بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي افترض على القادرين حج بيته الحرام، وجعلحجه أحد أركان الإسلام، وغفر لمن حجه ولم يرفث ولم يفسق جميع الذنوب والآثام، فهوالكريم الذي إذا دعا إلى بيته أفاض على الموحد جزيل الإكرام، خلق فقدر وشرع فيسر،فسبحانه من إله وفق من شاء لمراضيه ويسر له أسبابها بالتمام، وقضى على من شاءبالحرمان، فلم ينفع فيه ترغيب ولا ترهيب ولا ملام.
أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملكالعلام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أتقى من وقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهمبإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام.
والحج قصد البيت الحرام لأعمال مخصوصة في زمن مخصوص.
وللحج مواقيت زمانية ومكانية:
فالزمانية: أشهر الحج، شوال، وذو القعدة،وعشر من ذي الحجة.
والمكانية: ذو الحليفة، والجحفة، وقرنالمنازل المسمى بالسيل الكبير، ويلملم، وذات عرق.
جعلت هذه الحدود مواقيت، تعظيمًا للبيت الحرام وتكريمًا. ليأتي إليه الحجاجوالمعتمرون من هذه الحدود معظمين، خاضعين، خاشعين.
واعلموا أن الحج يجب على كل مكلف من ذكر وأنثى، مستطيع، مرةً واحدةً فيالعمر. إلا أن المرأة لا يجب عليها إلا إذا وجدت محرمًا يسافر معها، لقوله عز وجل:]وَلِلَّهِعَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَفَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[ [آل عمران: 97].
ولقوله r: «بني الإسلام على خمس ـ وذكر فيها ـ وحج البيت»متفق عليه.
ومن الناس من يؤخر أداء الحج بعد وجوبه عليه بدون عذرشرعي، أو لم يأذن لأولاده من بنين وبنات.
ومن مات ولم يحج حجة الإسلام مع القدرة، فهو آثم، لقوله r: «يا أيهاالناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» رواه مسلم.
والأمر يقتضي الفورية: فتجب المبادرة إلى أداء فريضةالحج والعمرة.
ولا يجب الحج في العمر إلا مرةً واحدةً، لما روى ابنعباس رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله r فقال: «ياأيها الناس كتب عليكم الحج» قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يارسول الله؟ فقال: «لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولم تستطيعوا أنتعملوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» رواه أحمد وغيره. وأصله في مسلم منحديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ويسن الحج كل عام لمن استطاع، ولا ضرر عليه ولا على منيعول بذلك، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أو رسول الله r قال: «تابعوابين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهبوالفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة، وما من مؤمن يظل يومه محرمًا إلاغابت الشمس بذنوبه» رواه الترمذي بهذااللفظ وهو حديث صحيح بشواهده.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل،قال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور». وفي رواية: «لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حجمبرور». قالت عائشة: «فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله r». رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال لنسائه عامحجة الوداع: «هذه ثم ظهور الحصر».
فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة وكانتاتقولان: والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبي r. رواه أحمد.
وقوله r لنسائه: «هذهثم ظهور الحصر»، أي: عليكن لزوم البيت ولا يجب عليكن الحج مرة أخرى بعد هذهالحجة، فيفهم من ذلك جواز الترك لهن، لا النهي عن الحج بعد حجة الوداع، لما روىالبخاري أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي r في آخر حجةحجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف.
وأخرج ابن سعد من حديث أبي هريرة فكن - نساء النبي r - يحججن إلاسودة وزينب فقالتا، لا تحركنا دابة بعد رسول الله r، وكان عمرمتوقفًا في ذلك ثم ظهر له الجواز فأذن لهن وتبعه على ذلك من في عصره من غير نكير.
وروى أحمد والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولالله r قال: «جهاد الكبير، والصغير،والضعيف، والمرأة، الحج والعمرة» سنده جيد.
والمعنى: أن الحج والعمرة يقومان مقام الجهاد لمن منعه عنه كبر، أو ضعف بدن، أوصغرن أو أنوثة، ويؤجرون عليهما كأجر الجهاد. والله تعالى أعلم.
وتتأكد سنية الحج بعد أربعة أعوام، أو خمسة أعوام، لقولالنبي r: «يقول الله عز وجل: إن عبدًاصححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أعوام، لا يفد إلي، لمحروم»رواه ابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى، والبيهقي.
ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ: «إن الله يقول: إنعبدًا صححت له بدنه، وأوسعت عليه في الرزق، لم يفد إلي في كل أربعة أعوام، لمحروم»قال: في مجمع الزوائد: ورجال الجميع رجال الصحيح.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المؤلف
عبد الله بن إبراهيم القرعاوي
هاتف: 3252528 - 3262528
* * *
منافع الحج
عباد الله: إن الله دعاكم إلىبيت حرام، في شهر حرام، في بلد حرام.
فرض عليكم الحج لحكم وأسرار يعلمها، وبين شيئًا منها بقوله تعالى: ] لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[[الحج: 28].
فمن المنافع ما هو دنيوي، ومنها ما هو أخروي.
فمن الأخروي: تطهير النفس، وتكفيرالخطايا وغفران الذنوب وذلك لمن اتقى الله تعالى في حجه، فاجتنب الرفث، والفسوق،والجدال، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وقصد بحجه وجه الله تعالى، والتقرب إليه،ولم يقصد بحجه حطام الدنيا، أو المفاخرة، أو الرياء، أو السمعة فإن ذلك سبب فيبطلان العمل وعدم قبوله.
من تلك المنافع: أن الله تبارك وتعالىيباهي بأهل عرفة أهل السماء.
من تلك المنافع: اجتماع الناس منأقطار الأرض في أوقات معينة، في أماكن معينة، لتحصل استفادة بعضهم من بعض فيالدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك، والدعوة إلى الإيمان بالله، والكفربالطاغوت وعدم التحاكم إليه.
وكذلك يستفيد بعضهم من بعض في توضيح أنواع العبادة، وأنها من خصائص اللهكالدعاء، والذبح والنذر وغير ذلك.
وأن من صرف شيئًا منها لغير الله - كأن يدعو عبد القادر أو البدوي أوالعيدروس أو يذبح للأموات أو للجن أو للكواكب - فهو مشرك كافر، الشرك الأكبروالذنب الذي لا يغفر لمن مات على ذلك.
وتوضيح ذلك والتحذير منه من أجل المنافع وأعظمها.
مقاصد الحج من التوحيد
إن للحج مقاصد سامية، وأهدافًا لا تقتصر على المظهر لأنها من التوحيد فيالقول، والعمل، والاعتقاد.
فمن ذلك: رفع الصوت بالتوحيد، ونفي الشريكعن الله تعالى، وإعلان انفراد الله جل وعلا بالحمد والنعمة والملك، وذلك بعدالإحرام للحج، أو العمرة.
حيث شرع للحاج أن يرفع صوته بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لكلبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يردد ذلك الحاج بين فترة وأخرى حتىيشرع في التحلل من الإحرام.
ومن مقاصد الحج: إعلان التوحيد معاعتقاده والعمل به، في المجمع العظيم، في يوم عرفة، وكلمة التوحيد أعظم الذكر الذييقال فيه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءقدير.
كما قال النبي r: «خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون منقبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» رواه الترمذي.
وذلك من أجل أن يستشعر الحاج مدلولها ويعمل بمقتضاها،فيؤدي أعمال حجه خالصة لله عز وجل.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية الطواف بالبيت العتيق، ليعلم الحاجأن الطواف خاص ببيت الله، وأن كل طواف بغير البيت العتيق، فهو باطل، قال اللهتعالى: ] وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[ [الحج: 29]. فالطواف بالضريحتعظيمًا للميت المقبور فيه، أو خوفًا منه، رجاء أن يدفع صاحب الضريح المضرة ويجلبالمنفعة، من الشرك في عبادة الله تعالى.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية التكبير عند استلام الحجر الأسودوالركن اليماني، حيث يقول: الله أكبر، معتقدًا أنهما لا ينفعان، ولا يضران، وإنمايستلمهما لأنهما من شعائر الله، طاعة لله واقتداءً برسوله r.
ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينمااستلم الحجر وقبله: والله إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسولالله r يقبلك ما قبلتك. متفق عليه.
وبهذا يعلم المسلم أنه لا يجوز التمسح بشيء من الأبنيةكحجرة النبي r، ولا بالأحجار كمقام إبراهيم ونحوذلك، إلا بالركن اليماني والحجر الأسود أثناء الطواف، لا للتبرك ورجاء البركةمنهما، وإنما لكونهما من شعائر الله.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية قراءة سورة: ] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ [سورة الكافرون]و ] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ [سورة الإخلاص]في ركعتي الطواف.
ففي السورة الأولى: البراءة من دين المشركين، وإفرادالله بالعبادة.
وفي الثانية: إفراد الله تعالى بصفات الكمال وتنزيهه عنصفات النقص. حتى يعرف العبد ربه، ويخلص له العبادة ويتبرأ من عبادة ما سواه.
ومن مقاصد الحج السامية من التوحيد: الأعمال العظيمة التي تؤدي في أيام منى، من رمي الجمار،وذبح الهدي، وحلق الرأس، وأداء الصلوات الخمس، في هذا المشعر المبارك، والأيامالمباركة، وكل هذه الأعمال من التوحيد.
فرمي الجمرات ذكر لله. حيث شرع للحاج أن يقول عند رمي كلحصاة: الله أكبر.
وذبح الهدي ذكر لله عز وجل. كما قال تعالى: ] وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَاللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌوَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ[ [الحج: 34].
وقال تعالى: ]وَالْبُدْنَجَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوااسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَاوَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَاوَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوااللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ[ [الحج: 36، 37].
ومن هنا يعلم المسلم أن الذبح عبادة لله عز وجل ولا يجوزلغير الله. فلا يجوز أن يذبح لغير الله، لا لقبر ولا لولي، ولا لجني، ولا لأيمخلوق، لأن الذبح عبادة لله تعالى. وصرف العبادة لغير الله من الشرك الأكبر،والذنب الذي لا يغفر.
وكذلك حلق الرأس في منى لله تعالى، من العبادة، لدعائه r للمحلقين رءوسهموالمقصرين. ولقوله تعالى: ] مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ[ [الفتح: 27].
ومن هنا يعلم المسلم أن حلق الرأس للشيخ والسيد من الشركالأكبر، والذنب الذي لا يغفر.
ومن مقاصد الحج من التوحيد: أن الله تعالى أمر بذكره أثناءأداء مناسك الحج، وبعد الفراغ منه، ونهى عن ذكر غيره من الرؤساء، والعظماء،الأحياء والأموات، وعن المفاخرة في الأحساب والأنساب. فقال تعالى: ]فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْآَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَافِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْيَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةًوَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُسَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَعَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِتُحْشَرُونَ[[البقرة: 200-203].
موعظة
أيها الحاج: من تاجر مع الله فقدربحت تجارته، ومن هاجر إلى الله قبلت هجرته.
هذه أشهر الحج ابتدأت بعيد الفطر وختمت بعيد النحر، يؤم فيها بيت اللهالعتيق، فتوبوا إلى ربكم واخرجوا من المظالم التي بينكم، وأزيلوا الشحناء والبغضاءبينكم بالعفو والمسامحة والبر والصلة، وإن كان ذلك واجبًا في كل وقت إلا أنه قبلالحج آكد.
والمقصود من التوبة تقوى الله، وهو خوفه وخشيته والقيام بأمره واجتنابنهيه، فيعمل بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله ويترك معصية الله على نورمن الله، يخاف عقاب الله، لا يريد بذلك عز الطاعة، فإن للطاعة وللتوبة عزًا ظاهرًاوباطنًا، فلا يكون مقصوده العزة، وإن علم أنها تحصل له بالطاعة والتوبة.
فمن تاب لأجل العزة فتوبته مدخولة، وفي بعض الآثار: "أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء: قل لفلانالزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إلي: فقد اكتسبت بهالعزة، ولكن ما عملت فيما لي عليك؟ قال: يا رب، وما لك علي بعد هذا؟ قال: هل واليتفي وليًا، أو عاديت في عدوًا؟" يعني أن الراحة والعز حظك، وقد نلتهما بالزهدوالعبادة. ولكن أين القيام بحقي. وهو الموالاة في والمعاداة في؟ والله أعلم.
أركان الحج والعمرة
للحج أربعة أركان هي:
الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، فلا يصح الحج إلا بهذه الأركان.
وللعمرة ثلاثة أركان وهي: الإحرام، والطواف، والسعي.
الركن الأول: الإحرام:
الإحرام: هو نية الدخول في نسك حج أو عمرة مع التجرد أو التلبية، فإن الرجللا يكون محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلبمنذ أن خرج من بلده فلابد من قول أو عمل يصير به محرمًا على الصحيح من قوليالعلماء.
وله واجبات، وسنن، ومحظورات:
فمن واجبات الإحرام: الإحرام من الميقات،ففي الحديث الصحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقت رسول الله r لأهل المدينة ذاالحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهنولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ،حتى أهل مكة من مكة» متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها «أن النبي r وقت لأهل العراقذات عرق» رواه أبو داود والنسائي.
وثبت بتوقيت عمر، ولعله خفي النص فوافقه برأيه، فإنه رضيالله عنه موفق للصواب.
والميقات: هو المكان الذي حدد الشارع الإحرام عنده، تعظيمًا وتشريفًا لبيت اللهالحرام.
فإن الله جعل له حصنًا وهي مكة، وجعل لها حمى وهو الحرم،وجعل للحرم حرمًا وهي المواقيت، فلا يجوز لأحد يريد الحج والعمرة أن يتجاوزالمواقيت بدون إحرام تعظيمًا لبيت الله الحرام، فمن تجاوزها ولم يرجع إليها قبلإحرامه فعليه دم، فإن لم يجد صام عشرة أيام، كما يكره إحرام قبل ميقات، لأن النبي r أخر إحرامه منالمدينة إلى ذي الحليفة في حجة الوداع ولم يحرم من المدينة، وهي قريبة من الميقات.
ومنها التجرد من المخيط عند نية الإحرام:
ففي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًاسأل رسول الله r ما يلبس المحرم من الثياب، فقالرسول الله r: «لا تلبسوا القمص ولا العمائم،ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين فيلبس الخفينوليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس».
والمخيط: هو كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه كالقميصوالسراويل ليبعد عن الترفه، ويتصف صفة الخاشع الذليل، وليتذكر أنه محرم في كل وقت،وليتذكر الموت ولباس الأكفان، ويتذكر به يوم البعث يوم القيامة، والناس حفاة عراة،مهطعين إلى الداعي، بل تعظيمًا لبيت الله الحرام وإجلالًا وإكرامًا، أن يحرم العبدقبل الحلول إجلالًا وإكرامًا، متخليًا عن نفسه فارغًا من اعتبارها.
فيا عباد الله! تذكروا ذلك إذا أحرمتم واحرصوا على العملبه بقلوبكم وجوارحكم.
وأما التلبية: فيقول من أراد الإحرام بالتمتع:"لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج"، ويستحب أن يشترط إن كان خائفًا، أوشاكيًا فيقول: "وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، فإن لم يكن خائفًاولا شاكيًا فلا يشترط، وإن اشترط فلا بأس وجاز له ذلك بدون استحباب، جمعًا بينالأحاديث، والله تعالى أعلم.
ومن ساق الهدي، وجب عليه أن يحرم قارنًا، فيقول:"لبيك عمرة وحجًا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمةلك والملك لا شريك لك" ومعنى "لبيك اللهم لبيك" أي: إقامةً علىطاعتك بعد إقامة وإجابةً لأمرك لنا بالحج بعد إجابة، لأن التلبية إجابة لدعوة اللهتعالى لخلقه، حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليل إبراهيم، والملبي هو المستسلمالمنقاد، والمعنى إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لانزال على ذلك.
وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله لعباده بأنوفودهم على بيته، إنما كان باستدعاء منه سبحانه.
ولا يستحب التلفظ بالنية، كقول: "اللهم إني أريدالعمرة أو الحج".
لأن النبي r لم يشرع ذلك،ولم يتكلم بشيء من ألفاظ النية لا هو ولا أصحابه عند الإحرام، بل كان يقول:"لبيك عمرة وحجًا".
وكان يقول للواحد من أصحابه: "بما أهللت"والإهلال هو التلبية.
وأما سنن الإحرام فمنها:
الاغتسال ولو لنفساء أو حائض: لأن أسماء بنت عميس امرأةأبي بكر رضي الله عنه وضعت وهي تريد الحج فأمرها رسول الله r « بالاغتسال» ، رواه مسلم.
وأمر عائشة رضي الله عنها «أن تغتسل لإهلال الحج وهيحائض» متفق عليه.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه «أنه رأى النبي r تجرد لإهلالهواغتسل» رواه الترمذي والدارمي.
ومنها التطيب في بدنه: لقول عائشة: كنت أطيب رسول الله r لإحرامه قبل أنيرحم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. متفق عليه.
ويستحب للمرأة خضاب بحناء: لقول ابن عمر: من السنة أنتدلك المرأة يديها في الحناء. رواه الشافعي والبيهقي.
ومنها تكرار التلبية وتجديدها كلما تجددت حال: من ركوبأو نزول، لقول جابر: كان النبي r يلبي في حجتهإذا لقي ركبًان أو علا أكمةً، أو هبط واديًا، وفي أدبار الصلاة المكتوبة، وفي آخرالليل. رواه ابن عساكر، قاله في التلخيص، ولخبر سهل بن سعد، عن رسول الله r: «ما من مسلميلبي إلا لبى من على يمينه، أو شماله، من حجر، أو شجر، أو مدر، حتى تنقطع الأرض،من ههنا وههنا» رواه الترمذي وهو حديث صحيح بشواهده.
ومنها التحميد والتسبيح والتكبير: قبل الإهلال كما ترجم لذلك البخاري رحمه الله بقوله:باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة، ثم ذكر حديثأنس، وفيه: «ثم ركب رسول الله r حتى استوت بهعلى البيداء، حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة».
ومنها الدعاء والصلاة على النبي r: عقب التلبية إذكان رسول الله r «إذا فرغ من تلبيته، سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذبرحمته من النار». رواه الشافعي والدارقطني.
فهذه السنن لو تركها المحرم لم يجب عليه فيها دم، ولكنيفوته بتركها أجر كثير وثواب جزيل.
أما محظورات الإحرام:
وهي الأعمال الممنوعة التي لو فعلها المحرم لوجب عليهفدية من دم أو صيام أو إطعام، فهي تسعة:
1- إزالة الشعر من البدن.
2- تقليم الأظافر.
3- تعمد تغطيةالرأس والوجه من الرجل، ولا تغطي المرأة المحرمة وجهها إلا إذا بقربها رجال أجانب،فيجب عليها حينئذ أن تغطي وجهها.
4- تعمد لبسالمخيط على الرجل. وخياط الإزار على صفة وزره من المخيط الذي ينهى عن لبسه المحرم.
5- قصد شم الطيبمس ما يعلق.
6- قتل صيد البرالوحشي المأكول.
7- عقد النكاح ـولا يصح ـ وخطبته.
8- الجماع.
9- مقدمات الجماعمن قبلة ونحوها.
وحكم المحظورات الخمس الأول: أن من فعل واحدًا منها وجبت عليه فدية، وهيصيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، لقوله تعالى: ] فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِفَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ[ [البقرة: 196]. ولحديث كعب بنعجرة رضي الله عنه.
وأما قتل الصيد ففيه جزاؤه بمثله من النعم لقوله تعالى: ]فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَاقَتَلَ مِنَ النَّعَمِ[ [المائدة: 95].
وأما عقد النكاح وخطبته: وسائر الذنوب كالغيبة والنميمة وكل ما يدخل تحتلفظ الفسوق ففيه التوبة والاستغفار، ولا فدية في ذلك.
وأما الجماع: إذا كان قبل التحلل الأول فإنه يفسد به الحج وعليه القضاء،ويجب الاستمرار في النسك الفاسد حتى يتم، وعلى صاحبه بدنة من الإبل لفقراء الحرم،فإن لم يجد صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لقول عمروعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم، فيما رواه مالك وغيره عنهم، ولقول ابن عباس وابنعمر، فيما رواه أحمد والحاكم والدارقطني وغيرهم عنهم من القول بذلك، وإذا كانالجماع بعد التحلل الأول فإنه لا يفسد الحج، وعليه فدية شاة لفعله المحظور فيالإحرام.
وأما مقدمات الجماع والوطء فيما دون الفرج: فإنها لا تفسد الحج لكن إنأنزل، فإنه يلزم فاعلها دم وهو ذبح شاة لفقراء الحرم.
الحمد لله الذي افترض على القادرين حج بيته الحرام، وجعلحجه أحد أركان الإسلام، وغفر لمن حجه ولم يرفث ولم يفسق جميع الذنوب والآثام، فهوالكريم الذي إذا دعا إلى بيته أفاض على الموحد جزيل الإكرام، خلق فقدر وشرع فيسر،فسبحانه من إله وفق من شاء لمراضيه ويسر له أسبابها بالتمام، وقضى على من شاءبالحرمان، فلم ينفع فيه ترغيب ولا ترهيب ولا ملام.
أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملكالعلام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أتقى من وقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهمبإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام.
والحج قصد البيت الحرام لأعمال مخصوصة في زمن مخصوص.
وللحج مواقيت زمانية ومكانية:
فالزمانية: أشهر الحج، شوال، وذو القعدة،وعشر من ذي الحجة.
والمكانية: ذو الحليفة، والجحفة، وقرنالمنازل المسمى بالسيل الكبير، ويلملم، وذات عرق.
جعلت هذه الحدود مواقيت، تعظيمًا للبيت الحرام وتكريمًا. ليأتي إليه الحجاجوالمعتمرون من هذه الحدود معظمين، خاضعين، خاشعين.
واعلموا أن الحج يجب على كل مكلف من ذكر وأنثى، مستطيع، مرةً واحدةً فيالعمر. إلا أن المرأة لا يجب عليها إلا إذا وجدت محرمًا يسافر معها، لقوله عز وجل:]وَلِلَّهِعَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَفَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[ [آل عمران: 97].
ولقوله r: «بني الإسلام على خمس ـ وذكر فيها ـ وحج البيت»متفق عليه.
ومن الناس من يؤخر أداء الحج بعد وجوبه عليه بدون عذرشرعي، أو لم يأذن لأولاده من بنين وبنات.
ومن مات ولم يحج حجة الإسلام مع القدرة، فهو آثم، لقوله r: «يا أيهاالناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» رواه مسلم.
والأمر يقتضي الفورية: فتجب المبادرة إلى أداء فريضةالحج والعمرة.
ولا يجب الحج في العمر إلا مرةً واحدةً، لما روى ابنعباس رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله r فقال: «ياأيها الناس كتب عليكم الحج» قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يارسول الله؟ فقال: «لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولم تستطيعوا أنتعملوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» رواه أحمد وغيره. وأصله في مسلم منحديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ويسن الحج كل عام لمن استطاع، ولا ضرر عليه ولا على منيعول بذلك، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أو رسول الله r قال: «تابعوابين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهبوالفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة، وما من مؤمن يظل يومه محرمًا إلاغابت الشمس بذنوبه» رواه الترمذي بهذااللفظ وهو حديث صحيح بشواهده.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل،قال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور». وفي رواية: «لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حجمبرور». قالت عائشة: «فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله r». رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال لنسائه عامحجة الوداع: «هذه ثم ظهور الحصر».
فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة وكانتاتقولان: والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبي r. رواه أحمد.
وقوله r لنسائه: «هذهثم ظهور الحصر»، أي: عليكن لزوم البيت ولا يجب عليكن الحج مرة أخرى بعد هذهالحجة، فيفهم من ذلك جواز الترك لهن، لا النهي عن الحج بعد حجة الوداع، لما روىالبخاري أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي r في آخر حجةحجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف.
وأخرج ابن سعد من حديث أبي هريرة فكن - نساء النبي r - يحججن إلاسودة وزينب فقالتا، لا تحركنا دابة بعد رسول الله r، وكان عمرمتوقفًا في ذلك ثم ظهر له الجواز فأذن لهن وتبعه على ذلك من في عصره من غير نكير.
وروى أحمد والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولالله r قال: «جهاد الكبير، والصغير،والضعيف، والمرأة، الحج والعمرة» سنده جيد.
والمعنى: أن الحج والعمرة يقومان مقام الجهاد لمن منعه عنه كبر، أو ضعف بدن، أوصغرن أو أنوثة، ويؤجرون عليهما كأجر الجهاد. والله تعالى أعلم.
وتتأكد سنية الحج بعد أربعة أعوام، أو خمسة أعوام، لقولالنبي r: «يقول الله عز وجل: إن عبدًاصححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أعوام، لا يفد إلي، لمحروم»رواه ابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى، والبيهقي.
ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ: «إن الله يقول: إنعبدًا صححت له بدنه، وأوسعت عليه في الرزق، لم يفد إلي في كل أربعة أعوام، لمحروم»قال: في مجمع الزوائد: ورجال الجميع رجال الصحيح.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المؤلف
عبد الله بن إبراهيم القرعاوي
هاتف: 3252528 - 3262528
* * *
منافع الحج
عباد الله: إن الله دعاكم إلىبيت حرام، في شهر حرام، في بلد حرام.
فرض عليكم الحج لحكم وأسرار يعلمها، وبين شيئًا منها بقوله تعالى: ] لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[[الحج: 28].
فمن المنافع ما هو دنيوي، ومنها ما هو أخروي.
فمن الأخروي: تطهير النفس، وتكفيرالخطايا وغفران الذنوب وذلك لمن اتقى الله تعالى في حجه، فاجتنب الرفث، والفسوق،والجدال، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وقصد بحجه وجه الله تعالى، والتقرب إليه،ولم يقصد بحجه حطام الدنيا، أو المفاخرة، أو الرياء، أو السمعة فإن ذلك سبب فيبطلان العمل وعدم قبوله.
من تلك المنافع: أن الله تبارك وتعالىيباهي بأهل عرفة أهل السماء.
من تلك المنافع: اجتماع الناس منأقطار الأرض في أوقات معينة، في أماكن معينة، لتحصل استفادة بعضهم من بعض فيالدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك، والدعوة إلى الإيمان بالله، والكفربالطاغوت وعدم التحاكم إليه.
وكذلك يستفيد بعضهم من بعض في توضيح أنواع العبادة، وأنها من خصائص اللهكالدعاء، والذبح والنذر وغير ذلك.
وأن من صرف شيئًا منها لغير الله - كأن يدعو عبد القادر أو البدوي أوالعيدروس أو يذبح للأموات أو للجن أو للكواكب - فهو مشرك كافر، الشرك الأكبروالذنب الذي لا يغفر لمن مات على ذلك.
وتوضيح ذلك والتحذير منه من أجل المنافع وأعظمها.
مقاصد الحج من التوحيد
إن للحج مقاصد سامية، وأهدافًا لا تقتصر على المظهر لأنها من التوحيد فيالقول، والعمل، والاعتقاد.
فمن ذلك: رفع الصوت بالتوحيد، ونفي الشريكعن الله تعالى، وإعلان انفراد الله جل وعلا بالحمد والنعمة والملك، وذلك بعدالإحرام للحج، أو العمرة.
حيث شرع للحاج أن يرفع صوته بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لكلبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يردد ذلك الحاج بين فترة وأخرى حتىيشرع في التحلل من الإحرام.
ومن مقاصد الحج: إعلان التوحيد معاعتقاده والعمل به، في المجمع العظيم، في يوم عرفة، وكلمة التوحيد أعظم الذكر الذييقال فيه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءقدير.
كما قال النبي r: «خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون منقبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» رواه الترمذي.
وذلك من أجل أن يستشعر الحاج مدلولها ويعمل بمقتضاها،فيؤدي أعمال حجه خالصة لله عز وجل.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية الطواف بالبيت العتيق، ليعلم الحاجأن الطواف خاص ببيت الله، وأن كل طواف بغير البيت العتيق، فهو باطل، قال اللهتعالى: ] وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[ [الحج: 29]. فالطواف بالضريحتعظيمًا للميت المقبور فيه، أو خوفًا منه، رجاء أن يدفع صاحب الضريح المضرة ويجلبالمنفعة، من الشرك في عبادة الله تعالى.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية التكبير عند استلام الحجر الأسودوالركن اليماني، حيث يقول: الله أكبر، معتقدًا أنهما لا ينفعان، ولا يضران، وإنمايستلمهما لأنهما من شعائر الله، طاعة لله واقتداءً برسوله r.
ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينمااستلم الحجر وقبله: والله إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسولالله r يقبلك ما قبلتك. متفق عليه.
وبهذا يعلم المسلم أنه لا يجوز التمسح بشيء من الأبنيةكحجرة النبي r، ولا بالأحجار كمقام إبراهيم ونحوذلك، إلا بالركن اليماني والحجر الأسود أثناء الطواف، لا للتبرك ورجاء البركةمنهما، وإنما لكونهما من شعائر الله.
ومن مقاصد الحج: من التوحيد مشروعية قراءة سورة: ] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ [سورة الكافرون]و ] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ [سورة الإخلاص]في ركعتي الطواف.
ففي السورة الأولى: البراءة من دين المشركين، وإفرادالله بالعبادة.
وفي الثانية: إفراد الله تعالى بصفات الكمال وتنزيهه عنصفات النقص. حتى يعرف العبد ربه، ويخلص له العبادة ويتبرأ من عبادة ما سواه.
ومن مقاصد الحج السامية من التوحيد: الأعمال العظيمة التي تؤدي في أيام منى، من رمي الجمار،وذبح الهدي، وحلق الرأس، وأداء الصلوات الخمس، في هذا المشعر المبارك، والأيامالمباركة، وكل هذه الأعمال من التوحيد.
فرمي الجمرات ذكر لله. حيث شرع للحاج أن يقول عند رمي كلحصاة: الله أكبر.
وذبح الهدي ذكر لله عز وجل. كما قال تعالى: ] وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَاللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌوَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ[ [الحج: 34].
وقال تعالى: ]وَالْبُدْنَجَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوااسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَاوَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَاوَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوااللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ[ [الحج: 36، 37].
ومن هنا يعلم المسلم أن الذبح عبادة لله عز وجل ولا يجوزلغير الله. فلا يجوز أن يذبح لغير الله، لا لقبر ولا لولي، ولا لجني، ولا لأيمخلوق، لأن الذبح عبادة لله تعالى. وصرف العبادة لغير الله من الشرك الأكبر،والذنب الذي لا يغفر.
وكذلك حلق الرأس في منى لله تعالى، من العبادة، لدعائه r للمحلقين رءوسهموالمقصرين. ولقوله تعالى: ] مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ[ [الفتح: 27].
ومن هنا يعلم المسلم أن حلق الرأس للشيخ والسيد من الشركالأكبر، والذنب الذي لا يغفر.
ومن مقاصد الحج من التوحيد: أن الله تعالى أمر بذكره أثناءأداء مناسك الحج، وبعد الفراغ منه، ونهى عن ذكر غيره من الرؤساء، والعظماء،الأحياء والأموات، وعن المفاخرة في الأحساب والأنساب. فقال تعالى: ]فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْآَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَافِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْيَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةًوَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُسَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَعَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِتُحْشَرُونَ[[البقرة: 200-203].
موعظة
أيها الحاج: من تاجر مع الله فقدربحت تجارته، ومن هاجر إلى الله قبلت هجرته.
هذه أشهر الحج ابتدأت بعيد الفطر وختمت بعيد النحر، يؤم فيها بيت اللهالعتيق، فتوبوا إلى ربكم واخرجوا من المظالم التي بينكم، وأزيلوا الشحناء والبغضاءبينكم بالعفو والمسامحة والبر والصلة، وإن كان ذلك واجبًا في كل وقت إلا أنه قبلالحج آكد.
والمقصود من التوبة تقوى الله، وهو خوفه وخشيته والقيام بأمره واجتنابنهيه، فيعمل بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله ويترك معصية الله على نورمن الله، يخاف عقاب الله، لا يريد بذلك عز الطاعة، فإن للطاعة وللتوبة عزًا ظاهرًاوباطنًا، فلا يكون مقصوده العزة، وإن علم أنها تحصل له بالطاعة والتوبة.
فمن تاب لأجل العزة فتوبته مدخولة، وفي بعض الآثار: "أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء: قل لفلانالزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إلي: فقد اكتسبت بهالعزة، ولكن ما عملت فيما لي عليك؟ قال: يا رب، وما لك علي بعد هذا؟ قال: هل واليتفي وليًا، أو عاديت في عدوًا؟" يعني أن الراحة والعز حظك، وقد نلتهما بالزهدوالعبادة. ولكن أين القيام بحقي. وهو الموالاة في والمعاداة في؟ والله أعلم.
أركان الحج والعمرة
للحج أربعة أركان هي:
الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، فلا يصح الحج إلا بهذه الأركان.
وللعمرة ثلاثة أركان وهي: الإحرام، والطواف، والسعي.
الركن الأول: الإحرام:
الإحرام: هو نية الدخول في نسك حج أو عمرة مع التجرد أو التلبية، فإن الرجللا يكون محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلبمنذ أن خرج من بلده فلابد من قول أو عمل يصير به محرمًا على الصحيح من قوليالعلماء.
وله واجبات، وسنن، ومحظورات:
فمن واجبات الإحرام: الإحرام من الميقات،ففي الحديث الصحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقت رسول الله r لأهل المدينة ذاالحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهنولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ،حتى أهل مكة من مكة» متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها «أن النبي r وقت لأهل العراقذات عرق» رواه أبو داود والنسائي.
وثبت بتوقيت عمر، ولعله خفي النص فوافقه برأيه، فإنه رضيالله عنه موفق للصواب.
والميقات: هو المكان الذي حدد الشارع الإحرام عنده، تعظيمًا وتشريفًا لبيت اللهالحرام.
فإن الله جعل له حصنًا وهي مكة، وجعل لها حمى وهو الحرم،وجعل للحرم حرمًا وهي المواقيت، فلا يجوز لأحد يريد الحج والعمرة أن يتجاوزالمواقيت بدون إحرام تعظيمًا لبيت الله الحرام، فمن تجاوزها ولم يرجع إليها قبلإحرامه فعليه دم، فإن لم يجد صام عشرة أيام، كما يكره إحرام قبل ميقات، لأن النبي r أخر إحرامه منالمدينة إلى ذي الحليفة في حجة الوداع ولم يحرم من المدينة، وهي قريبة من الميقات.
ومنها التجرد من المخيط عند نية الإحرام:
ففي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًاسأل رسول الله r ما يلبس المحرم من الثياب، فقالرسول الله r: «لا تلبسوا القمص ولا العمائم،ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين فيلبس الخفينوليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس».
والمخيط: هو كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه كالقميصوالسراويل ليبعد عن الترفه، ويتصف صفة الخاشع الذليل، وليتذكر أنه محرم في كل وقت،وليتذكر الموت ولباس الأكفان، ويتذكر به يوم البعث يوم القيامة، والناس حفاة عراة،مهطعين إلى الداعي، بل تعظيمًا لبيت الله الحرام وإجلالًا وإكرامًا، أن يحرم العبدقبل الحلول إجلالًا وإكرامًا، متخليًا عن نفسه فارغًا من اعتبارها.
فيا عباد الله! تذكروا ذلك إذا أحرمتم واحرصوا على العملبه بقلوبكم وجوارحكم.
وأما التلبية: فيقول من أراد الإحرام بالتمتع:"لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج"، ويستحب أن يشترط إن كان خائفًا، أوشاكيًا فيقول: "وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، فإن لم يكن خائفًاولا شاكيًا فلا يشترط، وإن اشترط فلا بأس وجاز له ذلك بدون استحباب، جمعًا بينالأحاديث، والله تعالى أعلم.
ومن ساق الهدي، وجب عليه أن يحرم قارنًا، فيقول:"لبيك عمرة وحجًا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمةلك والملك لا شريك لك" ومعنى "لبيك اللهم لبيك" أي: إقامةً علىطاعتك بعد إقامة وإجابةً لأمرك لنا بالحج بعد إجابة، لأن التلبية إجابة لدعوة اللهتعالى لخلقه، حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليل إبراهيم، والملبي هو المستسلمالمنقاد، والمعنى إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لانزال على ذلك.
وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله لعباده بأنوفودهم على بيته، إنما كان باستدعاء منه سبحانه.
ولا يستحب التلفظ بالنية، كقول: "اللهم إني أريدالعمرة أو الحج".
لأن النبي r لم يشرع ذلك،ولم يتكلم بشيء من ألفاظ النية لا هو ولا أصحابه عند الإحرام، بل كان يقول:"لبيك عمرة وحجًا".
وكان يقول للواحد من أصحابه: "بما أهللت"والإهلال هو التلبية.
وأما سنن الإحرام فمنها:
الاغتسال ولو لنفساء أو حائض: لأن أسماء بنت عميس امرأةأبي بكر رضي الله عنه وضعت وهي تريد الحج فأمرها رسول الله r « بالاغتسال» ، رواه مسلم.
وأمر عائشة رضي الله عنها «أن تغتسل لإهلال الحج وهيحائض» متفق عليه.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه «أنه رأى النبي r تجرد لإهلالهواغتسل» رواه الترمذي والدارمي.
ومنها التطيب في بدنه: لقول عائشة: كنت أطيب رسول الله r لإحرامه قبل أنيرحم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. متفق عليه.
ويستحب للمرأة خضاب بحناء: لقول ابن عمر: من السنة أنتدلك المرأة يديها في الحناء. رواه الشافعي والبيهقي.
ومنها تكرار التلبية وتجديدها كلما تجددت حال: من ركوبأو نزول، لقول جابر: كان النبي r يلبي في حجتهإذا لقي ركبًان أو علا أكمةً، أو هبط واديًا، وفي أدبار الصلاة المكتوبة، وفي آخرالليل. رواه ابن عساكر، قاله في التلخيص، ولخبر سهل بن سعد، عن رسول الله r: «ما من مسلميلبي إلا لبى من على يمينه، أو شماله، من حجر، أو شجر، أو مدر، حتى تنقطع الأرض،من ههنا وههنا» رواه الترمذي وهو حديث صحيح بشواهده.
ومنها التحميد والتسبيح والتكبير: قبل الإهلال كما ترجم لذلك البخاري رحمه الله بقوله:باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة، ثم ذكر حديثأنس، وفيه: «ثم ركب رسول الله r حتى استوت بهعلى البيداء، حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة».
ومنها الدعاء والصلاة على النبي r: عقب التلبية إذكان رسول الله r «إذا فرغ من تلبيته، سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذبرحمته من النار». رواه الشافعي والدارقطني.
فهذه السنن لو تركها المحرم لم يجب عليه فيها دم، ولكنيفوته بتركها أجر كثير وثواب جزيل.
أما محظورات الإحرام:
وهي الأعمال الممنوعة التي لو فعلها المحرم لوجب عليهفدية من دم أو صيام أو إطعام، فهي تسعة:
1- إزالة الشعر من البدن.
2- تقليم الأظافر.
3- تعمد تغطيةالرأس والوجه من الرجل، ولا تغطي المرأة المحرمة وجهها إلا إذا بقربها رجال أجانب،فيجب عليها حينئذ أن تغطي وجهها.
4- تعمد لبسالمخيط على الرجل. وخياط الإزار على صفة وزره من المخيط الذي ينهى عن لبسه المحرم.
5- قصد شم الطيبمس ما يعلق.
6- قتل صيد البرالوحشي المأكول.
7- عقد النكاح ـولا يصح ـ وخطبته.
8- الجماع.
9- مقدمات الجماعمن قبلة ونحوها.
وحكم المحظورات الخمس الأول: أن من فعل واحدًا منها وجبت عليه فدية، وهيصيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، لقوله تعالى: ] فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِفَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ[ [البقرة: 196]. ولحديث كعب بنعجرة رضي الله عنه.
وأما قتل الصيد ففيه جزاؤه بمثله من النعم لقوله تعالى: ]فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَاقَتَلَ مِنَ النَّعَمِ[ [المائدة: 95].
وأما عقد النكاح وخطبته: وسائر الذنوب كالغيبة والنميمة وكل ما يدخل تحتلفظ الفسوق ففيه التوبة والاستغفار، ولا فدية في ذلك.
وأما الجماع: إذا كان قبل التحلل الأول فإنه يفسد به الحج وعليه القضاء،ويجب الاستمرار في النسك الفاسد حتى يتم، وعلى صاحبه بدنة من الإبل لفقراء الحرم،فإن لم يجد صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لقول عمروعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم، فيما رواه مالك وغيره عنهم، ولقول ابن عباس وابنعمر، فيما رواه أحمد والحاكم والدارقطني وغيرهم عنهم من القول بذلك، وإذا كانالجماع بعد التحلل الأول فإنه لا يفسد الحج، وعليه فدية شاة لفعله المحظور فيالإحرام.
وأما مقدمات الجماع والوطء فيما دون الفرج: فإنها لا تفسد الحج لكن إنأنزل، فإنه يلزم فاعلها دم وهو ذبح شاة لفقراء الحرم.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin