رأينا
فيما سبق أن الصحابة اختلفوا في مسائل لو أنها عند غيرهم لأريقت في بعضها
الدماء، ولكن الصحابة ما كانوا يريدون الخلاف لذاته أو لأهوائهم كما حصل
فيما بعد عند غيرهم.
إلاّ أن جل خلافهم إنما كان حول فهم نص من كتاب الله أو سنة نبيه صلى
الله عليه وسلم وهي أمور أكثرها اجتهادية شبيهة بما كان يحصى أحياناً في
حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كما حصل في أمر صلاة العصر حينما توجهوا
إلى بني قريضة، وكان أحدهم إذا تبين له صحة وجهة نظر أخيه ترك خلافه، ورجع
إلى الحق، بل وربما يرجع عن خلافه في مثل المسائل الاجتهادية؛ حرصاً على
جمع الكلمة، وسداً لمنافذ الخلافات أو فتح الثغرات التي يأوي إليها
المتربصون بهم...
ومما ورد في كره الصحابة للخلاف، ورجوع بعضهم عنه في مسائل الاجتهاد
خوفاً من تفرق الكلمة ما جاء في صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه قال:
((اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت
كما مات أصحابي)) .
قال ابن حجر في معناه نقلاً عن أيوب: ((إن ذلك بسبب قول علي في بيع أم
الولد، وأنه كان يرى هو وعمر أنهن لا يبعن وأنه رجع عن ذلك فرأى بيعهن))
قال عبيدة
: فقلت له رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلى من رأيك وحدك في الفرقة، فقال
علي ما قال، قلت وقد وقعت في رواية حماد بن زيد أخرجها ابن المنذر عن علي
بن عبد العزيز عن أبي نعيم عنه، وعنده قال لي عبيدة: بعث إلى علي وإلى
شريح فقال: ((إني أبغض الاختلاف فاقضوا كما كنتم تقضون)) ثم قال ابن حجر
في شرح قول علي رضي الله عنه: ((فإني أكره الاختلاف)) أي الذي يؤدي إلى
النزاع.
قال ابن التين: ((يعني مخالفة أبي بكر وعمر، وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة ، وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه ما يفيد رجوعه عن خلافه خوفاً من قيام فتنة)) .
وظل الخلاف في حياتهم لا يراد به إلا الوصول إلى الحق والتمسك به.
ثم جاء من بعدهم أشكال من الناس بعضهم كان منافقاً فأظهر الإسلام
والموافقة، ثم عمل في الداخل على تضخيم الخلاف، وفتح ثغرة في مفاهيم
المسلمين، وجادل بالتأويل والشبهات، وبعضهم استغل اختلاف الصحابة في بعض
المسائل، واتخذ منه سبيلاً لتمزيق وحدة الأمة الإسلامية بتقليب الأدلة
ومعارضة بعضها ببعض، وإذكاء التعصب، وزيادة حدة الخلاف ليحقق هدفه في
الحقد على المسلمين .
ثم تطور الخلاف بين المسلمين من سيء إلى أسوأ، إلى أن وصل الحال إلى
الواقع المؤسف الذي نعيشه اليوم من التباكي على الوحدة الإسلامية التي
صارت صعبة المنال، بما اقترفوه من أفكار نفرت بعضهم عن بعض، وأذكى علماؤهم
الأحقاد، وضخموا حجم الخلافات حتى صاروا فرقاً متناحرة، وتكثروا من ألقاب
المدح بما لم يفعلوا، وصدق عليهم قول الشاعر الأندلسي:
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وتوالت على المسلمين الضربات والإهانات، وتأمر عليهم أهل الشرق
والغرب، ونسوا أن الله طلب منهم أن يكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم،
فذل المسلمون ذلاً شنيعاً وخصوصاً في عصرنا الحاضر، ولكنهم لم يستيقظوا من
الضربات، ولا تدري هل ذلك من هول ما أصابهم، أم يطلبون المزيد من
الإهانات.
والعرب بخصوصهم الذين كانوا قبل الإسلام أذل الناس، يريد الكثير منهم
الآن العودة إلى تلك الجاهلية التي أخرجهم الله منها، وأبدلهم بالهدى
والنور بعد أن كانوا على شفا حفرة من النار، وسيعلمون لو تم لهم ما
يريدون- لا سمح الله- كم جَنَوْا على أنفسهم وعلى أمتهم، وهؤلاء أحد عوامل
الهدم وإضعاف المسلمين. فقد توالت على المسلمين عوامل كثيرة أضعفتهم،
عوامل خارجية أتقن تخطيطها أعداؤهم، فضربوهم في عقر دارهم، وحاربوا
الدعوات الإسلامية بشتى الأساليب، وتأثر كثير ممن ينتسب إلى الإسلام
بالدعايات المضللة، وبقي قلة من المخلصين قد خذلهم القريب والبعيد وهم
نواة الخير في الأرض، ولن يخذلهم الله تعالى.
وعوامل داخلية من العصبية البغيضة، وإثارة النعرات الجاهلية، واتباع
الهوى، واتخاذ رؤساء جهالاً معجبين بآرائهم، وصاروا كما وصفهم الرسول صلى
الله عليه وسلم: ((غثاء كغثاء السيل))
، ولهذا فإن هذه الكثرة تُرى في المسلمين لا تُفْرِحْ كثيراً، فقد رأينا
كيف وقفوا عاجزين أما أعدائهم في كل مكان، اللهم إلا فئات قليلة صدقوا ما
عاهدوا الله عليه.
فيما سبق أن الصحابة اختلفوا في مسائل لو أنها عند غيرهم لأريقت في بعضها
الدماء، ولكن الصحابة ما كانوا يريدون الخلاف لذاته أو لأهوائهم كما حصل
فيما بعد عند غيرهم.
إلاّ أن جل خلافهم إنما كان حول فهم نص من كتاب الله أو سنة نبيه صلى
الله عليه وسلم وهي أمور أكثرها اجتهادية شبيهة بما كان يحصى أحياناً في
حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كما حصل في أمر صلاة العصر حينما توجهوا
إلى بني قريضة، وكان أحدهم إذا تبين له صحة وجهة نظر أخيه ترك خلافه، ورجع
إلى الحق، بل وربما يرجع عن خلافه في مثل المسائل الاجتهادية؛ حرصاً على
جمع الكلمة، وسداً لمنافذ الخلافات أو فتح الثغرات التي يأوي إليها
المتربصون بهم...
ومما ورد في كره الصحابة للخلاف، ورجوع بعضهم عنه في مسائل الاجتهاد
خوفاً من تفرق الكلمة ما جاء في صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه قال:
((اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت
كما مات أصحابي)) .
قال ابن حجر في معناه نقلاً عن أيوب: ((إن ذلك بسبب قول علي في بيع أم
الولد، وأنه كان يرى هو وعمر أنهن لا يبعن وأنه رجع عن ذلك فرأى بيعهن))
قال عبيدة
: فقلت له رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلى من رأيك وحدك في الفرقة، فقال
علي ما قال، قلت وقد وقعت في رواية حماد بن زيد أخرجها ابن المنذر عن علي
بن عبد العزيز عن أبي نعيم عنه، وعنده قال لي عبيدة: بعث إلى علي وإلى
شريح فقال: ((إني أبغض الاختلاف فاقضوا كما كنتم تقضون)) ثم قال ابن حجر
في شرح قول علي رضي الله عنه: ((فإني أكره الاختلاف)) أي الذي يؤدي إلى
النزاع.
قال ابن التين: ((يعني مخالفة أبي بكر وعمر، وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة ، وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه ما يفيد رجوعه عن خلافه خوفاً من قيام فتنة)) .
وظل الخلاف في حياتهم لا يراد به إلا الوصول إلى الحق والتمسك به.
ثم جاء من بعدهم أشكال من الناس بعضهم كان منافقاً فأظهر الإسلام
والموافقة، ثم عمل في الداخل على تضخيم الخلاف، وفتح ثغرة في مفاهيم
المسلمين، وجادل بالتأويل والشبهات، وبعضهم استغل اختلاف الصحابة في بعض
المسائل، واتخذ منه سبيلاً لتمزيق وحدة الأمة الإسلامية بتقليب الأدلة
ومعارضة بعضها ببعض، وإذكاء التعصب، وزيادة حدة الخلاف ليحقق هدفه في
الحقد على المسلمين .
ثم تطور الخلاف بين المسلمين من سيء إلى أسوأ، إلى أن وصل الحال إلى
الواقع المؤسف الذي نعيشه اليوم من التباكي على الوحدة الإسلامية التي
صارت صعبة المنال، بما اقترفوه من أفكار نفرت بعضهم عن بعض، وأذكى علماؤهم
الأحقاد، وضخموا حجم الخلافات حتى صاروا فرقاً متناحرة، وتكثروا من ألقاب
المدح بما لم يفعلوا، وصدق عليهم قول الشاعر الأندلسي:
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وتوالت على المسلمين الضربات والإهانات، وتأمر عليهم أهل الشرق
والغرب، ونسوا أن الله طلب منهم أن يكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم،
فذل المسلمون ذلاً شنيعاً وخصوصاً في عصرنا الحاضر، ولكنهم لم يستيقظوا من
الضربات، ولا تدري هل ذلك من هول ما أصابهم، أم يطلبون المزيد من
الإهانات.
والعرب بخصوصهم الذين كانوا قبل الإسلام أذل الناس، يريد الكثير منهم
الآن العودة إلى تلك الجاهلية التي أخرجهم الله منها، وأبدلهم بالهدى
والنور بعد أن كانوا على شفا حفرة من النار، وسيعلمون لو تم لهم ما
يريدون- لا سمح الله- كم جَنَوْا على أنفسهم وعلى أمتهم، وهؤلاء أحد عوامل
الهدم وإضعاف المسلمين. فقد توالت على المسلمين عوامل كثيرة أضعفتهم،
عوامل خارجية أتقن تخطيطها أعداؤهم، فضربوهم في عقر دارهم، وحاربوا
الدعوات الإسلامية بشتى الأساليب، وتأثر كثير ممن ينتسب إلى الإسلام
بالدعايات المضللة، وبقي قلة من المخلصين قد خذلهم القريب والبعيد وهم
نواة الخير في الأرض، ولن يخذلهم الله تعالى.
وعوامل داخلية من العصبية البغيضة، وإثارة النعرات الجاهلية، واتباع
الهوى، واتخاذ رؤساء جهالاً معجبين بآرائهم، وصاروا كما وصفهم الرسول صلى
الله عليه وسلم: ((غثاء كغثاء السيل))
، ولهذا فإن هذه الكثرة تُرى في المسلمين لا تُفْرِحْ كثيراً، فقد رأينا
كيف وقفوا عاجزين أما أعدائهم في كل مكان، اللهم إلا فئات قليلة صدقوا ما
عاهدوا الله عليه.
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin