المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
أما بعد:
فإن مما يندى لهالجبين، ويتفطر له القلب الغيور الحزين أن ترى حرص المسلمين على معرفة أمور دنياهممعرفة بالغة؛ فلا يكاد أحدهم يقدم على أمر من أمور الحياة الدنيا من زواج، أو بيعأو شراء، أو نحو ذلك، إلا بعد سبر تام، ودراسة مستفيضة، وسؤال مستمر لأهل الخبرة،والحل والعقد عما هو عازم ومقدم عليه؛ أما أمور الدين فلا سائل عنها إلا من رحمالله؛ فالدين لا بواكي له؛ فتراه يأتي بفرائض الإسلام، ومبانيه العظام كيفما اتفق،أو حسب ما جرت به عادات، وتقاليد البلاد، أو كما يفعل الأكثر من العباد، أو بحسبضغط الواقع المعاش، أو على ما درب عليه الآباء، والأجداد؛ فيقع في الطوام العظام،ولربما وقع في الشرك أو الكفر وهو لا يعلم؛ فتراه تاركًا لبعض الأركان، مرتكبًاللمحظورات والآثام، لا يحسن توحيده لربه، ولا صلاته، ولا صيامه، ولا زكاته، ولاحجه وعمرته، لا يلوي منها على شيء؛ لأنه لا يسأل!! فلا وقت لديه ليسأل؛ فالدينمهمش في حياته، فليأت كيفما أتى فإن الله غفور رحيم.
هذا لسان حال الكثير إلا من رحم الله، وفي نهايةالمطاف تتوالى الأسئلة على أهل العلم المشتملة على البلايا، والمصائب، والمعضلات؛من جراء هذا الإهمال الرهيب لتعلم أمور دينه؛ فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلابالله العلي العظيم، وكان الواجب عليه أن يسأل عن أمور دينه قبل أن يقدم عليها،ورحم الله سفيان الثوري عندما قال: «إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل».
فلله در عبدٍ وقف علىأمور دينه فاتبع أمر ربه تبارك وتعالى، واهتدى بهدي نبيه r،فاستنارت بذلك بصيرته، وسار إلى ربه على الصراط المستقيم؛ {أَفَمَنْيَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍمُسْتَقِيمٍ} [الملك: 22]؛ فكان من عباد الله الشاكرينوقليل ما هم؛ كما قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13].
وإليك أخي الحاجوالمعتمر جملة من الأخطاء التي اعتاد بعض المسلمين هداهم الله الوقوع فيها أثناءأداء مناسك الحج والعمرة مع ذكر الصحيح أو الراجح في ذلك بناء على ما صح منالأخبار عن النبي المختار وصحبه الأخيار وما أفاده مشايخنا وقد ضمنت هذه الرسالةاختيارات شيخنا المحدث العلامة المحقق حفظه الله ورعاه.
ولقد تفضل مشكورًاصاحب الفضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بقراءة هذه الملاحظات وقدم لهاوعلقّ عليها، وقد أثبتُّ التعليقات في حاشية الكتاب سائلاً المولى عز وجل أن يجزلله الأجر والمثوبة.
أولاً: ما يتعلق بالإحرام (نيته ولباسه):
1- اعتقاد أن الإحرامهو لبس الإزار والرداء. والصحيح أن الإحرام هو نية الدخول في النسك.
2- التلفظ بالنيةوالجهر بها؛ كأن يقول: اللهم إني أريد نسك كذا وكذا، وهذا العمل محدث مبتدع، ولايجوز فعله، والصواب أن النية محلها القلب، ولا يحل التلفظ بها؛ ولكن يشرع الإهلالبالنسك الذي يريد الدخول فيه؛ فالنية بالقلب، والإهلال باللسان، والله أعلم.
3- قول المحرم بعدالإهلال بنسكه: اللهم فيسره لي، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم. والصحيحالاقتصار على الإهلال بالنسك المعين الذي يريد الدخول فيه؛ أما هذا الذكر فلا أصلله عن النبي r؛ فاعتقادمشروعيته محدث مبتدع ([sup][1])[/sup]، ومعلومأن الدعاء هو العبادة، والعبادات مبناها على التوقيف؛ وعليه فلا يجوز اعتقاد سنيتهأو استحبابه بهذه الصيغة الخاصة وفي هذا الموطن، والله أعلم.
4- اعتقاد أنه تجبالنية الخاصة لكل فعل من أفعال الحج، ومن لم يفعل لم تصح عبادته تلك، والصحيح أنهفي الحج والعمرة تكفي النية العامة، وهي نية الدخول في النسك عن جميع أجزاء الحجوالعمرة؛ كما أن نية الدخول في الصلاة تجزئ عن جميع أجزائها فلا تلزم نية للركوعمستقلة مثلاً. والله أعلم.
5- الاشتراط عند الإحرام بدون حاجة. والراجح أنالاشتراط إنما يشرع لمن توقع إحصارًا عن البيت وأداء الحج؛ لمرض، أو عدو، أو حائلمتوقع يحول بينه وبين إتمام نسكه؛ أما الاشتراط المطلق هكذا وبدون حاجة فلا أصل لهعن النبي r، ولا عن أصحابه، وإنما رخص النبي r في ذلك لمن توقع إحصارًا فحسب. والله أعلم.
6- اعتقاد نسخ الإفراد بالحج، والصحيح أنه لم ينسخ بل هو نسك باق إلى أنيرث الله الأرض ومن عليها، وقد جاء في صحيح مسلم ما يفيد أن عيسى بن مريم r سيهل مفردا؛ إلا أن الأفضل لمن لم يسق الهدي أن يحج متمتعًا، ولمن ساقالهدي فالقرآن في حقه أفضل وإن أفرد فحجه صحيح. والله أعلم.
7- اعتقاد أن المرأة إذا أحرمت حَرُمَ عليها أن تغطي وجهها وكفيها مطلقًاويقولون: إحرام المرأة في وجهها وكفيها، ويروون ذلك عن النبي r، والصواب أن المرأة إذا كانت عند الرجال الأجانب (غير محارمها) فيجب عليهاأن تغطي وجهها دون انتقاب، والنقاب هو ما تلبسه المرأة على وجهها من قطع مكان خاصللعينين أو العين الواحدة؛ كما أنه يجب عليها ستر يديها بثيابها دون لبس للقفازين،فهذا هو الممنوع بالنسبة للمرأة حال الإحرام؛ لقول النبي r: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين». رواه البخاري فيصحيحه من حديث ابن عمر، ولفعل الصحابيات والتابعيات رضي الله عنهن؛ فقد أخرج مالكفي الموطأ بسند جيد عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات، ونحنمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما». أما الحديث بلفظ: «إحرام المرأة فيوجهها وكفيها» فلا أصل له عن النبي r. والله أعلم.
8- اعتقاد أنه ليس للحائض ولا النفساء أن تحرم بحج أو عمرة. والصحيح أن لهاذلك، ولا يشترط لها أن تكون طاهرة من الحدث الأكبر؛ فالحائض والنفساء يصح إحرامهمالفعل عائشة وأسماء رضي الله عنهما كما في الصحيحين، وتفعل ما يفعله الحاج؛ غيرأنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحة لا يمكن تجاوزها؛فيجب الرجوع إلى أهل العلم لمعرفة حجم تلك الضرورة؛ فلكل مقام مقال. والله أعلم.
9- اعتقاد أن المحرم لا يحل له أن يلبس شيئًا فيه خيوط، ويقولون: قالالفقهاء: لا يلبس المحرم المخيط. والصحيح أن المراد بذلك: أي لا يلبس من الثياب ماكان مخيطًا على هيئة العضو وحجمه؛ كاللباس المعتاد كالقميص، والعمامة، والبرانسوالسراويل، والشماغ، والغترة، والطاقية، والجوارب، والثياب عموما، وله أن يلبس ماعدا ذلك، ولو كان مخيطا، أو مطرزا. وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء. واللهأعلم.
10- امتناع البعض من لبس النعال المخيطة ظنًا منهم أن ذلك من محظوراتالإحرام. والصحيح أنه يجوز للمحرم لبس النعال مطلقًا سواء كان فيها خيوط أم لا؛لفعل النبي r. والله أعلم.
11- قول من أراد الدخول في نسك التمتع عند الإهلال به من الميقات: «لبيكعمرة متمتعًا بها إلى الحج»؛ فإن هذا القول لا أصل له عن النبي r. والصحيح أن المشروع لمن أراد التمتع أن يقول: لبيك عمرة (فقط). ثم إذاكان يوم التروية أحرم بالحج، وأهل قائلاً: لبيك حجًّا. أما القارن فإنه يهل من عندالميقات قائلاً: لبيك عمرة وحجا، وأما المفرد فيهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
12- اعتقاد أنه لا يجوز تغيير ملابس الإحرام (الإزار والرداء). والصحيحجواز ذلك مطلقًا، ولو تكرر ذلك مرارًا؛ طالما أنه يحتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل متىشاء حال الإحرام وبعده. والله أعلم.
13- اعتقاد البعض أن من سنن الإحرام أن يأخذ من أظفاره وشعره ونحو ذلك.والراجح أن ذلك ليس من سنن الإحرام؛ لعدم ثبوته عن النبي r، ولا عن أصحابه؛ وإنما جاء ذكر ذلك عمن بعدهم؛ ولكن إن احتاجه فعله وإن لميحتج فلا يسن له ذلك من خصائص الإحرام. والله أعلم.
14- الإحرام بالحج قبل أشهره. وهذا مكروه كما قال ابن تيمية: «والإحرامبالحج قبل أشهره ليس مسنونًا بل مكروه»([sup][2])[/sup]. والصحيح أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وهن شوال وذو القعدة وعشر منذي الحجة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهرالحج»([sup][3])[/sup] والله أعلم.
15- اعتقاد أن الإحرام لا ينعقد إلا بعد أداء سنته، واعتقاد أن للإحرامسنةً خاصةً به. والصحيح أنه ليس للإحرام سنة خاصة تصلى لأجله؛ ولكن إن وافق فريضةشرع له أن يحرم بعدها؛ لفعل النبي r، وإن أراد أن يصلي في ذلك الوادي المبارك «وادي العقيق بالمعروف بميقات ذيالحليفة» لنيل بركة الصلاة فيه فله ذلك؛ وذلك خاص بذلك الوادي؛ لعدم ثبوت هذهالبركة إلا في هذا الوادي؛ لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: «سمعت النبيr بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صلِ في هذا الواديالمبارك وقل عمرةً في حجة». والله أعلم.
16- تحرج بعض الرجال من تغطية الرأس بعد الإحرام بغير ملاصق للرأس؛ اتقاءحر، أو مطر، أو نحو ذلك؛ كالخيام، والشمسيات، وسقوف السيارات؛ كما أن بعض النساءتتحرج من ملاصقة الخمار لرؤوسهن ووجوههن؛ فيضعن حائلاً بين رؤوسهن ووجوههنوالخمار. كل هذا لا أصل له عن النبي r، والصواب جواز ذلك كله؛ لما ثبت عن النبي r كما في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي r قال: وأمر بقُبَّةٍ من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله r، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع فيالجاهلية، فأجاز رسول الله r حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت ...الحديث. والله أعلم.
17- تعمد التوجه إلى مسجد الكعبة صبيحة يوم التروية، أو غيره من الأيام؛لإنشاء نية الحج بالنسبة للمتمتع، أو للمقيم في الحرم، أو أهل مكة. وهذا لا أصلله. والصحيح أن يُنشئ نية الحج من المكان الذي نزل فيه؛ لفعل النبي r، ويهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
18- بعض الحجاج يتهاون في ستر عورته؛ فتراه وقد ظهر من جسده شيء مما تحت السرة.والصحيح أن يتعاهد الحاج عورته فيسترها إذا انكشفت؛ لأن الراجح أن ما تحت السرةإلى الركبة عورة يجب سترها ومن تهاون بذلك عامدًا أثم. والله أعلم.
19- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج، أو المعتمر أن يأخذ شيئًا من بشرتهكالزوائد التي على الشقتين، أو في أصابع اليدين، أو القدمين ما عدا الأظافر.والراجح أنه ليس من محظورات الإحرام الأخذ من البشرة؛ فإن هذا المنع إنما جاء فيحق من أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره، أو بشره، أو أظفاره شيئًا حتى يذبحأضحيته، فإذا أراد الحاج أن يضحي فعليه أن يمتنع عن ذلك كله حتى يذبح أضحيته؛لحديث أم سلمة أن النبي r قال: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا.رواه مسلم. مع أن الراجح أنه لا يشرع للحاج أن يضحي؛ لعدم فعل النبي r ذلك. والله أعلم.
20- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج أو المعتمر أن يحك بدنه، أو رأسه، أوإزالة زوائد الشعر المؤذية في البدن عمومًا؛ لاعتقاده أنه إذا سقط من بشرته شيء،أو من شعره، أن عليه الفدية؛ لأنه وقع في محظور من محظورات الإحرام. والصواب أنهيجوز للحاج، أو المعتمر أن يحك ما شاء من بدنه، ولا يضر ما تساقط من الشعر، أوالبشر من جراء ذلك؛ إذ ليس من محظورات الإحرام تساقط الشعر، أو إزالة بعضه لحجامة،ونحوها؛ وإنما المحظور إزالته بالكلية كما حصل مع كعب بن عجرة. والدليل على جوازالأخذ من بعض الشعر حال الإحرام ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي r احتجم وهو محرم، والمحتجم لا بد أن يأخذ شيئًا من شعره، أو بشره؛ ولأنالأصل جواز ذلك؛ لعدم ورود الدليل على المنع من ذلك؛ فتبقى على البراءة الأصلية؛إذ لا يجوز بحال شغل الذمم بدون دليل صحيح صريح من الكتاب أو السنة. والله أعلم.
21- تحرج بعض النساء من مشط، أو تظفير، أو تسريح شعورهن ظنا منهن أن ذلكممنوع حال الإحرام. والصحيح كما تقدم جواز ذلك، وأنه ليس من محظورات الإحرام تساقطبعض الشعر أو البشرة. والله أعلم.
22- بعض النساء يضعن اللثام على وجوههن بدلاً عن النقاب؛ ظنا منهن أن ذلكجائز حال الإحرام. والصحيح أن اللثام لا يجوز للمحرمة أن تستعمله حال الإحرام؛ لماأخرجه البخاري معلقًا وسنده صحيح؛ حيث قال: «باب ما يلبس المحرم من الثيابوالأردية والأزرق ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت: لاتلثم ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس ولا زعفران». والله أعلم.
23- سفر المرأة بدون محرم لأداء الحج أو العمرة. والصحيح أن وجود المحرم معالمرأة في سفرها واجب؛ سواء كان ذلك للحج، أو للعمرة، أو غير ذلك، وأن المرأة إذالم تجد المحرم فإنها تكون بذلك غير مستطيعة؛ وعليه فلا شيء عليها، ولا يجب عليهاالحج ولا العمرة؛ لعدم الاستطاعة المذكورة في قوله تعالى: {وَلِلَّهِعَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. والحج المبرور هو الذي لا فسوق فيه والمرأة التي تحج بدون محرم عاصية للهورسوله؛ لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس قال: سمعت النبي r يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا معذي محرم فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكْتُتِبْتُ فيغزوة كذا وكذا. قال: «انطلق فحج مع امرأتك». متفق عليه. والله أعلم.
24- بعض النساء إذا طهرت من الحيض أو النفاس حال الإحرام تغتسل ثم تتبعمكان الدم في فرجها بشيء من الطيب كعادتها قبل الإحرام. والصحيح أن ذلك لا يجوز؛لأن المحرم والمحرمة منهيان عن الطيب؛ كما صح بذلك الخبر عن النبي r، والإجماع منعقد على المنع من ذلك. والله أعلم.
25- البعض يأتي بعمرة في غير أشهر الحج ثم يبقى في مكة حتى يأتي الحج؛ فيحجمتمتعًا، أو قارنًا. والصحيح أنه يحج مفردًا. وهذا الذي نقل عليه الاتفاق شيخالإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى([sup][4])[/sup]. والله أعلم.
26- البعض يأتي بعمرة في أشهر الحج، ثم يرجع إلى بلده، ثم إذا جاء وقت الحجأهل من الميقات متمتعًا؛ باعتبار أنه كان قد أتى بعمرة في أشهر الحج. والراجح أنتمتعه بتلك العمرة قد انقطع لأنه عاد إلى بلده ولكن لو عاد إلى غير بلده أو بقي فيالحرم حتى جاء الحج جاز له التمتع بتلك العمرة على الراجح ([sup][5])[/sup]. والله أعلم.
27- بعض النساء تحج متمتعة؛ فتحيض قبل يوم عرفة؛ فتبقى على تمتعها، وتشهدعرفة وهي متمتعة. والصحيح أن المرأة إذا حاضت بعد عقدها نية التمتع فيجب عليها أنتهل بالحج فقط؛ فتكون مفردة، أو أن تدخل العمرة على الحج؛ فتكون قارنة على خلافبين أهل العلم ([sup][6])[/sup]. وذلك إذا خشيت فوات الحج وهو يوم عرفة. أما أن تبقى متمتعة مع خشية فواتالحج - أي يوم عرفة - فلا. أما إذا لم تخش ذلك فتنتظر، فإن طهرت قبل يوم عرفةفتمضي على تمتعها، والدليل على ذلك ما حصل مع عائشة رضي الله عنها كما فيالصحيحين. والله أعلم.
28- البعض يصلي على النبي r ويسأل الله من فضله ويستعيذ به ومن النار بعد الفراغ من التلبية. والصحيحعدم مشروعية ذلك لعدم ثبوت ذلك عن النبي r. والله أعلم.
29- البعض يمنع من تغطية الرجل (الذَّكر) المحرم لوجهه. والراجح جواز ذلك؛لأن زيادة (ولا تغطوا وجهه) في قصة الرجل الذي وقصته ناقته شاذة. وقد أعرض عنهاالحفاظ ومنهم البخاري. وقد ثبت عن جمع من الصحابة جواز ذلك؛ فالمحظور إذن علىالحاج أو المعتمر أن يغطي رأسه بملاصق؛ أما الوجه فلا حرج في تغطيته، وإن تركهاحتياطًا فلا حرج. والله أعلم.
30- التحرج من التطيب في البدن قبل الإحرام. والصحيح جواز ذلك؛ بل هو منسنن الإحرام بشرط أن يقع الطيب على البدن لا على الإزار أو الرداء، ولا يضره ماسال بعد ذلك على إحرامه بعد عقد نية الإحرام؛ لفعل النبي r. والله أعلم.
31- البعض يحرم بالعمرة، ثم بعد ذلك يفسخها قبل إتمامها، ويرجع إلى بلده.والصحيح أن هذا الفعل محرم، ولا يجوز؛ لأن العمرة والحج وإن كانا نفلاً؛ فبمجردالشروع فيهما ينقلبان إلى فرض يجب إتمامه فليس له أن يفسخ إحرامه، وإن عاد إلىبلده فإنه لا يزال محرمًا حتى يعود؛ فيقضي نسكه. ولا يحل له أن يجامع زوجته، وكذلكالحال بالنسبة للمرأة. وهذا محل إجماع بين المسلمين؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَتِمُّواالْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]؛ أما الحاج إن أفسد حجه بالجماع متعمدًا مثلاً قبل الوقوفبعرفة فإنه يلزمه المضي وعليه الفدية (بدنة) وعليه التوبة من هذا الإثم العظيموالقضاء في العام القادم مباشرة، والمرأة كالرجل في ذلك ما لم تكن مكرهة أو ناسيةأو جاهلة على الراجح من أقوال أهل العلم. والله أعلم.
32- اعتقاد البعض أنه من السنة الخضاب عند الإحرام. والصحيح أن الخضاب عندالإحرام ليس بسنة. والله أعلم.
33- يتعمد بعض المتمتعين من الحجاج - أي المحرمين بنسك التمتع النازلينبمنى أو بمكة - أن يؤخروا الإحرام بالحج إلى عصر أو ليل يوم التروية، يوم الثامنمن ذي الحجة، دون حاجة ولا عذر، وهذا الفعل خطأ منهم. والصواب أن يبادر الحاجالمتمتع إلى الإحرام بالحج قبل ظهر يوم الثامن من ذي الحجة؛ لأمر النبي r؛ فقد أهل المتمتعون معه عليه الصلاة والسلام بالحج قبل ظهر يوم الثامن،كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: «فحل الناس كلهم وقصروا، إلاالنبي r ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج يومالتروية، وركب رسول الله r فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر». وسواء أكان الحاج نازلاًبمكة أو بمنى أو في أي مكان فيهل بالحج من مكانه ثم يدفع إلى منى إن كان خارجهاوإن كان بمنى فليبق في مكانه أي بمنى. والله أعلم.
34- البعض يحرم قبل الميقات؛ أي يعقد النية قبل المواقيت المعلومة، وبعضهميلبس لباس الإحرام قبل الميقات، ثم يمر بالميقات؛ لعقد النية، ثم ينطلق. والراجحأن عقد النية قبل الميقات غير مشروع؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: في الصحيحينمن طريق ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي r وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم،هن لهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك فمنحيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. ولفعله عليه الصلاة والسلام، فلم يعقد النية إلا فيالميقات كما أخرج البخاري من طريق عكرمة، عن ابن عباس: أن عمر رضي الله عنه حدَّثهقال: حدثني النبي r قال: «أتاني الليلة آت من ربي، وهو بالعقيق، أن صل في هذا الواديالمبارك، وقل: عمرة وحجة». وأما لبس اللباس قبل الميقات ثم المرور به لعقدالنية فظاهره أنه خلاف الأولى؛ لعدم فعل النبي r ذلك، ولعموم قوله r: كما في مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه في سياققصة حج النبي r أنه قال: لتأخذوا عني مناسككم؛ وعليه فالأولى أن يقوم المحرم بلبس لباسالإحرام، وعقد نية الإحرام من الميقات. هذا هو الأكمل، والفضل. إلا إن كان ثمةمشقة من كبر سن، أو شدة زحام في الميقات؛ فيصح فعله عندئذ تخفيفًا عليه فيلبس منبيته من المدينة النبوية مثلاً ثم يعقد النية عند الميقات؛ أما عقد النية قبلالميقات فالراجح منعه ([sup][7])[/sup]. والله أعلم.
35- اعتقاد بعض النساء أنه لا يجوز الإحرام إلا في الثياب البيضاء. والصوابأن الإحرام بالثياب البيضاء لا يجوز اعتقاد كونه شرطا في صحة الإحرام ولكن من فعلذلك من باب قول النبي r فيما رواه الشافعي وأحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن ابن عباس بلفظ: «البسوامن ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم»([sup][8])[/sup]؛ فلا شك أن ذلك أفضل؛ أما جعل ذلك من شروط الإحرام أو واجباته فلا. واللهأعلم.
ثانيًا: ما يتعلق بدخول مكة ومسجد الكعبة:
36- ترك الاغتسال عند دخول مكة، وهذه السنة تكاد أن تكون مهجورة بين الناسمع أن النبي r قد فعل ذلك، وثبت عن ابن عمر فعله. وأجمع العلماء على استحباب ذلك؛فالصحيح إذن مشروعية واستحباب ذلك الغسل إلا إذا كان هناك مشقة وحرج فلا حرج فيتركه. والله أعلم.
37- ابتداء مسجد الكعبة عند رؤيته، أو دخوله برفع اليدينوبقولهم: اللهم زد هذا البيت تشريفًا، وتعظيمًا، وعزًا، ومهابة، وأمنًا. والصحيحأن هذا الفعل، وهذا الذكر لم يثبت عن النبي r؛ فالمشروع عند دخول المسجد أن يقول نفس الأذكارالتي يقولها عند دخول أيِّ مسجد؛ لعدم ورود الدليل على تخصيص مسجد الكعبة بذكر خاصبه عند رؤيته، أو إرادة دخوله. والمشروع للمسلم والمسلمة أيضًا أن يقدم اليمنى علىاليسرى عند الدخول، وتقديم اليسرى على اليمنى عند خروجه كحال سائر المساجد. واللهأعلم.
38- تعمد دخول مسجد الكعبة من باب بني شيبة. والصحيح عدم مشروعية ذلك؛ لعدمثبوت ذلك عن النبي r. فللعبد أن يدخل من أي باب يشاء. والله أعلم.
39- ابتداء مسجد الكعبة بركعتين تحية له عند دخوله. والصحيح أن تحية البيتالطواف؛ فالمشروع للحاج، والمعتمر إذا أتى المسجد الحرام أن يبدأ مباشرة فيالطواف؛ أما من أتى المسجد وهو لا يريد حجًا، أو عمرة، وأراد أن يجلس، فالراجح أنهيصلي ركعتين قبل أن يجلس تحية للمسجد كالحال في سائر المساجد؛ لعموم الأخبارالدالة على ذلك. والله أعلم.
40- تبرج النساء بالزينة والتطيب؛ حيث تظن بعض النساء أن هذا من كمال تعظيمالبيت، وإكرامه، واتخاذ الزينة له. والصحيح أن هذا الفعل محرم؛ فلا يجوز للمرأة أنتخرج مظهرة لزينتها وعطرها وأقدامها، ولو كان ذلك إلى بيت الله الحرام؛ فقد جاءالنهي الأكيد، والوعيد الشديد على من فعلت ذلك كما صحت بذلك الأخبار عن النبيالمختار. والله أعلم.
41- بعض الحجاج يعتقد أفضلية ومشروعية صعود جبل النور، وهذا الفعل مبتدع،ولا علاقة له بمناسك الحج أو العمرة، وليس في صعوده فضيلة مخصوصة؛ لا هو ولا شيءمن جبال مكة. والصحيح ترك صعوده، والنهي والتحذير من ذلك؛ لأن النبي r لم يصعده في حجته ولا في عمرته ولا فعل ذلك أحد من أصحابه، ولو كان خيرًالسبقونا إليه؛ ولأن ذلك من مظاهر الغلو، ومن ذرائع طلب البركة من الجبال وغير ذلكمن الاعتقادات التي تورث وتوقع في الشرك الأكبر والعياذ بالله. والله أعلم.
ثالثًا: ما يتعلق بالطواف والسعي:
42- الرمل (أي الإسراع ومقاربةالخطى) في جميع أشواط الطواف حول الكعبة. والصحيح أن هذا خاص بالأشواط الثلاثةالأول فقط، وأنه خاص بطواف القدوم دون طواف الإفاضة، أو نقل الطواف؛ لأن النبي r لم يفعله في شيء من الطواف سوى طواف القدوم، كما صحت بذلك الأخبار عنالنبي المختار. والله أعلم.
43- اعتقاد أن الطهارة من الحدث الأصغر شرط في صحة الطواف والسعي. والمسألةوإن كان الخلاف فيها قويًا إلا أن الراجح أن الطهارة من الحدث الأصغر مستحبةللطواف (وهو اختيار شيخنا)، وليست من سنن السعي إلا من باب أنه سيذكر الله فيالمسعى؛ فيستحب له الطهارة من هذا الباب فحسب؛ فمن أحدث حدثًا أصغرًا أثناء طوافهبالكعبة، وشق عليه الخروج للوضوء للزحام، أو للتعب والإعياء، أتم طوافه بدون طهارةمن الحدث الأصغر، وطوافه صحيح لا غبار عليه؛ فإن المشقة تجلب التيسير؛ ولكن لا شكأن الأولى أن يكون على طهارة؛ أما الشرطية ففيها نظر. والله أعلم.
44- بعض الحجاج إذا أحدث أثناء الطواف بالكعبة ثم ذهبللوضوء عاد فبدأ الطواف من جديد. وهذا خطأ. والصحيح أن يتم طوافه من حيث وقف؛ فلوكان قد طاف بالبيت ثلاثة أشواط، فإذا عاد فعليه أن يشرع في الشوط الرابع، وهكذا.وكذلك فمن قطع طوافه لعارض من صلاة ونحوها فعل مثل ذلك أيضًا. والله أعلم.
45- الطواف بالكعبة بدون اضطباع (والاضطباع هو إخراج العاتق الأيمن معالمنكب الأيمن وتغطية العاتق الأيسر مع المنكب الأيسر وهذا خاص بالرجال دونالنساء). والصحيح أن السنة أن يضطبع الحاج والمعتمر حال طوافه بالبيت. وهذاالاضطباع خاص بالطواف حول الكعبة دون السعي بين الصفا والمروة، وهو خاص أيضًابطواف القدوم دون الإفاضة؛ إلا إذا لم يكن قد طاف للقدوم؛ فإن طاف لابسا للإزاروالرداء اضطبع؛ لأنه يكون في حقه طواف قدوم وإفاضة؛ فإذا انتهى من الطواف حولالكعبة أعاد إزاره إلى حاله الأول؛ فلا يسعى مضطبعا، والله أعلم.
46- رمل بعض النساء في الطواف حول الكعبة، والجري بين العلمين بين الصفاوالمروة. والصحيح أن هذا الحكم خاص بالرجال دون النساء لعدم نقل ذلك عن الصحابياتوقد حججن مع النبي r. وهذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله؛ فلما لم ينقل علم أنه لم يُفعلوأن فعله مخالف للسنة النبوية المطهرة وبالتالي فإن فعله إحداث في الدين؛ لا سيماوأن في جري النساء فتنة ظاهرة وتحريك للشهوات والعياذ بالله. والله أعلم.
47- تقبيل الركن اليماني، وهو الذي يسبق الحجر الأسود. والصحيح أن المشروعهو استلامه باليد فقط دون تقبيله، ولا الإشارة إليه عند تعذر استلامه. كما أنه لايشرع استلامه بعصا أو نحو ذلك. كما أنه لا يشرع تقبيل اليد بعد استلامه، ولا مسحالوجه أو البدن باليد بعد استلامه. والله أعلم.
48- تعمد المزاحمة على الحجر الأسود لتقبيله، أو استلامه. وهذا من المشقةوالأذية للمسلمين. والصحيح أن من وجد فرجة، أو فرصة لذلك فعل، وإلا فيسن له أنينتقل إلى المرتبة التي بعدها فإن مراتب استلام الحجر أربعة على الترتيب حسبالأفضلية وهي:
1- تقبيله.
2- الاستلام باليدوتقبيل اليد.
3- استلامه بعصا أونحوه وتقبيل الشيء الذي استلمه به.
4- الإشارة إليه دوناستلام له وفي هذه الحالة لا يشرع له أن يقبل يده أو ما أشار به بعد الإشارة. ولايشرع في جميع هذه المراتب مسح شيء من البدن بعد ذلك. والله أعلم.
49- الزحام على الخط الموضوع في الأرض عند محاذاة الحجر الأسود. وهذا الخطلا أصل له. وهو من المحدثات؛ فالصحيح أنه لا يشرع الوقوف عليه ولا عنده؛ بل إذاحاذى الحجر (ويكفي في ذلك غلبة الظن) فعليه أن يكبر ويشير بيده دون وقوف ويمضي.هذا هو الثابت عن النبي r. والله أعلم.
50- الطواف من داخل الحجر المعروف اليوم بحجر إسماعيل. وهذه التسمية لا تصحولا أصل لها؛ فمن طاف من داخل الحجر فقد طاف من داخل الكعبة لا حولها؛ لأن الحجرمن الكعبة كما صحت بذلك الأخبار؛ فالصحيح أن يطوف من خارج الحجر لا من داخله؛ فمنفعل خلاف ذلك فطوافه ناقص، ولا يصح حتى يأتي بما نقص منه. والله أعلم.
51- استلام الركنين الآخرين غير الركنين اليماني والحجر الأسود. والصحيحعدم مشروعية ذلك، وأن ذلك خاص بالركنين اليماني، والحجر الأسود. والله أعلم.
52- التمسح والتعلق بأستار الكعبة، وأحجار البيت، والمقام، ونحو ذلك بقصدالتبرك، أو غير ذلك من المقاصد، وكل هذا منكر عظيم، وبدعة ذميمة، وباب من أبوابالشرك، ووسيلة من وسائله؛ فالصحيح تحريم استلام شيء من المسجد، أو الكعبة بقصدالتعبد لله، أو التبرك، سوى الركن اليماني والحجر الأسود. والله أعلم.
53- الطواف بعكس الناس؛ أي أن يجعل الكعبة عن يمينه، فهذا الطواف باطل.والصواب أن يطوف جاعلاً الكعبة عن يساره مبتدئًا من الحجر الأسود. والله أعلم.
54- منع الطائفين من المرور بين يدي المصلي خلف المقام. والصحيح تركهم عندالزحام؛ لأن الطائف حول الكعبة أحق بالبيت من المصلي؛ لقوله تعالى: {أَنْطَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]؛ فبدأ بالطائفين قبل غيرهم. والله أعلم.
55- مواصلة الجري بين الصفا والمروة من الرجال أو النساء طوال الأشواطكلها، أو معظمها. والصحيح أن الهرولة بين الصفا والمروة خاص بما بين العلمينالأخضرين اللذين في سقف المسعى، وأن هذا الحكم خاص بالرجال دون النساء، كما جرىبذلك فعل النبي r وصحابته الكرام في الحج والعمرة. والله أعلم.
56- الأخذ من بعض الشعر وترك بعضه بالنسبة للرجال عند التحلل سواء للحج، أوللعمرة. وهذا من القزع المنهي عنه. والصحيح تعميم الرأس بالحلق أو التقصير. وأماالنساء فتأخذ من كل قرن - أي ظفيرة - قدر أنملة كما فعل ذلك الصحابة رضي الله عنهمأجمعين. والله أعلم.
57- حلق اللحية عند التحلل، وهذا من المنكرات التي عمت وطمت. والصحيح أنحلق اللحية محرم ولا يجوز، وإعفاؤها من فرائض الإسلام وذلك بالإجماع([sup][9])[/sup]. وإنه لمن الفجور العظيم التقرب إلى الله تعالى بحلقها؛ فالذي يحلق لحيتهبقصد التحلل فقد أساء وتعدى وظلم، وإن اقتصر في التحلل بحلق لحيته لم يحصل بذلكالتحلل؛ بل هو آثم مأزور غير مأجور؛ فالأحاديث الصحيحة دالة على تحريم هذا الفعلالذميم. والله أعلم.
58- مزاحمة النساء للرجال، والرجال للنساء حال الطواف، والسعي، ورميالجمار؛ مما يؤدي إلى تلاصق الأجساد. والصحيح أن على الحاج أن يتقي الله في ذلك مااستطاع إلى ذلك سبيلاً؛ بأن يحرص كل من الجنسين الابتعاد عن الآخر مهما أمكن.والله أعلم.
59- الالتزام بأدعية معينة أثناء الطواف، والسعي، والقراءة من بعض الكتبجماعة بصوت واحد، أو وراء قائد لهم؛ مع أن بعض هذه الكتب لا تخلو من بعض الأدعيةالمبتدعة؛ ناهيك عما يتبع ذلك من رفع الصوت بالدعاء، والذكر الجماعي؛ مما يشوش علىالطائفين، والساعين. وهذا كله من الإحداث، والابتداع في الدين. والصحيح أن يدعوالطائف بما تيسر من الأدعية؛ بشرط أن لا تشتمل على شرك، أو قطيعة رحم، أو عصيان.والأولى أن يدعو بمجامع الدعاء الثابتة عن النبي r، ولا يجوز الدعاء الجماعي، ولا وراء قائد؛ لأن ذلك خلاف هدي النبي r وصحابته الكرام. والله أعلم.
60- الإشارة بكلا اليدين عند محاذاة الحجر الأسود وتكريرالتكبير أكثر من مرة في كل شوط. والصحيح الاكتفاء بيد واحدة فقط، وتكبيرة واحدةلكل شوط؛ أما التسمية ففيها خلاف، والراجح تركها؛ لعدم نقلها عن النبي r، وإنما فعلها ابن عمر فقط وليس في كل شوط بل فيالأول والأخير فقط، وكل الذين نقلوا صفة حج النبي r لم يذكروا التسمية، وعليه فالأولى تركها. واللهأعلم.
61- بعض المحرمين إذا صعد على الصفا أو المروة استقبل الكعبة ورفع يده أويديه مشيرًا بها إلى الكعبة قائلاً: بسم الله والله أكبر، ثم ينزل متجهًا إلىالمروة. وهذا الفعل لا أصل له عن النبي r. والصحيح أن يصعد على الصفا حتى إذا رأى الكعبة استقبلها؛ فيوحد اللهويكبره ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلشيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده»([sup][10])[/sup]، ثم يدعو رافعًا يديه بما يحب من الدعاء الصالح، ثم يكرر الذكر المتقدممرة أخرى، ثم يدعو يفعل وهكذا فيتكرر الذكر ثلاث مرات والدعاء مرتين، ثم ينزلمتجهًا إلى المروة، ثم يفعل مثل ذلك إذا صعد على المروة، ويكرر ذلك كلما صعد الصفاأو المروة. والله أعلم.
62- الوقوف عند المقام للدعاء. وهذا لا أصل له. والصحيح أنه يصلي خلفالمقام إن تيسر له ذلك بدون مشقة، أو زحام للآخرين، فإن لم يستطع صلى حيث يكونالمقام بينه وبين الكعبة، فإن لم يتيسر له ذلك صلى حيث شاء في أي مكان من المسجد.والله أعلم.
63- اعتبار الذهاب والإياب بين الصفا والمروة عبارة عن شوط واحد. والصحيحأن الذهاب من الصفا إلى المروة يُعد شوطًا، والإياب من المروة إلى الصفا يُعدشوطًا آخر. والله أعلم.
64- اعتقاد عدم جواز دخول الطائف في الدور العلوي حال الزحام في السعيالعلوي. والراجح جواز ذلك لأنه أمر زائد على الأصل فلو اضطر لشدة الزحام فدخل فيبعض الأشواط داخل المسعى العلوي صح طوافه ولا شيء عليه ([sup][11])[/sup]؛ لأن المشقة تجلب التيسير والأصل أنه طائف حول الكعبة. والله أعلم.
65- قول البعض في الطواف وعند بدايته: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًامشكورًا. والصحيح عدم مشروعية ذلك؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي r. والله أعلم.
66- يبدأ بعض الحجاج والمعتمرين بالسعي من المروة، ثم يتجه إلى الصفا. وهذاخطأ محض، وإحداث في الدين. والصواب أن يبدأ بالصفا، ثم المروة كما جاء ذلك مصرحًا بهفي الكتاب والسنة، ولولا أن هذا الأمر قد أثر عن بعض الحجاج والمعتمرين لماذكرناه؛ لوضوحه، ولكن الجهل يفعل أكثر من ذلك. والله أعلم.
67- بعض النساء تقوم بالصعود على الصفا وهذا الفعل فيه نظر. والصواب تركذلك للنساء لعدم نقل هذا عن الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم. والله أعلم.
رابعًا: ما يتعلق بالصلاة (بمكة ومنى وغيرهما):
68- الصلاة عند دورات المياه، وفي الساحات حول الحرم دون اتصال الصفوف.والصحيح أن هذا الفعل لا يجوز إلا إذا اتصلت الصفوف إلى المكان الذي يصلي فيهالمصلي، وإن كان يسمع صوت الإمام؛ فليست العبرة في سماع الصوت وإنما العبرة باتصالالصفوف. والله أعلم.
69- تأدية الصلوات وقد كشف الرجل (الذكر) عن عاتقيه. وهذا مخالف للسنة.والصحيح أنه يجب أن يصلي المسلم، وقد ستر عاتقيه؛ فهما عورة ([sup][12])[/sup] في الصلاة؛ خاصة كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لقوله r: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء»([sup][13])[/sup]. والله أعلم.
70- جمع الصلوات المفروضة أيام منى. والصحيح أن يصلي الحاج كل صلاة فيوقتها في جميع أيام منى لفعل النبي r، وإن جمع فالصلاة صحيحة ولكنها خلاف الأفضل وخلاف السنة أيضًا. واللهأعلم.
خامسًا: ما يتعلق بعرفة ويومها:
71- اعتقاد سنية الإسراع عند الدفع من منى إلى عرفات، لا سيما عند المروربوادي محسر، واعتقاد أن ذلك بسبب كونه موطن العذاب الذي وقع على أصحاب الفيل.والصحيح أنه لا يشرع الإسراع عند الذهاب، ويشرع ذلك عند الدفع من عرفة إلى منى عندالمرور بوادي محسر؛ لأن هذا هو الوارد عن النبي r كما في حديث جابر في صحيح مسلم في صفة حجه r، وأما اعتقاد أن ذلك بسبب أنه موطن عذاب أصحاب الفيل فلا أصل له، ولا دليلصحيح عليه يجب المصير إليه. ومما يدل على أن ذلك ليس بصحيح أن النبي r أسرع في الإياب، ولم يسرع في الذهاب ولو كانت العلة أنه موطن عذاب لأسرعفيهما جميعًا. والله أعلم.
72- التوسع في الكلام، والطعام، والشراب يوم عرفة؛ ممايشغل الحاج عن هذا اليوم العظيم. والصحيح اغتنام أوقات هذا اليوم الفضيل بالدعاء،والذكر، والأعمال الصالحة من تعليم، ودعوة، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر كما كانالنبي r يفعل. والله أعلم.
73- الوقوع في المحرمات القولية، والفعلية كالغيبة، والنميمة، والكذب،وسماع الغناء، ومشاهدة الأفلام، والمسلسلات، وشرب الدخان، والشيشة، والجدلالمذموم، وغير ذلك من المنكرات. والصحيح الامتناع عن جميع المحرمات، والفسوق،والفجور، لا سيما في هذا الموسم العظيم فإن وقوع ذلك فيه من أعظم المنكرات التييجب إنكارها وتغييرها. وهو من عدم تعظيم الفاعل لهذه المنكرات لشعائر الله التيقال الله تعالى فيها ممتدحًا صنفًا خاصًا من عباده بقوله تعالى: {ذَلِكَوَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. والله أعلم.
74- صعود جبل عرفة، والتمسح بأحجاره، والاعتقاد فيه، أو في غيره من الجبال.وكل هذا من البدع المحدثة، والمنكرات العظيمة التي يجب تغييرها وإنكارها. والصوابأن لا يصعد الجبل، فإن هذا لا يشرع أبدًا. بل يقف حيث انتهى به المكان. وعرفة كلهاموقف إلا بطن عرفة. فعلى الحاج أن يتأكد من حدود عرفة فإن النبي r قال: «الحج عرفة». والله أعلم.
75- استقبال الجبل، واستدبار الكعبة حال الدعاء بعرفة. وهذا مما لا أصل لهعن النبي r. والصواب أن يستقبل القبلة حال الدعاء كما هو الهدي النبوي. والله أعلم.
76- الدفع من عرفة قبل الغروب لغير حاجة. والسنة أن يدفع الحاج من عرفة بعدغروب الشمس؛ ليجمع بين الليل والنهار لفعل النبي r. والله أعلم.
77- بعض الناس يشتغل بالدعوة إلى الله والتفرغ لذلك في يوم عرفة. والصحيحترك ذلك والاشتغال بالذكر والدعاء كما هو هدي النبي r الذي لم يزل واقفًا على راحلته شاغلاً الوقت كله بالذكر والدعاء «إلا إنرأى منكرًا يتعين عليه إنكاره فليفعل» والأمر بالاشتغال بالذكر والدعاء ونحوهما هواختيار شيخنا. والله أعلم.
78- رفع الأصوات بالمنبهات (البواري) حال الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة،ومنها إلى منى مع الصخب، وعدم السكينة. والصواب أن يفيض الحاج من عرفات برفق وعليهالسكينة والوقار كما أمر بذلك النبي r. والله أعلم.
79- صيام يوم عرفة من قبل بعض الحجاج، وكذلك صيام أيام التشريق. والصحيحأنه من السنة عدم صوم يوم عرفة للحجاج. وأما صيام أيام التشريق فالصحيح المنع منذلك لحديث نبيشة الهذلي في صحيح الإمام مسلم قال: قال النبي r: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى». إلا لمن تمتع، ولميجد الهدي؛ فله أن يصوم أيام التشريق على قول بعض أهل العلم. والله أعلم.
80- بعض الحجاج يترك الدعاء منذ العصر، ويأخذ في الاستعداد للإفاضة،والتجهيز لها. والصحيح أن يحرص الحاج على هذا الوقت العظيم، والمشهد الكبير، وأنيستغل جميع لحظاته بالذكر، والدعاء، والأعمال الصالحة؛ فإن النبي r لم يزل واقفًا يدعو ويذكر الله بعرفة حتى غربت الشمس. والله أعلم.
81- تسمية الجبل الذي بعرفة بجبل الرحمة. وهذه التسمية لا أصل لها، ولعلهذه التسمية كانت سببًا لاعتقاد الكثير الخصوصية لهذا الجبل بالرحمة؛ فأخذوايتبركون به، أو بصعوده، أو بالأخذ من أحجاره، أو تربته، وكل هذا من البدع المحدثةالتي ما أنزل الله بها من سلطان، وهو نوع من أنواع الغلو في الدين، ووسيلة منوسائل الشرك، والعياذ بالله من ذلك. والصحيح أن هذا الجبل اسمه إلال أو ألال -بالفتح أو الكسر - ولا خصوصية في صعوده، أو أخذ شيء منه كما تقدم. والأولى أن يسمىجبل عرفة. والله أعلم.
اعتقاد أن ليوم عرفة ذكرا، ودعاء مخصوصًا. والصحيح أنه ليس ليوم عرفة ذكرمخصوص، ولا دعاء مخصوص؛ فكل ما جاء من الآثار، والأحاديث الواردة في هذا البابمعلولة لا تصح؛ أما الأثر المشهور «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أناوالنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له»[sup]([url=http://tlet-aek-inspecteur.ahlamont
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
أما بعد:
فإن مما يندى لهالجبين، ويتفطر له القلب الغيور الحزين أن ترى حرص المسلمين على معرفة أمور دنياهممعرفة بالغة؛ فلا يكاد أحدهم يقدم على أمر من أمور الحياة الدنيا من زواج، أو بيعأو شراء، أو نحو ذلك، إلا بعد سبر تام، ودراسة مستفيضة، وسؤال مستمر لأهل الخبرة،والحل والعقد عما هو عازم ومقدم عليه؛ أما أمور الدين فلا سائل عنها إلا من رحمالله؛ فالدين لا بواكي له؛ فتراه يأتي بفرائض الإسلام، ومبانيه العظام كيفما اتفق،أو حسب ما جرت به عادات، وتقاليد البلاد، أو كما يفعل الأكثر من العباد، أو بحسبضغط الواقع المعاش، أو على ما درب عليه الآباء، والأجداد؛ فيقع في الطوام العظام،ولربما وقع في الشرك أو الكفر وهو لا يعلم؛ فتراه تاركًا لبعض الأركان، مرتكبًاللمحظورات والآثام، لا يحسن توحيده لربه، ولا صلاته، ولا صيامه، ولا زكاته، ولاحجه وعمرته، لا يلوي منها على شيء؛ لأنه لا يسأل!! فلا وقت لديه ليسأل؛ فالدينمهمش في حياته، فليأت كيفما أتى فإن الله غفور رحيم.
هذا لسان حال الكثير إلا من رحم الله، وفي نهايةالمطاف تتوالى الأسئلة على أهل العلم المشتملة على البلايا، والمصائب، والمعضلات؛من جراء هذا الإهمال الرهيب لتعلم أمور دينه؛ فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلابالله العلي العظيم، وكان الواجب عليه أن يسأل عن أمور دينه قبل أن يقدم عليها،ورحم الله سفيان الثوري عندما قال: «إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل».
فلله در عبدٍ وقف علىأمور دينه فاتبع أمر ربه تبارك وتعالى، واهتدى بهدي نبيه r،فاستنارت بذلك بصيرته، وسار إلى ربه على الصراط المستقيم؛ {أَفَمَنْيَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍمُسْتَقِيمٍ} [الملك: 22]؛ فكان من عباد الله الشاكرينوقليل ما هم؛ كما قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13].
وإليك أخي الحاجوالمعتمر جملة من الأخطاء التي اعتاد بعض المسلمين هداهم الله الوقوع فيها أثناءأداء مناسك الحج والعمرة مع ذكر الصحيح أو الراجح في ذلك بناء على ما صح منالأخبار عن النبي المختار وصحبه الأخيار وما أفاده مشايخنا وقد ضمنت هذه الرسالةاختيارات شيخنا المحدث العلامة المحقق حفظه الله ورعاه.
ولقد تفضل مشكورًاصاحب الفضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير بقراءة هذه الملاحظات وقدم لهاوعلقّ عليها، وقد أثبتُّ التعليقات في حاشية الكتاب سائلاً المولى عز وجل أن يجزلله الأجر والمثوبة.
أولاً: ما يتعلق بالإحرام (نيته ولباسه):
1- اعتقاد أن الإحرامهو لبس الإزار والرداء. والصحيح أن الإحرام هو نية الدخول في النسك.
2- التلفظ بالنيةوالجهر بها؛ كأن يقول: اللهم إني أريد نسك كذا وكذا، وهذا العمل محدث مبتدع، ولايجوز فعله، والصواب أن النية محلها القلب، ولا يحل التلفظ بها؛ ولكن يشرع الإهلالبالنسك الذي يريد الدخول فيه؛ فالنية بالقلب، والإهلال باللسان، والله أعلم.
3- قول المحرم بعدالإهلال بنسكه: اللهم فيسره لي، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم. والصحيحالاقتصار على الإهلال بالنسك المعين الذي يريد الدخول فيه؛ أما هذا الذكر فلا أصلله عن النبي r؛ فاعتقادمشروعيته محدث مبتدع ([sup][1])[/sup]، ومعلومأن الدعاء هو العبادة، والعبادات مبناها على التوقيف؛ وعليه فلا يجوز اعتقاد سنيتهأو استحبابه بهذه الصيغة الخاصة وفي هذا الموطن، والله أعلم.
4- اعتقاد أنه تجبالنية الخاصة لكل فعل من أفعال الحج، ومن لم يفعل لم تصح عبادته تلك، والصحيح أنهفي الحج والعمرة تكفي النية العامة، وهي نية الدخول في النسك عن جميع أجزاء الحجوالعمرة؛ كما أن نية الدخول في الصلاة تجزئ عن جميع أجزائها فلا تلزم نية للركوعمستقلة مثلاً. والله أعلم.
5- الاشتراط عند الإحرام بدون حاجة. والراجح أنالاشتراط إنما يشرع لمن توقع إحصارًا عن البيت وأداء الحج؛ لمرض، أو عدو، أو حائلمتوقع يحول بينه وبين إتمام نسكه؛ أما الاشتراط المطلق هكذا وبدون حاجة فلا أصل لهعن النبي r، ولا عن أصحابه، وإنما رخص النبي r في ذلك لمن توقع إحصارًا فحسب. والله أعلم.
6- اعتقاد نسخ الإفراد بالحج، والصحيح أنه لم ينسخ بل هو نسك باق إلى أنيرث الله الأرض ومن عليها، وقد جاء في صحيح مسلم ما يفيد أن عيسى بن مريم r سيهل مفردا؛ إلا أن الأفضل لمن لم يسق الهدي أن يحج متمتعًا، ولمن ساقالهدي فالقرآن في حقه أفضل وإن أفرد فحجه صحيح. والله أعلم.
7- اعتقاد أن المرأة إذا أحرمت حَرُمَ عليها أن تغطي وجهها وكفيها مطلقًاويقولون: إحرام المرأة في وجهها وكفيها، ويروون ذلك عن النبي r، والصواب أن المرأة إذا كانت عند الرجال الأجانب (غير محارمها) فيجب عليهاأن تغطي وجهها دون انتقاب، والنقاب هو ما تلبسه المرأة على وجهها من قطع مكان خاصللعينين أو العين الواحدة؛ كما أنه يجب عليها ستر يديها بثيابها دون لبس للقفازين،فهذا هو الممنوع بالنسبة للمرأة حال الإحرام؛ لقول النبي r: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين». رواه البخاري فيصحيحه من حديث ابن عمر، ولفعل الصحابيات والتابعيات رضي الله عنهن؛ فقد أخرج مالكفي الموطأ بسند جيد عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات، ونحنمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما». أما الحديث بلفظ: «إحرام المرأة فيوجهها وكفيها» فلا أصل له عن النبي r. والله أعلم.
8- اعتقاد أنه ليس للحائض ولا النفساء أن تحرم بحج أو عمرة. والصحيح أن لهاذلك، ولا يشترط لها أن تكون طاهرة من الحدث الأكبر؛ فالحائض والنفساء يصح إحرامهمالفعل عائشة وأسماء رضي الله عنهما كما في الصحيحين، وتفعل ما يفعله الحاج؛ غيرأنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحة لا يمكن تجاوزها؛فيجب الرجوع إلى أهل العلم لمعرفة حجم تلك الضرورة؛ فلكل مقام مقال. والله أعلم.
9- اعتقاد أن المحرم لا يحل له أن يلبس شيئًا فيه خيوط، ويقولون: قالالفقهاء: لا يلبس المحرم المخيط. والصحيح أن المراد بذلك: أي لا يلبس من الثياب ماكان مخيطًا على هيئة العضو وحجمه؛ كاللباس المعتاد كالقميص، والعمامة، والبرانسوالسراويل، والشماغ، والغترة، والطاقية، والجوارب، والثياب عموما، وله أن يلبس ماعدا ذلك، ولو كان مخيطا، أو مطرزا. وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء. واللهأعلم.
10- امتناع البعض من لبس النعال المخيطة ظنًا منهم أن ذلك من محظوراتالإحرام. والصحيح أنه يجوز للمحرم لبس النعال مطلقًا سواء كان فيها خيوط أم لا؛لفعل النبي r. والله أعلم.
11- قول من أراد الدخول في نسك التمتع عند الإهلال به من الميقات: «لبيكعمرة متمتعًا بها إلى الحج»؛ فإن هذا القول لا أصل له عن النبي r. والصحيح أن المشروع لمن أراد التمتع أن يقول: لبيك عمرة (فقط). ثم إذاكان يوم التروية أحرم بالحج، وأهل قائلاً: لبيك حجًّا. أما القارن فإنه يهل من عندالميقات قائلاً: لبيك عمرة وحجا، وأما المفرد فيهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
12- اعتقاد أنه لا يجوز تغيير ملابس الإحرام (الإزار والرداء). والصحيحجواز ذلك مطلقًا، ولو تكرر ذلك مرارًا؛ طالما أنه يحتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل متىشاء حال الإحرام وبعده. والله أعلم.
13- اعتقاد البعض أن من سنن الإحرام أن يأخذ من أظفاره وشعره ونحو ذلك.والراجح أن ذلك ليس من سنن الإحرام؛ لعدم ثبوته عن النبي r، ولا عن أصحابه؛ وإنما جاء ذكر ذلك عمن بعدهم؛ ولكن إن احتاجه فعله وإن لميحتج فلا يسن له ذلك من خصائص الإحرام. والله أعلم.
14- الإحرام بالحج قبل أشهره. وهذا مكروه كما قال ابن تيمية: «والإحرامبالحج قبل أشهره ليس مسنونًا بل مكروه»([sup][2])[/sup]. والصحيح أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وهن شوال وذو القعدة وعشر منذي الحجة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهرالحج»([sup][3])[/sup] والله أعلم.
15- اعتقاد أن الإحرام لا ينعقد إلا بعد أداء سنته، واعتقاد أن للإحرامسنةً خاصةً به. والصحيح أنه ليس للإحرام سنة خاصة تصلى لأجله؛ ولكن إن وافق فريضةشرع له أن يحرم بعدها؛ لفعل النبي r، وإن أراد أن يصلي في ذلك الوادي المبارك «وادي العقيق بالمعروف بميقات ذيالحليفة» لنيل بركة الصلاة فيه فله ذلك؛ وذلك خاص بذلك الوادي؛ لعدم ثبوت هذهالبركة إلا في هذا الوادي؛ لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: «سمعت النبيr بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صلِ في هذا الواديالمبارك وقل عمرةً في حجة». والله أعلم.
16- تحرج بعض الرجال من تغطية الرأس بعد الإحرام بغير ملاصق للرأس؛ اتقاءحر، أو مطر، أو نحو ذلك؛ كالخيام، والشمسيات، وسقوف السيارات؛ كما أن بعض النساءتتحرج من ملاصقة الخمار لرؤوسهن ووجوههن؛ فيضعن حائلاً بين رؤوسهن ووجوههنوالخمار. كل هذا لا أصل له عن النبي r، والصواب جواز ذلك كله؛ لما ثبت عن النبي r كما في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي r قال: وأمر بقُبَّةٍ من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله r، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع فيالجاهلية، فأجاز رسول الله r حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت ...الحديث. والله أعلم.
17- تعمد التوجه إلى مسجد الكعبة صبيحة يوم التروية، أو غيره من الأيام؛لإنشاء نية الحج بالنسبة للمتمتع، أو للمقيم في الحرم، أو أهل مكة. وهذا لا أصلله. والصحيح أن يُنشئ نية الحج من المكان الذي نزل فيه؛ لفعل النبي r، ويهل قائلاً: لبيك حجا. والله أعلم.
18- بعض الحجاج يتهاون في ستر عورته؛ فتراه وقد ظهر من جسده شيء مما تحت السرة.والصحيح أن يتعاهد الحاج عورته فيسترها إذا انكشفت؛ لأن الراجح أن ما تحت السرةإلى الركبة عورة يجب سترها ومن تهاون بذلك عامدًا أثم. والله أعلم.
19- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج، أو المعتمر أن يأخذ شيئًا من بشرتهكالزوائد التي على الشقتين، أو في أصابع اليدين، أو القدمين ما عدا الأظافر.والراجح أنه ليس من محظورات الإحرام الأخذ من البشرة؛ فإن هذا المنع إنما جاء فيحق من أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره، أو بشره، أو أظفاره شيئًا حتى يذبحأضحيته، فإذا أراد الحاج أن يضحي فعليه أن يمتنع عن ذلك كله حتى يذبح أضحيته؛لحديث أم سلمة أن النبي r قال: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا.رواه مسلم. مع أن الراجح أنه لا يشرع للحاج أن يضحي؛ لعدم فعل النبي r ذلك. والله أعلم.
20- اعتقاد البعض أنه يحرم على الحاج أو المعتمر أن يحك بدنه، أو رأسه، أوإزالة زوائد الشعر المؤذية في البدن عمومًا؛ لاعتقاده أنه إذا سقط من بشرته شيء،أو من شعره، أن عليه الفدية؛ لأنه وقع في محظور من محظورات الإحرام. والصواب أنهيجوز للحاج، أو المعتمر أن يحك ما شاء من بدنه، ولا يضر ما تساقط من الشعر، أوالبشر من جراء ذلك؛ إذ ليس من محظورات الإحرام تساقط الشعر، أو إزالة بعضه لحجامة،ونحوها؛ وإنما المحظور إزالته بالكلية كما حصل مع كعب بن عجرة. والدليل على جوازالأخذ من بعض الشعر حال الإحرام ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي r احتجم وهو محرم، والمحتجم لا بد أن يأخذ شيئًا من شعره، أو بشره؛ ولأنالأصل جواز ذلك؛ لعدم ورود الدليل على المنع من ذلك؛ فتبقى على البراءة الأصلية؛إذ لا يجوز بحال شغل الذمم بدون دليل صحيح صريح من الكتاب أو السنة. والله أعلم.
21- تحرج بعض النساء من مشط، أو تظفير، أو تسريح شعورهن ظنا منهن أن ذلكممنوع حال الإحرام. والصحيح كما تقدم جواز ذلك، وأنه ليس من محظورات الإحرام تساقطبعض الشعر أو البشرة. والله أعلم.
22- بعض النساء يضعن اللثام على وجوههن بدلاً عن النقاب؛ ظنا منهن أن ذلكجائز حال الإحرام. والصحيح أن اللثام لا يجوز للمحرمة أن تستعمله حال الإحرام؛ لماأخرجه البخاري معلقًا وسنده صحيح؛ حيث قال: «باب ما يلبس المحرم من الثيابوالأردية والأزرق ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت: لاتلثم ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس ولا زعفران». والله أعلم.
23- سفر المرأة بدون محرم لأداء الحج أو العمرة. والصحيح أن وجود المحرم معالمرأة في سفرها واجب؛ سواء كان ذلك للحج، أو للعمرة، أو غير ذلك، وأن المرأة إذالم تجد المحرم فإنها تكون بذلك غير مستطيعة؛ وعليه فلا شيء عليها، ولا يجب عليهاالحج ولا العمرة؛ لعدم الاستطاعة المذكورة في قوله تعالى: {وَلِلَّهِعَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. والحج المبرور هو الذي لا فسوق فيه والمرأة التي تحج بدون محرم عاصية للهورسوله؛ لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس قال: سمعت النبي r يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا معذي محرم فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكْتُتِبْتُ فيغزوة كذا وكذا. قال: «انطلق فحج مع امرأتك». متفق عليه. والله أعلم.
24- بعض النساء إذا طهرت من الحيض أو النفاس حال الإحرام تغتسل ثم تتبعمكان الدم في فرجها بشيء من الطيب كعادتها قبل الإحرام. والصحيح أن ذلك لا يجوز؛لأن المحرم والمحرمة منهيان عن الطيب؛ كما صح بذلك الخبر عن النبي r، والإجماع منعقد على المنع من ذلك. والله أعلم.
25- البعض يأتي بعمرة في غير أشهر الحج ثم يبقى في مكة حتى يأتي الحج؛ فيحجمتمتعًا، أو قارنًا. والصحيح أنه يحج مفردًا. وهذا الذي نقل عليه الاتفاق شيخالإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى([sup][4])[/sup]. والله أعلم.
26- البعض يأتي بعمرة في أشهر الحج، ثم يرجع إلى بلده، ثم إذا جاء وقت الحجأهل من الميقات متمتعًا؛ باعتبار أنه كان قد أتى بعمرة في أشهر الحج. والراجح أنتمتعه بتلك العمرة قد انقطع لأنه عاد إلى بلده ولكن لو عاد إلى غير بلده أو بقي فيالحرم حتى جاء الحج جاز له التمتع بتلك العمرة على الراجح ([sup][5])[/sup]. والله أعلم.
27- بعض النساء تحج متمتعة؛ فتحيض قبل يوم عرفة؛ فتبقى على تمتعها، وتشهدعرفة وهي متمتعة. والصحيح أن المرأة إذا حاضت بعد عقدها نية التمتع فيجب عليها أنتهل بالحج فقط؛ فتكون مفردة، أو أن تدخل العمرة على الحج؛ فتكون قارنة على خلافبين أهل العلم ([sup][6])[/sup]. وذلك إذا خشيت فوات الحج وهو يوم عرفة. أما أن تبقى متمتعة مع خشية فواتالحج - أي يوم عرفة - فلا. أما إذا لم تخش ذلك فتنتظر، فإن طهرت قبل يوم عرفةفتمضي على تمتعها، والدليل على ذلك ما حصل مع عائشة رضي الله عنها كما فيالصحيحين. والله أعلم.
28- البعض يصلي على النبي r ويسأل الله من فضله ويستعيذ به ومن النار بعد الفراغ من التلبية. والصحيحعدم مشروعية ذلك لعدم ثبوت ذلك عن النبي r. والله أعلم.
29- البعض يمنع من تغطية الرجل (الذَّكر) المحرم لوجهه. والراجح جواز ذلك؛لأن زيادة (ولا تغطوا وجهه) في قصة الرجل الذي وقصته ناقته شاذة. وقد أعرض عنهاالحفاظ ومنهم البخاري. وقد ثبت عن جمع من الصحابة جواز ذلك؛ فالمحظور إذن علىالحاج أو المعتمر أن يغطي رأسه بملاصق؛ أما الوجه فلا حرج في تغطيته، وإن تركهاحتياطًا فلا حرج. والله أعلم.
30- التحرج من التطيب في البدن قبل الإحرام. والصحيح جواز ذلك؛ بل هو منسنن الإحرام بشرط أن يقع الطيب على البدن لا على الإزار أو الرداء، ولا يضره ماسال بعد ذلك على إحرامه بعد عقد نية الإحرام؛ لفعل النبي r. والله أعلم.
31- البعض يحرم بالعمرة، ثم بعد ذلك يفسخها قبل إتمامها، ويرجع إلى بلده.والصحيح أن هذا الفعل محرم، ولا يجوز؛ لأن العمرة والحج وإن كانا نفلاً؛ فبمجردالشروع فيهما ينقلبان إلى فرض يجب إتمامه فليس له أن يفسخ إحرامه، وإن عاد إلىبلده فإنه لا يزال محرمًا حتى يعود؛ فيقضي نسكه. ولا يحل له أن يجامع زوجته، وكذلكالحال بالنسبة للمرأة. وهذا محل إجماع بين المسلمين؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَتِمُّواالْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]؛ أما الحاج إن أفسد حجه بالجماع متعمدًا مثلاً قبل الوقوفبعرفة فإنه يلزمه المضي وعليه الفدية (بدنة) وعليه التوبة من هذا الإثم العظيموالقضاء في العام القادم مباشرة، والمرأة كالرجل في ذلك ما لم تكن مكرهة أو ناسيةأو جاهلة على الراجح من أقوال أهل العلم. والله أعلم.
32- اعتقاد البعض أنه من السنة الخضاب عند الإحرام. والصحيح أن الخضاب عندالإحرام ليس بسنة. والله أعلم.
33- يتعمد بعض المتمتعين من الحجاج - أي المحرمين بنسك التمتع النازلينبمنى أو بمكة - أن يؤخروا الإحرام بالحج إلى عصر أو ليل يوم التروية، يوم الثامنمن ذي الحجة، دون حاجة ولا عذر، وهذا الفعل خطأ منهم. والصواب أن يبادر الحاجالمتمتع إلى الإحرام بالحج قبل ظهر يوم الثامن من ذي الحجة؛ لأمر النبي r؛ فقد أهل المتمتعون معه عليه الصلاة والسلام بالحج قبل ظهر يوم الثامن،كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: «فحل الناس كلهم وقصروا، إلاالنبي r ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج يومالتروية، وركب رسول الله r فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر». وسواء أكان الحاج نازلاًبمكة أو بمنى أو في أي مكان فيهل بالحج من مكانه ثم يدفع إلى منى إن كان خارجهاوإن كان بمنى فليبق في مكانه أي بمنى. والله أعلم.
34- البعض يحرم قبل الميقات؛ أي يعقد النية قبل المواقيت المعلومة، وبعضهميلبس لباس الإحرام قبل الميقات، ثم يمر بالميقات؛ لعقد النية، ثم ينطلق. والراجحأن عقد النية قبل الميقات غير مشروع؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: في الصحيحينمن طريق ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي r وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم،هن لهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك فمنحيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. ولفعله عليه الصلاة والسلام، فلم يعقد النية إلا فيالميقات كما أخرج البخاري من طريق عكرمة، عن ابن عباس: أن عمر رضي الله عنه حدَّثهقال: حدثني النبي r قال: «أتاني الليلة آت من ربي، وهو بالعقيق، أن صل في هذا الواديالمبارك، وقل: عمرة وحجة». وأما لبس اللباس قبل الميقات ثم المرور به لعقدالنية فظاهره أنه خلاف الأولى؛ لعدم فعل النبي r ذلك، ولعموم قوله r: كما في مسلم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه في سياققصة حج النبي r أنه قال: لتأخذوا عني مناسككم؛ وعليه فالأولى أن يقوم المحرم بلبس لباسالإحرام، وعقد نية الإحرام من الميقات. هذا هو الأكمل، والفضل. إلا إن كان ثمةمشقة من كبر سن، أو شدة زحام في الميقات؛ فيصح فعله عندئذ تخفيفًا عليه فيلبس منبيته من المدينة النبوية مثلاً ثم يعقد النية عند الميقات؛ أما عقد النية قبلالميقات فالراجح منعه ([sup][7])[/sup]. والله أعلم.
35- اعتقاد بعض النساء أنه لا يجوز الإحرام إلا في الثياب البيضاء. والصوابأن الإحرام بالثياب البيضاء لا يجوز اعتقاد كونه شرطا في صحة الإحرام ولكن من فعلذلك من باب قول النبي r فيما رواه الشافعي وأحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن ابن عباس بلفظ: «البسوامن ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم»([sup][8])[/sup]؛ فلا شك أن ذلك أفضل؛ أما جعل ذلك من شروط الإحرام أو واجباته فلا. واللهأعلم.
ثانيًا: ما يتعلق بدخول مكة ومسجد الكعبة:
36- ترك الاغتسال عند دخول مكة، وهذه السنة تكاد أن تكون مهجورة بين الناسمع أن النبي r قد فعل ذلك، وثبت عن ابن عمر فعله. وأجمع العلماء على استحباب ذلك؛فالصحيح إذن مشروعية واستحباب ذلك الغسل إلا إذا كان هناك مشقة وحرج فلا حرج فيتركه. والله أعلم.
37- ابتداء مسجد الكعبة عند رؤيته، أو دخوله برفع اليدينوبقولهم: اللهم زد هذا البيت تشريفًا، وتعظيمًا، وعزًا، ومهابة، وأمنًا. والصحيحأن هذا الفعل، وهذا الذكر لم يثبت عن النبي r؛ فالمشروع عند دخول المسجد أن يقول نفس الأذكارالتي يقولها عند دخول أيِّ مسجد؛ لعدم ورود الدليل على تخصيص مسجد الكعبة بذكر خاصبه عند رؤيته، أو إرادة دخوله. والمشروع للمسلم والمسلمة أيضًا أن يقدم اليمنى علىاليسرى عند الدخول، وتقديم اليسرى على اليمنى عند خروجه كحال سائر المساجد. واللهأعلم.
38- تعمد دخول مسجد الكعبة من باب بني شيبة. والصحيح عدم مشروعية ذلك؛ لعدمثبوت ذلك عن النبي r. فللعبد أن يدخل من أي باب يشاء. والله أعلم.
39- ابتداء مسجد الكعبة بركعتين تحية له عند دخوله. والصحيح أن تحية البيتالطواف؛ فالمشروع للحاج، والمعتمر إذا أتى المسجد الحرام أن يبدأ مباشرة فيالطواف؛ أما من أتى المسجد وهو لا يريد حجًا، أو عمرة، وأراد أن يجلس، فالراجح أنهيصلي ركعتين قبل أن يجلس تحية للمسجد كالحال في سائر المساجد؛ لعموم الأخبارالدالة على ذلك. والله أعلم.
40- تبرج النساء بالزينة والتطيب؛ حيث تظن بعض النساء أن هذا من كمال تعظيمالبيت، وإكرامه، واتخاذ الزينة له. والصحيح أن هذا الفعل محرم؛ فلا يجوز للمرأة أنتخرج مظهرة لزينتها وعطرها وأقدامها، ولو كان ذلك إلى بيت الله الحرام؛ فقد جاءالنهي الأكيد، والوعيد الشديد على من فعلت ذلك كما صحت بذلك الأخبار عن النبيالمختار. والله أعلم.
41- بعض الحجاج يعتقد أفضلية ومشروعية صعود جبل النور، وهذا الفعل مبتدع،ولا علاقة له بمناسك الحج أو العمرة، وليس في صعوده فضيلة مخصوصة؛ لا هو ولا شيءمن جبال مكة. والصحيح ترك صعوده، والنهي والتحذير من ذلك؛ لأن النبي r لم يصعده في حجته ولا في عمرته ولا فعل ذلك أحد من أصحابه، ولو كان خيرًالسبقونا إليه؛ ولأن ذلك من مظاهر الغلو، ومن ذرائع طلب البركة من الجبال وغير ذلكمن الاعتقادات التي تورث وتوقع في الشرك الأكبر والعياذ بالله. والله أعلم.
ثالثًا: ما يتعلق بالطواف والسعي:
42- الرمل (أي الإسراع ومقاربةالخطى) في جميع أشواط الطواف حول الكعبة. والصحيح أن هذا خاص بالأشواط الثلاثةالأول فقط، وأنه خاص بطواف القدوم دون طواف الإفاضة، أو نقل الطواف؛ لأن النبي r لم يفعله في شيء من الطواف سوى طواف القدوم، كما صحت بذلك الأخبار عنالنبي المختار. والله أعلم.
43- اعتقاد أن الطهارة من الحدث الأصغر شرط في صحة الطواف والسعي. والمسألةوإن كان الخلاف فيها قويًا إلا أن الراجح أن الطهارة من الحدث الأصغر مستحبةللطواف (وهو اختيار شيخنا)، وليست من سنن السعي إلا من باب أنه سيذكر الله فيالمسعى؛ فيستحب له الطهارة من هذا الباب فحسب؛ فمن أحدث حدثًا أصغرًا أثناء طوافهبالكعبة، وشق عليه الخروج للوضوء للزحام، أو للتعب والإعياء، أتم طوافه بدون طهارةمن الحدث الأصغر، وطوافه صحيح لا غبار عليه؛ فإن المشقة تجلب التيسير؛ ولكن لا شكأن الأولى أن يكون على طهارة؛ أما الشرطية ففيها نظر. والله أعلم.
44- بعض الحجاج إذا أحدث أثناء الطواف بالكعبة ثم ذهبللوضوء عاد فبدأ الطواف من جديد. وهذا خطأ. والصحيح أن يتم طوافه من حيث وقف؛ فلوكان قد طاف بالبيت ثلاثة أشواط، فإذا عاد فعليه أن يشرع في الشوط الرابع، وهكذا.وكذلك فمن قطع طوافه لعارض من صلاة ونحوها فعل مثل ذلك أيضًا. والله أعلم.
45- الطواف بالكعبة بدون اضطباع (والاضطباع هو إخراج العاتق الأيمن معالمنكب الأيمن وتغطية العاتق الأيسر مع المنكب الأيسر وهذا خاص بالرجال دونالنساء). والصحيح أن السنة أن يضطبع الحاج والمعتمر حال طوافه بالبيت. وهذاالاضطباع خاص بالطواف حول الكعبة دون السعي بين الصفا والمروة، وهو خاص أيضًابطواف القدوم دون الإفاضة؛ إلا إذا لم يكن قد طاف للقدوم؛ فإن طاف لابسا للإزاروالرداء اضطبع؛ لأنه يكون في حقه طواف قدوم وإفاضة؛ فإذا انتهى من الطواف حولالكعبة أعاد إزاره إلى حاله الأول؛ فلا يسعى مضطبعا، والله أعلم.
46- رمل بعض النساء في الطواف حول الكعبة، والجري بين العلمين بين الصفاوالمروة. والصحيح أن هذا الحكم خاص بالرجال دون النساء لعدم نقل ذلك عن الصحابياتوقد حججن مع النبي r. وهذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله؛ فلما لم ينقل علم أنه لم يُفعلوأن فعله مخالف للسنة النبوية المطهرة وبالتالي فإن فعله إحداث في الدين؛ لا سيماوأن في جري النساء فتنة ظاهرة وتحريك للشهوات والعياذ بالله. والله أعلم.
47- تقبيل الركن اليماني، وهو الذي يسبق الحجر الأسود. والصحيح أن المشروعهو استلامه باليد فقط دون تقبيله، ولا الإشارة إليه عند تعذر استلامه. كما أنه لايشرع استلامه بعصا أو نحو ذلك. كما أنه لا يشرع تقبيل اليد بعد استلامه، ولا مسحالوجه أو البدن باليد بعد استلامه. والله أعلم.
48- تعمد المزاحمة على الحجر الأسود لتقبيله، أو استلامه. وهذا من المشقةوالأذية للمسلمين. والصحيح أن من وجد فرجة، أو فرصة لذلك فعل، وإلا فيسن له أنينتقل إلى المرتبة التي بعدها فإن مراتب استلام الحجر أربعة على الترتيب حسبالأفضلية وهي:
1- تقبيله.
2- الاستلام باليدوتقبيل اليد.
3- استلامه بعصا أونحوه وتقبيل الشيء الذي استلمه به.
4- الإشارة إليه دوناستلام له وفي هذه الحالة لا يشرع له أن يقبل يده أو ما أشار به بعد الإشارة. ولايشرع في جميع هذه المراتب مسح شيء من البدن بعد ذلك. والله أعلم.
49- الزحام على الخط الموضوع في الأرض عند محاذاة الحجر الأسود. وهذا الخطلا أصل له. وهو من المحدثات؛ فالصحيح أنه لا يشرع الوقوف عليه ولا عنده؛ بل إذاحاذى الحجر (ويكفي في ذلك غلبة الظن) فعليه أن يكبر ويشير بيده دون وقوف ويمضي.هذا هو الثابت عن النبي r. والله أعلم.
50- الطواف من داخل الحجر المعروف اليوم بحجر إسماعيل. وهذه التسمية لا تصحولا أصل لها؛ فمن طاف من داخل الحجر فقد طاف من داخل الكعبة لا حولها؛ لأن الحجرمن الكعبة كما صحت بذلك الأخبار؛ فالصحيح أن يطوف من خارج الحجر لا من داخله؛ فمنفعل خلاف ذلك فطوافه ناقص، ولا يصح حتى يأتي بما نقص منه. والله أعلم.
51- استلام الركنين الآخرين غير الركنين اليماني والحجر الأسود. والصحيحعدم مشروعية ذلك، وأن ذلك خاص بالركنين اليماني، والحجر الأسود. والله أعلم.
52- التمسح والتعلق بأستار الكعبة، وأحجار البيت، والمقام، ونحو ذلك بقصدالتبرك، أو غير ذلك من المقاصد، وكل هذا منكر عظيم، وبدعة ذميمة، وباب من أبوابالشرك، ووسيلة من وسائله؛ فالصحيح تحريم استلام شيء من المسجد، أو الكعبة بقصدالتعبد لله، أو التبرك، سوى الركن اليماني والحجر الأسود. والله أعلم.
53- الطواف بعكس الناس؛ أي أن يجعل الكعبة عن يمينه، فهذا الطواف باطل.والصواب أن يطوف جاعلاً الكعبة عن يساره مبتدئًا من الحجر الأسود. والله أعلم.
54- منع الطائفين من المرور بين يدي المصلي خلف المقام. والصحيح تركهم عندالزحام؛ لأن الطائف حول الكعبة أحق بالبيت من المصلي؛ لقوله تعالى: {أَنْطَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]؛ فبدأ بالطائفين قبل غيرهم. والله أعلم.
55- مواصلة الجري بين الصفا والمروة من الرجال أو النساء طوال الأشواطكلها، أو معظمها. والصحيح أن الهرولة بين الصفا والمروة خاص بما بين العلمينالأخضرين اللذين في سقف المسعى، وأن هذا الحكم خاص بالرجال دون النساء، كما جرىبذلك فعل النبي r وصحابته الكرام في الحج والعمرة. والله أعلم.
56- الأخذ من بعض الشعر وترك بعضه بالنسبة للرجال عند التحلل سواء للحج، أوللعمرة. وهذا من القزع المنهي عنه. والصحيح تعميم الرأس بالحلق أو التقصير. وأماالنساء فتأخذ من كل قرن - أي ظفيرة - قدر أنملة كما فعل ذلك الصحابة رضي الله عنهمأجمعين. والله أعلم.
57- حلق اللحية عند التحلل، وهذا من المنكرات التي عمت وطمت. والصحيح أنحلق اللحية محرم ولا يجوز، وإعفاؤها من فرائض الإسلام وذلك بالإجماع([sup][9])[/sup]. وإنه لمن الفجور العظيم التقرب إلى الله تعالى بحلقها؛ فالذي يحلق لحيتهبقصد التحلل فقد أساء وتعدى وظلم، وإن اقتصر في التحلل بحلق لحيته لم يحصل بذلكالتحلل؛ بل هو آثم مأزور غير مأجور؛ فالأحاديث الصحيحة دالة على تحريم هذا الفعلالذميم. والله أعلم.
58- مزاحمة النساء للرجال، والرجال للنساء حال الطواف، والسعي، ورميالجمار؛ مما يؤدي إلى تلاصق الأجساد. والصحيح أن على الحاج أن يتقي الله في ذلك مااستطاع إلى ذلك سبيلاً؛ بأن يحرص كل من الجنسين الابتعاد عن الآخر مهما أمكن.والله أعلم.
59- الالتزام بأدعية معينة أثناء الطواف، والسعي، والقراءة من بعض الكتبجماعة بصوت واحد، أو وراء قائد لهم؛ مع أن بعض هذه الكتب لا تخلو من بعض الأدعيةالمبتدعة؛ ناهيك عما يتبع ذلك من رفع الصوت بالدعاء، والذكر الجماعي؛ مما يشوش علىالطائفين، والساعين. وهذا كله من الإحداث، والابتداع في الدين. والصحيح أن يدعوالطائف بما تيسر من الأدعية؛ بشرط أن لا تشتمل على شرك، أو قطيعة رحم، أو عصيان.والأولى أن يدعو بمجامع الدعاء الثابتة عن النبي r، ولا يجوز الدعاء الجماعي، ولا وراء قائد؛ لأن ذلك خلاف هدي النبي r وصحابته الكرام. والله أعلم.
60- الإشارة بكلا اليدين عند محاذاة الحجر الأسود وتكريرالتكبير أكثر من مرة في كل شوط. والصحيح الاكتفاء بيد واحدة فقط، وتكبيرة واحدةلكل شوط؛ أما التسمية ففيها خلاف، والراجح تركها؛ لعدم نقلها عن النبي r، وإنما فعلها ابن عمر فقط وليس في كل شوط بل فيالأول والأخير فقط، وكل الذين نقلوا صفة حج النبي r لم يذكروا التسمية، وعليه فالأولى تركها. واللهأعلم.
61- بعض المحرمين إذا صعد على الصفا أو المروة استقبل الكعبة ورفع يده أويديه مشيرًا بها إلى الكعبة قائلاً: بسم الله والله أكبر، ثم ينزل متجهًا إلىالمروة. وهذا الفعل لا أصل له عن النبي r. والصحيح أن يصعد على الصفا حتى إذا رأى الكعبة استقبلها؛ فيوحد اللهويكبره ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلشيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده»([sup][10])[/sup]، ثم يدعو رافعًا يديه بما يحب من الدعاء الصالح، ثم يكرر الذكر المتقدممرة أخرى، ثم يدعو يفعل وهكذا فيتكرر الذكر ثلاث مرات والدعاء مرتين، ثم ينزلمتجهًا إلى المروة، ثم يفعل مثل ذلك إذا صعد على المروة، ويكرر ذلك كلما صعد الصفاأو المروة. والله أعلم.
62- الوقوف عند المقام للدعاء. وهذا لا أصل له. والصحيح أنه يصلي خلفالمقام إن تيسر له ذلك بدون مشقة، أو زحام للآخرين، فإن لم يستطع صلى حيث يكونالمقام بينه وبين الكعبة، فإن لم يتيسر له ذلك صلى حيث شاء في أي مكان من المسجد.والله أعلم.
63- اعتبار الذهاب والإياب بين الصفا والمروة عبارة عن شوط واحد. والصحيحأن الذهاب من الصفا إلى المروة يُعد شوطًا، والإياب من المروة إلى الصفا يُعدشوطًا آخر. والله أعلم.
64- اعتقاد عدم جواز دخول الطائف في الدور العلوي حال الزحام في السعيالعلوي. والراجح جواز ذلك لأنه أمر زائد على الأصل فلو اضطر لشدة الزحام فدخل فيبعض الأشواط داخل المسعى العلوي صح طوافه ولا شيء عليه ([sup][11])[/sup]؛ لأن المشقة تجلب التيسير والأصل أنه طائف حول الكعبة. والله أعلم.
65- قول البعض في الطواف وعند بدايته: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًامشكورًا. والصحيح عدم مشروعية ذلك؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي r. والله أعلم.
66- يبدأ بعض الحجاج والمعتمرين بالسعي من المروة، ثم يتجه إلى الصفا. وهذاخطأ محض، وإحداث في الدين. والصواب أن يبدأ بالصفا، ثم المروة كما جاء ذلك مصرحًا بهفي الكتاب والسنة، ولولا أن هذا الأمر قد أثر عن بعض الحجاج والمعتمرين لماذكرناه؛ لوضوحه، ولكن الجهل يفعل أكثر من ذلك. والله أعلم.
67- بعض النساء تقوم بالصعود على الصفا وهذا الفعل فيه نظر. والصواب تركذلك للنساء لعدم نقل هذا عن الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم. والله أعلم.
رابعًا: ما يتعلق بالصلاة (بمكة ومنى وغيرهما):
68- الصلاة عند دورات المياه، وفي الساحات حول الحرم دون اتصال الصفوف.والصحيح أن هذا الفعل لا يجوز إلا إذا اتصلت الصفوف إلى المكان الذي يصلي فيهالمصلي، وإن كان يسمع صوت الإمام؛ فليست العبرة في سماع الصوت وإنما العبرة باتصالالصفوف. والله أعلم.
69- تأدية الصلوات وقد كشف الرجل (الذكر) عن عاتقيه. وهذا مخالف للسنة.والصحيح أنه يجب أن يصلي المسلم، وقد ستر عاتقيه؛ فهما عورة ([sup][12])[/sup] في الصلاة؛ خاصة كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لقوله r: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء»([sup][13])[/sup]. والله أعلم.
70- جمع الصلوات المفروضة أيام منى. والصحيح أن يصلي الحاج كل صلاة فيوقتها في جميع أيام منى لفعل النبي r، وإن جمع فالصلاة صحيحة ولكنها خلاف الأفضل وخلاف السنة أيضًا. واللهأعلم.
خامسًا: ما يتعلق بعرفة ويومها:
71- اعتقاد سنية الإسراع عند الدفع من منى إلى عرفات، لا سيما عند المروربوادي محسر، واعتقاد أن ذلك بسبب كونه موطن العذاب الذي وقع على أصحاب الفيل.والصحيح أنه لا يشرع الإسراع عند الذهاب، ويشرع ذلك عند الدفع من عرفة إلى منى عندالمرور بوادي محسر؛ لأن هذا هو الوارد عن النبي r كما في حديث جابر في صحيح مسلم في صفة حجه r، وأما اعتقاد أن ذلك بسبب أنه موطن عذاب أصحاب الفيل فلا أصل له، ولا دليلصحيح عليه يجب المصير إليه. ومما يدل على أن ذلك ليس بصحيح أن النبي r أسرع في الإياب، ولم يسرع في الذهاب ولو كانت العلة أنه موطن عذاب لأسرعفيهما جميعًا. والله أعلم.
72- التوسع في الكلام، والطعام، والشراب يوم عرفة؛ ممايشغل الحاج عن هذا اليوم العظيم. والصحيح اغتنام أوقات هذا اليوم الفضيل بالدعاء،والذكر، والأعمال الصالحة من تعليم، ودعوة، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر كما كانالنبي r يفعل. والله أعلم.
73- الوقوع في المحرمات القولية، والفعلية كالغيبة، والنميمة، والكذب،وسماع الغناء، ومشاهدة الأفلام، والمسلسلات، وشرب الدخان، والشيشة، والجدلالمذموم، وغير ذلك من المنكرات. والصحيح الامتناع عن جميع المحرمات، والفسوق،والفجور، لا سيما في هذا الموسم العظيم فإن وقوع ذلك فيه من أعظم المنكرات التييجب إنكارها وتغييرها. وهو من عدم تعظيم الفاعل لهذه المنكرات لشعائر الله التيقال الله تعالى فيها ممتدحًا صنفًا خاصًا من عباده بقوله تعالى: {ذَلِكَوَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. والله أعلم.
74- صعود جبل عرفة، والتمسح بأحجاره، والاعتقاد فيه، أو في غيره من الجبال.وكل هذا من البدع المحدثة، والمنكرات العظيمة التي يجب تغييرها وإنكارها. والصوابأن لا يصعد الجبل، فإن هذا لا يشرع أبدًا. بل يقف حيث انتهى به المكان. وعرفة كلهاموقف إلا بطن عرفة. فعلى الحاج أن يتأكد من حدود عرفة فإن النبي r قال: «الحج عرفة». والله أعلم.
75- استقبال الجبل، واستدبار الكعبة حال الدعاء بعرفة. وهذا مما لا أصل لهعن النبي r. والصواب أن يستقبل القبلة حال الدعاء كما هو الهدي النبوي. والله أعلم.
76- الدفع من عرفة قبل الغروب لغير حاجة. والسنة أن يدفع الحاج من عرفة بعدغروب الشمس؛ ليجمع بين الليل والنهار لفعل النبي r. والله أعلم.
77- بعض الناس يشتغل بالدعوة إلى الله والتفرغ لذلك في يوم عرفة. والصحيحترك ذلك والاشتغال بالذكر والدعاء كما هو هدي النبي r الذي لم يزل واقفًا على راحلته شاغلاً الوقت كله بالذكر والدعاء «إلا إنرأى منكرًا يتعين عليه إنكاره فليفعل» والأمر بالاشتغال بالذكر والدعاء ونحوهما هواختيار شيخنا. والله أعلم.
78- رفع الأصوات بالمنبهات (البواري) حال الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة،ومنها إلى منى مع الصخب، وعدم السكينة. والصواب أن يفيض الحاج من عرفات برفق وعليهالسكينة والوقار كما أمر بذلك النبي r. والله أعلم.
79- صيام يوم عرفة من قبل بعض الحجاج، وكذلك صيام أيام التشريق. والصحيحأنه من السنة عدم صوم يوم عرفة للحجاج. وأما صيام أيام التشريق فالصحيح المنع منذلك لحديث نبيشة الهذلي في صحيح الإمام مسلم قال: قال النبي r: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى». إلا لمن تمتع، ولميجد الهدي؛ فله أن يصوم أيام التشريق على قول بعض أهل العلم. والله أعلم.
80- بعض الحجاج يترك الدعاء منذ العصر، ويأخذ في الاستعداد للإفاضة،والتجهيز لها. والصحيح أن يحرص الحاج على هذا الوقت العظيم، والمشهد الكبير، وأنيستغل جميع لحظاته بالذكر، والدعاء، والأعمال الصالحة؛ فإن النبي r لم يزل واقفًا يدعو ويذكر الله بعرفة حتى غربت الشمس. والله أعلم.
81- تسمية الجبل الذي بعرفة بجبل الرحمة. وهذه التسمية لا أصل لها، ولعلهذه التسمية كانت سببًا لاعتقاد الكثير الخصوصية لهذا الجبل بالرحمة؛ فأخذوايتبركون به، أو بصعوده، أو بالأخذ من أحجاره، أو تربته، وكل هذا من البدع المحدثةالتي ما أنزل الله بها من سلطان، وهو نوع من أنواع الغلو في الدين، ووسيلة منوسائل الشرك، والعياذ بالله من ذلك. والصحيح أن هذا الجبل اسمه إلال أو ألال -بالفتح أو الكسر - ولا خصوصية في صعوده، أو أخذ شيء منه كما تقدم. والأولى أن يسمىجبل عرفة. والله أعلم.
اعتقاد أن ليوم عرفة ذكرا، ودعاء مخصوصًا. والصحيح أنه ليس ليوم عرفة ذكرمخصوص، ولا دعاء مخصوص؛ فكل ما جاء من الآثار، والأحاديث الواردة في هذا البابمعلولة لا تصح؛ أما الأثر المشهور «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أناوالنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له»[sup]([url=http://tlet-aek-inspecteur.ahlamont
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin