خفايا حاسة الشم Olfactory (smelling) sense
بقلم الصيدلاني فراس جاسم جرجيسمع هذا العصر المتسارع ، تفتح في
كل يوم أبواب لمعارف جديدة يتم من خلالها الحصول على الكثير من المعلومات
التي تتعلق بكل ما حولنا . وعلى الرغم من سعي الإنسان المستمر لفهم الألغاز
الطبيعة إلا أنه ما يزال إلى الآن في خطواته الأولى للوصول إلى تفسير صحيح
لكل ما حوله . وان اهتمامه هذا لم ينسه التعرف على دواخله ، بحيث يكسر
أقفال أسراره البدنية والنفسية في محاولة للوصول إلى مبتغاه من المعرفة .
وبالرغم من ذلك فالكثير مما يبحث
عنه ما زال مجهولا ومحاط بالكثير من العتمة التي يستحيل معها التعرف وتميز
الأشياء . وهنا نحاول أن نطرق باب أسرار إحدى حواسنا الخمسة التي مازالت
مستعصية على الفهم على الرغم من الشوط الطويل الذي قطع في تفسيرها تشريحيا
ووظيفيا ، وقد جاء الدور هذه المرة لتفسيرها جينيا، للتعرف على أنواع
الجينات الداخلة في وظائف هذه الحاسة ونوع البروتينات المنتجة وتصحيح بعض
المفاهيم الخاطئة التي كان متعارفا عليها في الماضي .
لغز حاسة الشم
وهب الله الإنسان الحواس الخمسة التي تمكنه من إدراك ما حوله . ومن قدرة
الله سبحانه وتعإلى أن جعل لكل حاسة منها آلية عمل تختلف عن غيرها ، فلكل
منها عضو وخلايا وأعصاب ومستقبلات خاصة ، تميز فيما بينها . وموقع ارتباط
خاص بالدماغ لا يشارك الحاسة شيء فيه ، ولا تتأثر الحواس الأخرى في حالة
إصابة موقع إحداها في الدماغ ، مع وجود ارتباط بين هذه الحواس .
تعتبر حاسة الشم من اكثر حواسنا غرابة واستعصاء على الفهم ، فهذه الحاسة
التي صنفت كحاسة كيميائية ، أي أنها تعتمد في عملها على تأثير المواد
الكيميائية . لم يستطع العلماء إلى الآن تفسير قدرتها على التمييز بين
الروائح المختلفة التي يقدر أن الإنسان يستطيع تميز 10000 نوع منها . لكن
مع ذلك فالباحثون يدينون للخلايا التي تشارك في عملية الشم بالفضل في تفسير
بعض ألغاز هذه الحاسة ، إلا أنه ما يزال هناك الكثير من الأسرار التي يحاول
الباحثون تجاوزها للوصول إلى الفهم الكامل لآلية عملها ، والتي بحلها
سيتمكن الباحثون من إيجاد سبب امتلاك الكثير من الحيوانات لحاسة شم قوية
تعادل 20 – 50 ضعف قوة حاسة الشم عند الإنسان الطبيعي ، بالإضافة إلى
محاولة علاج المرضى الذين يعانون من اضطراب أو فقدان حاسة الشم ، وأخيرا
اختراع أجهزة تحاكي الأنف في قدراته على الشم وتميز الروائح .
فعملية الشم تبدأ مع دخول الجزيئات المتطايرة الدقيقة جدا ( اقل من 300 حجم
جزيئي ) إلى فتحة الأنف ، ثم وصولها إلى منطقة تدعى المنطقة الشمية ، حيث
تذوب هذه الجزيئات في الطبقة المخاطية الرقيقة المحيطة بهذه المنطقة والتي
تفرز من قبل غدد بومان Bowman’s glands ، ثم تقوم بروتينات خاصة موجودة في
المنطقة المخاطية بنقلها إلى المستقبلات الشمية Olfactory
receptors ، التي يقدر عددها بحوالي عشرة ملايين مستقبل ، والتي تقع
على سطوح بروزات دقيقة جدا تدعى الأهداب Cilia ، وتتصل هذه المستقبلات
بدورها بالأعصاب الشمية التي تتجمع في منطقة واحدة تدعى البصلة الشمية
Olfactory bulb ، التي ترسل هذه الأعصاب إلى
منطقة الاميكلاندا amygdala في الدماغ حيث يتم تحليل الرائحة والتعرف
عليها . يدخل ضمن عملية الشم هذه عدد كبير من العمليات الكيميائية والجينية
التي ما زال العلم الحديث عاجزا عن فك طلاسمها ومعرفة أسرارها .
ولابد هنا من الإشارة إلى بعض الأمور التي لديها علاقة مباشرة بحاسة الشم
في محاولة لفك هذه الطلاسم ، منها الصفات الخاصة التي يجب أن تمتلكها
جزيئات الرائحة ، فهذه الجزيئات يجب أن تكون دقيقة جدا بحيث لا تتجاوز 300
حجم جزيئي ، ويجب أن تكون قليلة القطبية ، وقابلة للذوبان في الماء والدهون
.
وشيء آخر مهم يجب عدم إغفاله وهو أن مساحة المنطقة الشمية عند الإنسان
والموجودة في كل منخار لا يتعدى 5 سم مربع بينما عند القطط تصل إلى 25 سم
مربع وعند الكلاب إلى 50 سم مربع . ولون هذه المنطقة عند الإنسان يميل إلى
اللون الأصفر بينما يكون لونها بني عند الكلاب. ويرجع العلماء ذلك إلى
كثافة المستقبلات والأعصاب عند الكلاب في هذه المنطقة . يضاف إلى ذلك
امتلاك الأعصاب الشمية لصفة تميزها عن جميع أنواع الأعصاب الأخرى وهي وجود
خلايا جذعية تحتها تجعلها تتجدد كل 40 يوما .
بالإضافة إلى كل ما سبق فقد اكتشف العلماء في السنوات الأخيرة بروتينات
توجد في المنطقة المخاطية تلعب دورا مهما في عملية الشم ، تعمل على :
نقل الجزيئات الذائبة في السائل المخاطي إلى المستقبلات
الارتباط بالمستقبلات التي تنقل الرائحة بشكل
إشارات عصبية إلى الدماغ .
تخليص المنطقة الشمية من الجزيئات القديمة عن طريق تحطيمها ، لكي تعطي
فرصة للجزيئات الجديدة للوصول إلى المستقبلات .
وقاية المستقبلات من زيادة تركيز جزيئات الرائحة عن الحد الطبيعي .
ومع هذا الإيجاز البسيط الذي يعتبر شيئا ضئيلا جدا مما عرفه العلماء ،
إلا أن هناك أمور كثيرة لم يتسنى للعلماء فهمها عن عملية الشم وكيف تتم داخل
هذه التركيبة من البروتينات والمستقبلات والأعصاب؟ ، وكيف نميز بواسطة هذه
الآلية بين الروائح المختلفة؟ ، بالإضافة إلى وجود نواقل عصبية كثيرة تشترك
في هذه العملية لم يحدد نوعها إلى الآن .
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin