في نفسها، لما يدور بينها وبين القوى المحلية الأخرى من منازعات.
ففي بغداد مثلاً، كانت الخلافة العباسية تناضل من أجل
الإبقاء على كيانها ضد السلاجقة الأتراك، وتخوض حتى عام 555هـ/1160م (يوم فرض
أرطغرل سلطته على الخلافة العباسية)، صراعاً عنيفاً حفاظاً على ما بقي من سلطانها،
وإحياء لمصالحها المفقودة.
وفي القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية، كان الفاطميون يرون
في بلاد الشام امتداداً طبيعياً لمصر، ولهم أن يسيطروا عليها ويضموها لها، في
الوقت الذي كانت فيه قوى الصليبيين الفرنجة تنتهز الفرص الملائمة لتوقع بهما
ولتؤسس لها ملكاً على أنقاضهما.
في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي سادت البلاد من
اختلاف وفرقة وتمزق، توجهت أنظار الصليبيين الفرنجة نحو بلاد الشام لكسب مغانم
مختلفة، منها أنهم وجدوا في فلسطين مركزاً هاماً لتحقيق المكاسب: منها دينية،
ففلسطين تمثل منبت النصرانية، ومنها اقتصادية، فبلاد الشام كانت تمثل الطريق
التجاري الذي يربط أوربا بالعالم الشرقي، إضافة إلى أن بلاد الشام تمثل لهم بلد
الغنى والجمال الذي يحقق لكثير من الفقراء والإقطاعيين على السواء في أوربة
المغانم الكثيرة(كما قال المؤرخ الفرنسي شاميدور) بينما تقدم آخرون فراراً من
رتابة حياتهم اليومية، أو حباً في المغامرة.
ورفع كلا الطرفين المتنازعين الفرنجة الغزاة، والمسلمون
شعار (الجهاد في سبيل الله) ما دام ذلك الشعار يحقق لهم الأهداف التي يصبون إليها،
لا سيما أن الدين كان الإطار العام للحياة بجميع مظاهرها في العصور الوسطى.
تقدم الصليبيون إلى بلاد الشام فوصلوا إليها عام
489هـ/1096م، وكانت آنئذ أوصالاً مفككة بين الفاطميين والأتابكة الزنكيين، وغيرهما
من القوى المحلية الأخرى، وتمكنوا من الاستيلاء على طرسوس (مدينة صغيرة غربي خليج
اسكندرون) والرها (أورفة)، ثم احتلوا أنطاكية عام 492هـ/1099م، وفي نفس العام
استولوا على القدس، وأعملوا في أهلها الذبح والقتل بالجملة (طبقاً لما ورد في
المصادر العربية والأجنبية على السواء مثل الدويهي في تاريخ الأزمنة وشاميدور).
وقد أدى ذلك إلى إثارة روح التحدي لدى العالم الإسلامي،
وقد أوضح هذا المفهوم(المؤرخ برنارد لويس في كتابه الغرب والشرق الأوسط) بقوله:
جاء الصليبيون يحملون معهم تراثاً ضخماً من الشك والتعصب أثروا فيه على العرب
المسيحيين، وعلاقتهم بجيرانهم المسلمين، وأضعفوا الوثيق من الصلات التي كانت قائمة
بينهم قبل قيام الحروب الصليبية) انتهى قول لويس.
إلا أن ضعف المسلمين وتفوقهم لم يدم طويلاً بفضل ما تمخضت
عنه يقظتهم في هذه المنطقة، وظهور قادة مخلصين أكفاء، تمكنوا من استغلال الظروف
السياسية التي كانت تسود المنطقة في مدة لا تتجاوز نصف قرن، وكان من أولئك الرجال
عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين محمود، وأخيراً صلاح الدين يوسف، الذي تمكن من
توحيد الشام وبلاد الجزيرة ومصر، وامتدت سلطته من دجلة إلى النيل.
في هذه الظروف التي اكتنفها التعقيد السياسي، الذي كان أن
يصل إلى شفير الفوضى برز صلاح الدين الأيوبي؛ الذي يشكل عهده أكثر من حادثة عابرة
في تاريخ العصور الوسطى، فهو كما وصفه المؤرخ هاملتون جب( يمثل إحدى تلك اللحظات
النادرة والمثيرة في التاريخ البشري).
والسؤال الآن: هل الظروف السائدة هي التي خلقت صلاح
الدين؟ أم طموحه الشخصي وحبه للجهاد والفتح هو الذي دفعه إلى الجهاد؟ وهل كانت
سياسته هذه نابعة من عقيدته؟ أم أملتها عليه الظروف المواتية؟ وهل كان صلاح الدين
في سياسته مقلداً لنور الدين أم مبتكراً؟ وإذا كان مبتكراً فما الابتكارات التي
جاء بها؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة نستعرض حياة صلاح الدين منذ
مولده حتى إسقاطه الدولة الفاطمية في مصر، وتوجهه نحو الشام سنة 570هـ/1174م، ثم نوضح
معالم شخصيته من خلال بعض أعماله.
ينتسب صلاح الدين يوسف للأسرة الأيوبية،وتعود هذه الأسرة –كما
هو ظاهر من تسميتها- إلى أيوب بن شاذى، وأصل هذه الأسرة من الأكراد الروادية.
دخلت الأسرة الأيوبية كنف الحياة العربية الإسلامية في
بغداد وتكريت وبعلبك ودمشق، وترعرعت بينها وتثقفت بالثقافة العربية الإسلامية في
وقت كان شعار الحياة العامة الدين" كما سبق وقلنا" والدين الإسلامي يجمع
بين القوميات المختلفة برباط الأخوة، "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" "ولا فضل لعربي على أعجمي إلا
بالتقوى" .
أما نقطة البداية في مساهمة هذه الأسرة في حوادث التاريخ
العربي الإسلامي، فكانت بعد مفارقتهم بلدتهم( دوين) حيث منح بهروز حاكم بغداد قلعة
تكريت لجد الأسرة شاذي إكراماً لصداقتهما، ثم ولى بهروز نجم الدين أيوب بن شاذي –والد
صلاح الدين- حاكماً لقلعة تكريت عام 525هـ/1130م، ولكن حدث أن قتل أسد الدين
شيركوه أخو نجم الدين أحد مماليك بهروز، فخرجت أسرة الأخوين مولية شطر الموصل, حيث
يقيم زنكي (أتابك، الرجل الذي أكرم مثواهما عرفاناً بمساعدة كانا قدماها له إبان
خلافه مع بهروز).
وفي الليلة التي غادر فيها نجم الدين تكريت، ولد له يوسف
صلاح الدين، فحمله معه إلى الموصل عام 531هـ/1137م، وقضى يوسف صلاح الدين طفولته
الأولى مع أبيه والي بعلبك، وكان يسمع عن اعتداءات الصليبيين على البلاد فتؤثر في
نفسه، ولما صار له من العمر أربع عشرة سنة أقطعه نور الدين إقطاعاً حسناً، ومنذ
ذلك الوقت أصبحت له مكانة خاصة، وظهرت حظوته لدى السلطان نور الدين.
وبعد أن تولى أبوه ولاية بعلبك،بدأ صلاح الدين يتلقى
العلوم الإسلامية، وفنون القتال ولقي من الرعاية والاهتمام –باعتباره ابن والي
المدينة – ما لا يلقاه أبناء أواسط الناس، فدرس القرآن والحديث والفقه وغيره من
العلوم على يد كبار العلماء كالشيخ قطب الدين النيسابوري مثلاً، إضافة إلى تردده
على دور العلم وتلقي الدروس العلمية على يد والده نجم الدين أيوب، وعمه أسد الدين
شيركوه، والسلطان نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي، الذين كانوا ممن تحدث عنهم
التاريخ باعتزاز.
ولم يكن صلاح الدين مقلداً لهم تقليداً كاملاً، كما أنه
لم يكن مبدعاً كل الإبداع بل جمع بين الأصالة والتقليد بأسلوب جديد يتلاءم مع عصره
الجديد، ولو لم يكن تعبيره صادقاً مع نفسه ومتماشياً مع روح عصره لما تمكن من
الوصول إلى القيادة ولما حقق النصر على الأعداء، مما جعل الشعراء يمتدحونه، خاصة عندما
حافظ على النظام وأظهر حسن السياسة يوم تولى رئاسة شرطة دمشق عام 560هـ/1165م ولم
يكن له من العمر إلا اثنين
وعشرين عاماً.
وكان صلاح الدين يتردد على الفقيه العالم ابن عساكر
الدمشقي، وصادق ابن سبط الجوزي القابقي، وبذلك جمع بين أساتذة الفقه والتاريخ
والحديث والسياسة وقيادة العسكر، فتخرج على أيدي أولئك الأساتذة والقادة سلطاناً
للمسلمين, بعد أن ساعدته الظروف السيئة للبلاد, وعرف كيف يستغل تلك الظروف, فلم ينازعه
أحد مدة عشرين عاماً تقريباً.
وفي عام 558هت/1163م اتخذ أمورى الأول حاكم بيت المقدس الفرنجي
مسألة امتناع الفاطميين عن دفع الجزية له, ذريعة لغزو مصر مستغلاً ظروفها القلقة,
والصراع بين الوزراء، وضعف الخليفة الفاطمي, فقد سيطر ضرغام على الوزارة, وأبعد
شاور عنها: مما دفع الأخير لطلب العون من نور الدين لإعادته للوزارة, وقد رحّب نور
الدين بالعرض الذي يتفق وطموحاته وأهدافه في توحيد الجبهة الإسلامية ضد الخطر
الفرنجي, لاسيما وأن مصر مصدر مهم للطاقة البشرية والموارد الاقتصادية، فأرسل
جيشاً بقيادة صديقه شيركوه, وبرفقته ابن أخيه صلاح الدين, ولما سمع ضرغام بحملة
نور الدين أرسل يطلب العون من أمورى حاكم القدس, إلا أن شيركوه وجيشه سبق قدوم
الصليبيين, والتقى بقوات ضرغام عند أسوار القاهرة, وانتهت بهزيمة ضرغام وإعادة
شاور للوزارة الفاطمية, وبهذا لم يستطع الصليبيون إنقاذ ضرغام.
بعد فترة طلب شاور من شيركوه الخروج من مصر؛ دون أن يفي
بإعطاء ما وعد لنور الدين (وهو ثلث المحصول), إضافة إلى أنه لمس على ما يبدو طمع
الزنكيين, فامتنع شيركوه من الخروج, فما كان من شاور إلا أن طلب النجدة من
الصليبيين, لكنهم أخفقوا في القضاء على قوات شيركوه وصلاح الدين، وما أن عاد صلاح
الدين وعمه إلى الشام حتى أخذا يحرضان نور الدين السيطرة على مصر.
وجاءت الفرصة المناسبة, إذ استنجد الخليفة الفاطمي العاضد
بنور الدين لاستفحال ظلم شاور وتحالفه مع الفرنجة, فخرجت الحملة الثانية على مصر
عام 563هـ/1166م وانتصر شيركوه على القوات المتحالفة, وكان لمهارة صلاح الدين قائد
قلب الجيش أثر في ذلك النصر الذي نجا فيه أمورى بأعجوبة من المعركة, كما تحدث ابن
الوردى وابن الأثير, حتى أن المؤرخ أبا شامة صرّح تعظيماً لذاك الانتصار بقوله:
(وكان هذا من أعجب ما يؤرخ له, أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر وفرنج الساحل).
ورغم اتفاقية الهدنة التي تنص على أن الفرنج لا يقيمون بمصر,
إلا أنهم لم ينسحبوا من مصر كلياً, وذلك بالاتفاق مع شاور, مما دعا الخليفة
الفاطمي العاضد أن يستنجد فيما بعد بنور الدين مرة ثالثة..... وأرسل نور الدين
حملته إلى مصر وكان له الآن أهداف ثلاثة:
1- القضاء على الخلافة الفاطمية. 2-توحيد سورية ومصر.
3-ومتابعة الحرب ضد الصليبيين الفرنجة حتى نهاية...
دخل شيركوه القاهرة عام 564هـ/1166م, وقتل صلاح الدين
شاور، وبمقتل شاور بدأ فصل جديد في العلاقات الأيوبية الفاطمية، لأن العاضد اتخذ
شيركوه وزيراً له, لكن ما لبث شيركوه أن توفي, فحل محله في منصب الوزارة ابن أخيه
صلاح الدين.
وفي عام 567هـ/1171م, وبأمر من نور الدين قطع صلاح الدين
الخطبة للخليفة الفاطمي العاضد, وأقامها للخليفة العباسي المستضيء, وبذلك انتهت
الدولة الفاطمية, وصارت مصر والشام دولة واحدة, ونشأ من هذه الوحدة طاقة مادية
وبشرية, كان لها شأن كبير في دحر الغزاة.
ولقد غالى بعض الكتاب المحدثين في تعليلاتهم للوحشة التي
حدثت بين
نور الدين وصلاح الدين, ومن هذه المبالغات ما
ذكره المؤرخ الفرنسي شاميدور، من أن صلاح الدين كان عازماً على القضاء على نور
الدين, ومنها ما أورده رينتز من أن صلاح الدين لو كان مخلصاً لسيده نور الدين؛
لكانت الإمارات الصليبية قد أسقطت بيد نور الدين في حياته.
ولكن يمكن القول أن نور الدين كان يلح على صلاح الدين
باستخدام قوى مصر لمساندة الشام في الحرب ضد الصليبيين الفرنجة, والواقع أن صلاح
الدين كان أعرف بأحوال مصر, وكان يرى أن تثبيت كيان الدولة الجديدة في مصر أولى من
الانشغال بمسائل الشام بهذه السرعة, ثم إنه كان يخاف ضياع مصر بثورة مضادة والخطر
الصليبي على الأبواب.
ولما استقر صلاح الدين بمنصب الوزارة في مصر, قام بتنفيذ
أعمال عديدة, يمكن من خلالها أن نقول: إنه كان يعد نفسه للقيام بانقلاب شامل في
مصر، وكان أول تلك الأعمال تثبيت مركزه فيها, كما أرسل لأبيه وأخوته يستدعيهم إلى
مصر, فسرهم نور الدين وأمر بطاعته.
وعكف بعدها على التخلص من الأمراء المصريين والعربان
والسودان, وشكل فرقة من الحرس تدعى الصلاحية, وبذلك سيطر على أهم جزء من القطاع
العسكري, وتوجه لحل مشاكل القطاع المدني.. ووجد في حل مشاكلهم الاقتصادية خير وسيلة
لكسبهم, فأبطل المكوس الجائرة التي كانت مفروضة عليهم, ورد عن دمياط هجمة صليبية
بدا صلاح الدين على إثرها للمصريين منقذاً, فالتفوا حوله.
توفي نور الدين عام 569هـ/1174م, وأصبح صلاح الدين
سلطاناً على مصر والشام وأعالي العراق حتى الموصل, وبعد أن خاض مع ورثة نور الدين
وقادته حرباً شديدة مدة عشر سنوات, وفتح بعدها كلاً من برقة وبلاد النوبة واليمن,
وزحف إلى الشام ليتم توحيد مصر والشام والجزيرة، ويتخذ من الشام منطقة عسكرية
لقربها من تحصينات الصليبيين.
وكان صلاح الدين يرى نفسه في هذه المرحلة قائداً للأمة،
يؤيده الناس
ويناصــرونه على
أعدائه المخــالفين له, ونظراً لضيق المجال عن ذكر دخول
بلاد الشام,
اسمحوا لي فقط أن أذكر دخوله حمص, ما دمنا نتحدث في محرابها..
دخل صلاح الدين حمص يوم الثلاثاء 13جمادى الأولى عام 570هـ/
8كانون أول عام 1174م وامتنعت قلعتها عليه, وكانت كما وصفها ابن جبير وقتذاك في
غاية العتاقة والوثاقة، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود, وأبوابها حديد، تكتنفها
الأبراج المشيدة الحصينة, لذلك لم يشأ صلاح الدين الاستمرار في حصارها؛ بل ترك
عليها حامية تحاصرها وتمنع الوصول إليها, ثم عاد إليها بعد أن فتح مدينة حماة
وحاصر حلب, فراسل أميرها (كمشتكين) الصليبين وطلب مساعدتهم، فزحفوا على حمص
وحاصروها؛ مما اضطر صلاح الدين للتوجه إليها، فدخلها وحاصر قلعتها تسعة أيام، حتى
تمكن من فتحها في 17آذار 1175م، وأقطعها لابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه، وهو أبو الملك
المجاهد الذي حكم حمص 55 خمساً وخمسين عاماً.
وفي عام 571هـ/1175م طلب الصليبيون منه الصلح، لاسيما أنه
أصبح الآن سلطاناً على الشام ومصر باعتراف الخليفة.
وبقي صلاح الدين اثنتي عشرة سنة من 570_582هـ/ 1174_1186م
يعمل لتحقيق الوحدة، وإعداد العدة، قبل أن يبدأ بمرحلة التحرير. وقد كسب خلال هذه
المدة محبة جمهور المسلمين وثقتهم، وبذلك بنى صلاح الدين وحدة قوية متينة ارتكزت
على جمهور المسلمين لا على القيادات السياسية بين الأمراء فقط، وتمكن أن ينتصر على
مناوئيه من الأمراء المسلمين لحسن تدبيره السياسي والعسكري، وتمكنه من استغلال
الظروف التي كان يعيشها المجتمع الإسلامي آنذاك، والمناداة بما كان يطمح إليه
جمهور المســــلمين؛ مــــن توحيـــــد الجهــــود ورص القوى لتحرير القدس وســـــائر
البلاد
الإسلامية من
الغزاة الفرنجة.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin