برز قرن الفتنة التي أدت إلى مقتل الإمام
الشهيد عثمان بن
عفان،
ثم مقتل الإمام الحسين رضي الله عنهما ، وظهرت
الفرق المنحرفة ، وراح المبتدعة يبحثون عن مستندات من النصوص
يعتمدون عليها لتأييد بدعهم وكسب الأعوان حولهم ، فعمدوا إلى الوضع
في
الحديث ، واختلقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، فكان
مبدأ
ظهور الوضع في الحديث منذ ذلك الوقت .
وقد انتدب الصحابة للمحافظة على الحديث ،
واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة ، ومن
ذلك أنهم :
أولاً :
عنوا
بالبحث في إسناد الحديث وفحص أحوال الرواة بعد أن كانوا من قبل يرجحون توثيق من
حدثهم .
أخرج مسلم في
مقدمة صحيحه ، والترمذي في
علل الجامع عن محمد ابن
سيرين أنه قال : لم يكونوا
يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا سمُّوا لنا
رجالكم ، فيُنْظَر إلى حديث أهل السنة فيُؤْخَذ حديثهم ، ويُنْظَرُ
إلى
أهل البدع فلا يُؤْخَذ حديثهم .
ثانيًا : حث
علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة ، وألا
يأخذوا
إلا حديث من يوثق به دينًا وورعًا ، وحفظًا وضبطًا ، حتى شاعت عند
الناس
هذه القاعدة : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
وبذلك نشأ علم ميزان الرجال ، أو الجرح
والتعديل ، الذي هو عمدة علم الحديث .
فقد تكلم من الصحابة في الرجال ،
عبد الله بن عباس ،
وعبادة بن الصامت ، وأنس بن مالك ،
وكان كلامًا قليلاً ، لقلة الضعف وندرته آنذاك .
ثم تكلم من التابعين
سعيد بن المسيب المتوفى سنة (93هـ) وعامر الشعبي(104هـ) وابن سيرين(110هـ) .
ثالثاً :
الرحلة
في طلب الحديث لأجل سماعه من الراوي الأصل والتثبت منه ، وقد وصلنا
من
أخبارهم ما يدعو إلى العجب ، وربما بلغ بهم الأمر أن يرحل الرجل في
الحديث
الواحد المسافات البعيدة متحملاً ما يصيبه من تعب ومشقة .
ومن ذلك :ما رواه الإمام
أحمد عن
جابر بن عبد الله رضي
الله
عنه أنه قال : بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه
وسلم
، فاشتريت بعيرا ثم شددت عليه رحلي ، فسِرْتُ إليه شهرا حتى قدمت
عليه
الشام ، فإذا عبد الله
بن أُنَيْس فقلت للبواب : قل له : جابر على
الباب
، فقال : ابنُ عبد الله ؟ قلت : نعم ، فخرج يطأ ثوبه ، فاعتنقني
واعتنقته
، فقلت : حديثاً بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم
في القصاص ، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه ، قال : سمعتُ رسول
الله
صلى الله عليه وسلم يقول : ( يحشر الناس يوم القيامة - أو قال - العباد عراة غرلا بُهْما ..... الحديث ) .
ورحل أبو أيوب الأنصاري رضي
الله عنه رحل إلى عقبة بن
عامر يسأله
فقال
له : حدِّثْنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد
سمعه
، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من ستر على مؤمن في الدنيا ستره الله يوم القيامة ) ،
فأتى راحلته فركب ثم رجع . رواهأحمد .
فسن الصحابة الرحلة في طلب الحديث للتثبت
منه ، وسلك التابعون سبيلهم فكانوا يرحلون إلى الصحابة ويسألونهم عن الأحاديث ،
كما روى الخطيب بأسانيده عن سعيد بن المسيب أنه قال : إن كنتُ
لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد .
واستمر شأن العلماء على ذلك فيما بعد حتى
أصبحت الرحلة من ضرورات التحصيل .
رابعًا : ومن
الطرق التي كانوا يعرفون بها الوضع والضعف في الحديث ، عرض حديث
الراوي
على رواية غيره من أهل الحفظ والإتقان ، فحيث لم يجدوا له موافقًا
على
أحاديثه أو كان الأغلب على حديثه المخالفة ردوا أحاديثه أو تركوها .
إلى غير ذلك من الوسائل التي اتبعوها
وميزوا بها الصحيح من السقيم ، والسليم من المدخول .
وهكذا
لم ينقض القرن الأول إلا وقد وجدت أنواع من علوم الحديث ، مردها جميعا إلى نوعين :
المقبول : وهو الذي سمي فيما بعد بالصحيح
والحسن .
والمردود
: وسمي بعد ذلك الضعيف بأقسامه الكثيرة .
المرجع :
منهج النقد في علوم الحديث د. نور الدين
عتر بتصرف< p>
قام الصحابة
رضي الله عنهم بتبليغ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وبذلوا
غاية ما في وسعهم من أجل صون الحديث عن التحريف والتغيير ، وقد كان
في
عوامل الحفظ الذاتية التي اشتمل عليها هذا الدين خير معين لهم ولمن
بعدهم
من أئمة العلم للمحافظة على تراث النبوة ، فقد وضعت توجيهات الشريعة
الركن
الأساسي لأصول النقل ، والتثبت في الأخبار ، ومن ذلك قوله تعالى :{إنما يفتري الكذب الذين لا
يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } (النحل 105) ، وقوله
تعالى : {ولا
تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } (الإسراء
36) ، وقوله : {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } ،
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر عنه : (مَنْ كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ) ،
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حمّل ناقل الكذب إثم الكاذب المفتري ،
وذلك
في الحديث الصحيح المستفيض المشتهر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من حدَّث عني بحديث يُرى أنه
كذب فهو أحد الكاذبين ) أخرجه
مسلم.
ونتج عن
هذه التوجيهات أصول وقوانين الرواية ، التي تكفل حفظ الحديث وصيانته من
التحريف
والتبديل ، وكان الناس آنذاك على أصل العدالة ، فلا حاجة إلى الجرح
والتعديل ، لأن العصر هو عصر الصحابة ، وجميعهم عدول ، ولم يكن
الأمر
يحتاج لأكثر من التحرز عن الوهم والخطأ ، فاتبع الصحابة من قوانين
الرواية
ما يحتاجون إليه في عصرهم ، للتثبت من صحة النقل ، والتحرز من
الوهم
، وما زالت هذه القوانين تتفرع لتلبية المطالب المستجدة عصرًا بعد
عصر
، حتى بلغت ذروتها ، ومن أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة :
أولاً : تقليل
الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خشية أن تزل أقدام
المكثرين
بسبب الخطأ أو النسيان ، فيقعوا في شبهة الكذب على رسول الله صلى
الله
عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فضلاً عن قصدهم أن يتفرغ الناس لحفظ
القرآن
وألا ينشغلوا عنه بشيء ، فكان أبو بكروعمررضي الله عنهما يشددان في ذلك ، وسلك الصحابة
بعدهم هذا السبيل ، حتى اشتهر واستفاض عنهم مرفوعًا وموقوفًا (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) أخرجه
مسلم .
ثانيًا : التثبت
في الرواية عند أخذها وعند أدائها ، قال الإمام الذهبي في
ترجمةأبي بكر الصديق رضي
الله عنه : وكان أول من احتاط في قبول الأخبار ، فروى ابن شهاب عن
قبيصة بن ذؤيب أن
الجدة جاءت إلى أبي بكرتلتمس
أن
توَرَّث ، فقال : " ما أجد لكِ في كتاب الله شيئًا ، وما علمت أن رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئًا ، ثم سأل الناس ، فقام المغيرة فقال
: حضرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس ، فقال له : هل معك أحد ؟
فشهد محمد بن
مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها
أبو بكر رضي
الله عنه .
وقال في ترجمة عمر بن الخطاب : وهو الذي سنَّ للمحدثين
التثبت في النقل ، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى
الجُرَيري - يعني
سعيد بن إياس- عن
أبي نضرةعن أبي سعيد أن أبا موسى سَلَّم على عمر من
وراء الباب ثلاث مرات ، فلم يؤذن له ، فرجع ، فأرسل عمر في
أثره ، فقال : لمَ رجعتَ ؟ قال : سمعتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سلم أحدكم ثلاثًا فلم
يُجَب فليرجع ) ، قال : لتأتيني
على ذلك ببينة أو لأفعلن بك ، فجاءنا أبو موسى منتقعًا لونه
ونحن جلوس ، فقلنا : ما شأنك ؟ ، فأخبَرنا ، وقال : فهل سمع أحد منكم
؟ فقلنا : نعم ، كلنا سمعه ، فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى
عمر فأخبره .
وقال في ترجمة علي رضي
الله عنه : كان إمامًا عالمًا متحريًا في الأخذ ، بحيث إنه يستحلف من يحدثه
بالحديث ... .
ثالثًا : نقد
الروايات ، وذلك بعرضها على النصوص والقواعد الشرعية ، فإن وجد مخالفًا لشيء منها
تركوا العمل به ، ومن ذلك ما ورد أن عائشة رضي الله عنها سمعت حديث عمر وابنه
عبد الله أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ،
فقالت : رحم الله عمر
، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يعذب
المؤمنين ببكاء أحد ، ولكن قال : إن
الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه ، وقالت : حسبكم القرآن : {ولا تزر وازرة وزر أخرى } (الزمر
7) وهو في الصحيحين ، زاد مسلم : إنكم
لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطىء .
الشهيد عثمان بن
عفان،
ثم مقتل الإمام الحسين رضي الله عنهما ، وظهرت
الفرق المنحرفة ، وراح المبتدعة يبحثون عن مستندات من النصوص
يعتمدون عليها لتأييد بدعهم وكسب الأعوان حولهم ، فعمدوا إلى الوضع
في
الحديث ، واختلقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، فكان
مبدأ
ظهور الوضع في الحديث منذ ذلك الوقت .
وقد انتدب الصحابة للمحافظة على الحديث ،
واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة ، ومن
ذلك أنهم :
أولاً :
عنوا
بالبحث في إسناد الحديث وفحص أحوال الرواة بعد أن كانوا من قبل يرجحون توثيق من
حدثهم .
أخرج مسلم في
مقدمة صحيحه ، والترمذي في
علل الجامع عن محمد ابن
سيرين أنه قال : لم يكونوا
يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا سمُّوا لنا
رجالكم ، فيُنْظَر إلى حديث أهل السنة فيُؤْخَذ حديثهم ، ويُنْظَرُ
إلى
أهل البدع فلا يُؤْخَذ حديثهم .
ثانيًا : حث
علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة ، وألا
يأخذوا
إلا حديث من يوثق به دينًا وورعًا ، وحفظًا وضبطًا ، حتى شاعت عند
الناس
هذه القاعدة : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
وبذلك نشأ علم ميزان الرجال ، أو الجرح
والتعديل ، الذي هو عمدة علم الحديث .
فقد تكلم من الصحابة في الرجال ،
عبد الله بن عباس ،
وعبادة بن الصامت ، وأنس بن مالك ،
وكان كلامًا قليلاً ، لقلة الضعف وندرته آنذاك .
ثم تكلم من التابعين
سعيد بن المسيب المتوفى سنة (93هـ) وعامر الشعبي(104هـ) وابن سيرين(110هـ) .
ثالثاً :
الرحلة
في طلب الحديث لأجل سماعه من الراوي الأصل والتثبت منه ، وقد وصلنا
من
أخبارهم ما يدعو إلى العجب ، وربما بلغ بهم الأمر أن يرحل الرجل في
الحديث
الواحد المسافات البعيدة متحملاً ما يصيبه من تعب ومشقة .
ومن ذلك :ما رواه الإمام
أحمد عن
جابر بن عبد الله رضي
الله
عنه أنه قال : بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه
وسلم
، فاشتريت بعيرا ثم شددت عليه رحلي ، فسِرْتُ إليه شهرا حتى قدمت
عليه
الشام ، فإذا عبد الله
بن أُنَيْس فقلت للبواب : قل له : جابر على
الباب
، فقال : ابنُ عبد الله ؟ قلت : نعم ، فخرج يطأ ثوبه ، فاعتنقني
واعتنقته
، فقلت : حديثاً بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم
في القصاص ، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه ، قال : سمعتُ رسول
الله
صلى الله عليه وسلم يقول : ( يحشر الناس يوم القيامة - أو قال - العباد عراة غرلا بُهْما ..... الحديث ) .
ورحل أبو أيوب الأنصاري رضي
الله عنه رحل إلى عقبة بن
عامر يسأله
فقال
له : حدِّثْنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد
سمعه
، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من ستر على مؤمن في الدنيا ستره الله يوم القيامة ) ،
فأتى راحلته فركب ثم رجع . رواهأحمد .
فسن الصحابة الرحلة في طلب الحديث للتثبت
منه ، وسلك التابعون سبيلهم فكانوا يرحلون إلى الصحابة ويسألونهم عن الأحاديث ،
كما روى الخطيب بأسانيده عن سعيد بن المسيب أنه قال : إن كنتُ
لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد .
واستمر شأن العلماء على ذلك فيما بعد حتى
أصبحت الرحلة من ضرورات التحصيل .
رابعًا : ومن
الطرق التي كانوا يعرفون بها الوضع والضعف في الحديث ، عرض حديث
الراوي
على رواية غيره من أهل الحفظ والإتقان ، فحيث لم يجدوا له موافقًا
على
أحاديثه أو كان الأغلب على حديثه المخالفة ردوا أحاديثه أو تركوها .
إلى غير ذلك من الوسائل التي اتبعوها
وميزوا بها الصحيح من السقيم ، والسليم من المدخول .
وهكذا
لم ينقض القرن الأول إلا وقد وجدت أنواع من علوم الحديث ، مردها جميعا إلى نوعين :
المقبول : وهو الذي سمي فيما بعد بالصحيح
والحسن .
والمردود
: وسمي بعد ذلك الضعيف بأقسامه الكثيرة .
المرجع :
منهج النقد في علوم الحديث د. نور الدين
عتر بتصرف< p>
قام الصحابة
رضي الله عنهم بتبليغ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وبذلوا
غاية ما في وسعهم من أجل صون الحديث عن التحريف والتغيير ، وقد كان
في
عوامل الحفظ الذاتية التي اشتمل عليها هذا الدين خير معين لهم ولمن
بعدهم
من أئمة العلم للمحافظة على تراث النبوة ، فقد وضعت توجيهات الشريعة
الركن
الأساسي لأصول النقل ، والتثبت في الأخبار ، ومن ذلك قوله تعالى :{إنما يفتري الكذب الذين لا
يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } (النحل 105) ، وقوله
تعالى : {ولا
تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } (الإسراء
36) ، وقوله : {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } ،
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر عنه : (مَنْ كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ) ،
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حمّل ناقل الكذب إثم الكاذب المفتري ،
وذلك
في الحديث الصحيح المستفيض المشتهر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من حدَّث عني بحديث يُرى أنه
كذب فهو أحد الكاذبين ) أخرجه
مسلم.
ونتج عن
هذه التوجيهات أصول وقوانين الرواية ، التي تكفل حفظ الحديث وصيانته من
التحريف
والتبديل ، وكان الناس آنذاك على أصل العدالة ، فلا حاجة إلى الجرح
والتعديل ، لأن العصر هو عصر الصحابة ، وجميعهم عدول ، ولم يكن
الأمر
يحتاج لأكثر من التحرز عن الوهم والخطأ ، فاتبع الصحابة من قوانين
الرواية
ما يحتاجون إليه في عصرهم ، للتثبت من صحة النقل ، والتحرز من
الوهم
، وما زالت هذه القوانين تتفرع لتلبية المطالب المستجدة عصرًا بعد
عصر
، حتى بلغت ذروتها ، ومن أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة :
أولاً : تقليل
الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خشية أن تزل أقدام
المكثرين
بسبب الخطأ أو النسيان ، فيقعوا في شبهة الكذب على رسول الله صلى
الله
عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فضلاً عن قصدهم أن يتفرغ الناس لحفظ
القرآن
وألا ينشغلوا عنه بشيء ، فكان أبو بكروعمررضي الله عنهما يشددان في ذلك ، وسلك الصحابة
بعدهم هذا السبيل ، حتى اشتهر واستفاض عنهم مرفوعًا وموقوفًا (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) أخرجه
مسلم .
ثانيًا : التثبت
في الرواية عند أخذها وعند أدائها ، قال الإمام الذهبي في
ترجمةأبي بكر الصديق رضي
الله عنه : وكان أول من احتاط في قبول الأخبار ، فروى ابن شهاب عن
قبيصة بن ذؤيب أن
الجدة جاءت إلى أبي بكرتلتمس
أن
توَرَّث ، فقال : " ما أجد لكِ في كتاب الله شيئًا ، وما علمت أن رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئًا ، ثم سأل الناس ، فقام المغيرة فقال
: حضرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس ، فقال له : هل معك أحد ؟
فشهد محمد بن
مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها
أبو بكر رضي
الله عنه .
وقال في ترجمة عمر بن الخطاب : وهو الذي سنَّ للمحدثين
التثبت في النقل ، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى
الجُرَيري - يعني
سعيد بن إياس- عن
أبي نضرةعن أبي سعيد أن أبا موسى سَلَّم على عمر من
وراء الباب ثلاث مرات ، فلم يؤذن له ، فرجع ، فأرسل عمر في
أثره ، فقال : لمَ رجعتَ ؟ قال : سمعتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سلم أحدكم ثلاثًا فلم
يُجَب فليرجع ) ، قال : لتأتيني
على ذلك ببينة أو لأفعلن بك ، فجاءنا أبو موسى منتقعًا لونه
ونحن جلوس ، فقلنا : ما شأنك ؟ ، فأخبَرنا ، وقال : فهل سمع أحد منكم
؟ فقلنا : نعم ، كلنا سمعه ، فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى
عمر فأخبره .
وقال في ترجمة علي رضي
الله عنه : كان إمامًا عالمًا متحريًا في الأخذ ، بحيث إنه يستحلف من يحدثه
بالحديث ... .
ثالثًا : نقد
الروايات ، وذلك بعرضها على النصوص والقواعد الشرعية ، فإن وجد مخالفًا لشيء منها
تركوا العمل به ، ومن ذلك ما ورد أن عائشة رضي الله عنها سمعت حديث عمر وابنه
عبد الله أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ،
فقالت : رحم الله عمر
، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يعذب
المؤمنين ببكاء أحد ، ولكن قال : إن
الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه ، وقالت : حسبكم القرآن : {ولا تزر وازرة وزر أخرى } (الزمر
7) وهو في الصحيحين ، زاد مسلم : إنكم
لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطىء .
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin