تعددت الفرق الإسلامية وتباينت مفاهيمهم وادعت كل طائفة أنها هي التي على الحق وغيرها على الباطل.
وقد تقدم أنه لا عبرة بادعاء أي طائفة وأن العبرة إنما هي بعرضها على
الكتاب والسنة فما وافقهما فهو على الحق وما خالفهما فهو على الباطل
كائناً المخالف من كان وكان لأهل السنة بتوفيق الله موقفهم المتميز بين
تلك الفرق كلها.
وسيجد القارئ إن شاء الله ما يوضح له الحق ويبين له وسطية أهل السنة
في مسائل العقيدة بالنسبة للفرق الأخرى ممن ينتسبون إلى الإسلام من خلال
ما يلي:
موضوع الأسماء والصفات من أهم مواضيع العقيدة ومن أكثرها مجالاً لخلافات
الناس ولقد كانت من أسهل المواضيع ومن أقلها إشكالاً في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم وزمن خلفائه الكرام ولهذا لم يبحثوها ولم يسألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عنها لعلمهم التام وعقولهم الراجحة ومعرفتهم أن الكلام
في الصفات فرع عن معرفة الذات حتى إذا ما ظهر قرن الشيطان من وراء علوم
اليونان وفلسفاتهم وعلوم الكلام ومتاهاته.فإذا بها كما وصف المتنبي شعره
ولغته((ويسهر الخلق جراها ويختصم)).
وأخذ الخلاف فيها أشكالاً عديدة ووقعت الفتن التي لا يعلم مداها إلا
الله وحده ولا يزال المسلمون يجترون آثارها إلى اليوم في مناقشات ومجادلات
عقيمة سخيفة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يزداد بها الشخص إلا جهلاً
وضلالاً وبعداً عن الفهم الصحيح لحقيقة الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته،
وتظهر وسطية أهل السنة في باب الأسماء والصفات بمقارنة عقيدتهم بعقائد
المخالفين من الفرق ذلك أن أهل السنة يؤمنون بأن لله أسماء وصفات حسنى وصف
بها نفسه في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه العظيم آمن بها السلف كما وردت
من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل.
- الصحيحة والمعتقد الأسلم والأعلم والأحكم التي حاد عنها أصحاب
الأهواء والبدع عقوبة لهم على تركهم الكتاب والسنة وطريق المؤمنين
وتقديمهم لأفكار الملاحدة من عتاة الحضارة اليونانية والهندية وغيرها وإذا
نظرنا إلى عقائد أصحاب الأهواء والانحراف فسنجد أن بينهم وبين عقائد أهل
السنة تفاوتاً بعيداً وتعارضاً صارماً، أما أهل التعطيل، فقد كان إيمانهم
بصفات الله تعالى على أسوأ الاضطراب فقد نفوا عن الله تعالى اتصافه
بالأسماء أو بالصفات بحجة تنزيه الله تعالى عن التشبيه كما قرره زعيمهم
الجهم بن صفوان في أن إثبات أي صفة أو اسم لله تعالى فيه مشابهة لله بخلقه
وهو كفر حسب زعمه فيجب عدم إثباته.
ومذهب الجهمية هذا كان أصرح من مذهب المعتزلة الذين أثبتوا أسماء
الله تعالى ولكنهم نفوا صفاته ونفوا أن تدل الأسماء على معان ومدلولات وقد
أرجعوا الصفات إلى الذات فقالوا سميع بذاته عليم بذاته ...إلخ.
وهذا الموقف الباطل يلحقهم بالجهمية إذ أن النتيجة واحدة وهي نفي الصفات ومدلولاتها.
وأما الأشاعرة فقد تناقض موقفهم حيث أثبتوا الأسماء وبعض الصفات ثم
أولوا أو نفوا بعضها الآخر أو أرجعوها إلى الإرادة والمشيئة لا غير ومعلوم
أن ما نفوه عن الله تعالى يعتبر تعطيلاً ويلزمهم أن يقولوا فيما نفوه مثل
قولهم فيما أثبتوه وإلا كان إثباتهم ونفيهم تحكماً بلا دليل صحيح ومن هنا
كان هؤلاء محل نقمة جميع الفرق عليهم أهل السنة والمعتزلة والجهمية وإذا
كان من تقدم ذكرهم عطلوا الله تعالى عن ما يستحقه من معاني الأسماء الحسنى
والصفات العليا فقد قابلهم فريق آخر من أصحاب الأهواء وهم المشتبهة
ومذهبهم أن الله عزّ وجلّ في صفاته وأسمائه مثل الإنسان تماماً وذهب
غلاتهم كهشام بن الحكم الرافضي وهشام بن الحكم الجواليقي ومقاتل بن سليمان
وداود الجواربي وغيرهم إلى وصف الله عزّ وجلّ بأوصاف يتنزه عنها جل وعلا
افتروا فيها على الله تعالى وطرقوا باباً حجبه الله عن الخلق وكل تلك
الآراء مجانبة للحق بعيدة عن الصواب لأنها قامت على غير أساس ثابت ((كشجرة
خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار)) بسبب إعراضهم عن الحق الذي هدى
الله إليه السلف وبسبب تشبعهم بعلم الكلام والفلسفة والمنطق وظنهم أنهم
على شيء وأنهم أوتوا علماً غزيراً (ومن أظلم ممن ذُكّر بآيات ربه ثم أعرض
عنها إنا من المجرمين منتقمون)
ومعلوم بالعقل أن الله تعالى لو سأل الشخص وقال له لماذا أثبتَّ لي
الأسماء والصفات فأجابه بأني آمنتُ بها كما نطقتُ بها لكان هو الجواب الحق
وهو أمر بدهي و لولا تنطع أصحاب الأهواء لما توقف أحد عن الإيمان بهذا فإن
الله تعالى أعلم بنفسه وبما وصفها به من صفات عليا وأسماء حسنى وله المثل
الأعلى.
فأهل السنة أثبتوا الأسماء والصفات دون أن ينساقوا إلى التشبيه بل لم
يخطر في أذهانهم أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم المشابهة والمماثلة
لمعرفتهم أن الاتفاق في التسميات لا يلزم منه الاتفاق في الذات كما أنهم
لم يعطلوا الله تعالى عن دلائل أسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه بل أثبتوا
من الأسماء والصفات ودلائلها كما يليق به تعالى وهو المسلك الحق الذي يجب
اتباعه ونبذ ما عليه المعطلة والمشبهة أهل الإفراط والتفريط ومثل وسطية
أهل السنة والجماعة في هذا الباب وسطيتهم كذلك في الأمور الأخرى مثل ما
يتعلق بأهل المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وحكم المخالفين عليهم في الدنيا والآخرة أيضاً.
فما هو حكم أصحاب المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة؟
والجواب: عند أهل السنة حكم العاصي في الدنيا أنه لا يخرج عن اسم
الإسلام ويقال له مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأما في الآخرة فحكمه إلى
الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ولا يخلد في النار مثل سائر
الكفار إن دخلها، وهذا هو الذي تجتمع عليه النصوص من كتاب الله تعالى ومن
سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
أما غير أهل السنة فكانوا بين إفراط وتفريط في الحكم على العاصي فقد
حكم عليه بعضهم كالخوارج بأنه كافر في الدنيا ومخلد في الآخرة في النار أو
هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا فلا هو مؤمن ولاهو كافر ولكنه في
الآخرة مخلد في النار، وهذا حكم المعتزلة وقابلت الجميع المرجئة فحكموا
بإيمانه إيماناً كاملاً في الدنيا وهو في الآخرة مع النبيين الصديقين
والشهداء.
وحجة الجميع تتفق في أنهم يرون أن الإيمان كشيء واحد لا يتبعض فلا
يزيد ولا ينقص فإما يكون الشخص عاصياً –والعاصي ليس بمؤمن- وإما أن يكون
طائعاً –وهو المؤمن- وحكم الكافر والمؤمن معروفان في الإسلام.
وبالتأمل في موقف أهل السنة من أصحاب الذنوب وموقف من سواهم ممن
ذكرنا تتضح بجلاء وسطية أهل السنة وصدق قول الله تعالى فيهم: (وكذلك
جعلناكم أمة وسطاً) .
فما هو حكم أصحاب المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة؟
والجواب: عند أهل السنة حكم العاصي في الدنيا أنه لا يخرج عن اسم
الإسلام ويقال له مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأما في الآخرة فحكمه إلى
الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ولا يخلد في النار مثل سائر
الكفار إن دخلها، وهذا هو الذي تجتمع عليه النصوص من كتاب الله تعالى ومن
سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
أما غير أهل السنة فكانوا بين إفراط وتفريط في الحكم على العاصي فقد
حكم عليه بعضهم كالخوارج بأنه كافر في الدنيا ومخلد في الآخرة في النار أو
هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا فلا هو مؤمن ولاهو كافر ولكنه في
الآخرة مخلد في النار، وهذا حكم المعتزلة وقابلت الجميع المرجئة فحكموا
بإيمانه إيماناً كاملاً في الدنيا وهو في الآخرة مع النبيين الصديقين
والشهداء.
وحجة الجميع تتفق في أنهم يرون أن الإيمان كشيء واحد لا يتبعض فلا
يزيد ولا ينقص فإما يكون الشخص عاصياً –والعاصي ليس بمؤمن- وإما أن يكون
طائعاً –وهو المؤمن- وحكم الكافر والمؤمن معروفان في الإسلام.
وبالتأمل في موقف أهل السنة من أصحاب الذنوب وموقف من سواهم ممن
ذكرنا تتضح بجلاء وسطية أهل السنة وصدق قول الله تعالى فيهم: (وكذلك
جعلناكم أمة وسطاً) .
كما تظهر وسطيتهم في كل الأمور العقدية الأخرى التي خالف فيها أصحاب
الأهواء والبدع ومنها قضية الإيمان بالقدر فإن قضية القدر من المسائل
الشائكة التي يجب فيها التسليم والرضى.
وكان لأهل السنة موقفهم الذي يعضده النقل معاً فقد تأكد في مذهبهم أن
القدر سر الله تعالى وأن الواجب على المسلم الإيمان به دون تعمق لما وراء
الأدلة وترك الاحتجاج به على فعل المعاصي والإيمان بتقدير الله تعالى لكل
الأمور بمشيئته، وأن الله هو الخالق لكل شيء بما فيها أفعال العباد ولكنها
لا تسمى فعل الله بل هي أفعال العباد والله هو الذي أقدرهم على فعلها ولو
شاء لما فعلوها كما قال تعالى: (ولو شاء الله ما اقتتلوا)
وهي مشيئته الكونية العامة وهذا بخلاف ما تقوله الجبرية الذين يرون أن
الله هو الخالق لها ثم يضيفون قولهم الخاطئ أن العباد لا قدرة لهم على
الفعل وإنما هم كريشة في مهب الريح وأن الخالق والفاعل معاً هو الله تعالى
ومن هنا نشأ خطأهم ، وكذلك خطأ القدرية الذين زعموا أن العبد هو الخالق
لفعله وقدرته وإرادته دون أي تدخل من الله تعالى ومن هنا وصفوا بأنهم
يثبتون خالقين مع الله تعالى مشابهة للمجوس، وأهل السنة توسطوا في ذلك كما
عرفت سابقاً فأثبتوا مشيئة الله الكونية والشرعية وقدرة الله على كل شيء
وأثبتوا أن العبد له قدرة ومشيئة لا تخرج عن مشيئة الله تعالى وقدرته وهو
الفاعل للفعل حقيقة.
وموقف القدرية والجبرية الخاطئ يعود إلى عدم فهمهم لإرادة الله
ومشيئته فهماً صحيحاً على الطريقة التي سار عليها السلف وهي الإيمان بأن
لله مشيئة وإرادة لا يخرج أي شيء عنهما فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ثم
يعود كذلك إلى عدم تفريقهم بين الإرادة والمحبة ذلك أن الإرادة إما أن
تكون كونية وهي الإرادة العامة لجميع الموجودات ودليلها قوله عزّ وجلّ:
(ولكن الله يفعل ما يريد) وإما أن تكون الإرادة شرعية وهي التي تتعلق بمحبة الله تعالى ورضاه عن الشيء كقوله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم)
وأهل السنة يؤمنون أن الإرادة الكونية هي التي تعلقت بكل شيء حتى معصية
العاصي فلا يلزم منها التفرقة بين ما يحبه الله وما لا يحبه. أما الإرادة
الشرعية فهي التي تعلقت بمحبته ورضاه فهو وإن كان قدَّر وقوع الشر كوناً
لكنه في الإرادة الشرعية لم يرضه ولم يحبه فهو لا يحب الظالمين ولا
الفاسقين ولا العاصين. أما بالتأمل في مذهب المخالفين فنجد أن المعتزلة لا
يفرقون بين الإرادتين الكونية والشرعية فيعتقدون أن كل ما أراده الله فقد
أحبه.
وبذلك توصلوا إلى أن المعاصي لا يريدها الله تعالى ولا يحبها
وبالتالي فلم يأمر بها ولا إرادة له في وقوعها وإلا لكان مريداً للمعاصي
وبالتالي فلا يعاقِب عليها حسب زعمهم.
بينما ذهبت الجبرية إلى عدم التفريق بين الإرادتين أيضاً ولكنهم
ناقضوا المعتزلة فقالوا كل ما يقع من أفعال خيِّرة كانت أم شريرة طاعة أم
معصية كلها بإرادة الله تعالى ومحبته ورضاه وإلا لما وقعت فاحتجوا بالقدر
على أفعالهم كالمشركين الذين احتجوا بمشيئة الله ورضاه على وقوعهم في
الشرك وفي التحليل والتحريم. وبالتأمل في مذهب أهل السنة والمخالفين لهم
يتضح تماماً وسطية أهل السنة بين غلو القدرية والجبرية وعدم وقوف القدرية
والجبرية عند الحق الذي هدى الله إليه أهل السنة بلطفه وكرمه.
وكما
توسط أهل السنة في تلك المعتقدات السابقة توسطوا أيضاً في قضية أخرى تتعلق
بالصحابة رضوان الله عليهم وقبل بيان هذا الجانب أقول أن العقل لا يكاد
يتصور أن يمس جانب الصحابة بأدنى أذى احتراماً لهم وتوقيراً واعترافاً
بجميل ما قدموه للبشرية جمعاء وأياً كان الحال فقد وقعت الخصومة فيهم بين
مختلف الطوائف التي تنتسب إلى الإسلام وكان لأهل السنة موقفاً مشرفاً منهم
كانوا به وسطاً فيهم فكيف تم ذلك؟
وقف أهل السنة بالنسبة للصحابة بين غلو الغالين وتقصير المخالفين وقد تميز موقفهم منهم بأمور كثيرة منها:
1- أن الصحابة هم خير البشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم .
2- الاعتراف بكل ما ذكر عنهم من الفضائل في القرآن والسنة وأقوال أهل العلم.
3- السكوت عما شجر بينهم من اختلاف وفتن داخلية ولا نذكرهم إلا بخير.
4- الشهادة بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بها أو جاءت في القرآن.
5- الاعتراف بأنهم كلهم على فضل ولكنهم يتفاضلون فيما بينهم وأن
أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعاً
دون انتقاص لفضل كل منهم وأن خلافة كل واحد منهم ثابتة على النهج الصحيح
وأن من أسلم قبل الفتح وبيعة الرضوان أفضل ممن أسلم بعد ذلك.
6- الاقتداء بهم والتحلي بفضائلهم واقتفاء آثارهم.
7- لا نرفع أحداً منهم فوق منزلته ولا ندعي له فضائل لم تثبت وهم في غنى عن مدحهم بما لم يثبت يهم.
8- الإيمان بأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم طاهرات مطهرات وأنهن
أمهات المؤمنين ويؤمنون بوجوب محبة أهل البيت ويقدمونهم وفق وصية النبي
صلى الله عليه وسلم بهم دون إفراط ولا تفريط.
9- لا يدّعون عصمة أي شخص كائناً من كان مع الاعتقاد أن من جاء بعدهم
لا يصل إلى جزيل ما أعد الله لهم من الثواب لأن مُدَّ أحدهم خير من إنفاق
مثل جبل أحد ذهباً من غيرهم.
10- لا يكفرون أحداً من الصحابة ولا اعتبار للمرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
11- يتولون الصحابة كلهم ويترضون عنهم بخلاف الرافضة وغيرهم من الفرق
الضالة وبهذه المزايا التي اتسم بها أهل السنة كانوا وسطاً فيما يتعلق
بجانب الصحابة وستتضح وسطيتهم من خلال ما تلاحظه في مواقف المخالفين لهم
فيما يأتي:
فالخوارج كفّروا الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكفروا
كل من شارك في قضية التحكيم وتبرؤوا منهم بل وأوجبوا لهم النار كما تبرؤوا
من الحسن والحسين وكفروا الخليفة ذي النورين أيضاً رضي الله عنه وكذا طلحة
والزبير وعائشة رضي الله عنهم جميعاً وهذا الموقف منهم غاية في الغلو
المذموم وجرأة ممقوتة على هؤلاء الأخيار وقد تبعهم في هذا الموقف الشنيع
بعض كبار المعتزلة كواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد حيث قالوا بفسق أصحاب
الجمل وعلي ومعاوية ومن معهم من أهل صفين ومن عثمان كذلك رضي الله عنه،
وهذا قول عمرو بن عبيد وأما شيخه واصل بن عطاء فقد قال بفسق أحد الفريقين
دون تعيين كما تتبرأ المعتزلة من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما
وبالجملة فإن المعتزلة كان موقفهم من الصحابة قريب من مواقف الخوارج في
غلوهم متناسين ما قدمه أولئك الفضلاء من خيرٍ لأمة محمد صلى الله عليه
وسلم بل غلبوا ما تصوروه عنهم من بعض المواقف التي لم يفهموا تفسيرها أو
كانت تخالف آراءهم الاعتزالية فوقفوا منهم تلك المواقف الشنيعة وخالفوا ما
أمرهم الله به من الاستغفار والترحم والترضي على من سبق بالإيمان فضلاً عن
خيرة الناس بعد الأنبياء والمرسلين. وأما الرافضة فقد كان موقفهم من صحابة
نبي الله صلى الله عليه وسلم سبة وعاراً فقد وصلوا في حمقهم وغبائهم أن
شتموا الصحابة بل وتقربوا بسبهم إلى الله تعالى ولهذا كان النصارى أعقل
منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ فقالوا أصحاب عيسى وكان اليهود أعقل
منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى أما الرافضة فإنهم
لو قيل لهم من شر أهل ملتكم لقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عليه
ولهذا نجد كثيراً من المسلمين الذين هم على الفطرة يترضون عن جميع الصحابة
وما أن يدخل الشخص في مذهبهم إلا وأصبح لعن الصحابة وخصوصاً من شهد له
الله تعالى بصحبة نبيه من أول التزاماته العقدية.
فما الذي سيجنيه المسلمون من شخص يزعم أنه مسلم وهو عدو مبين لسلف
هذه الأمة مقتدياً بابن سبأ والحاقدين من أصحاب الديانات التي قضى عليها
الفتح الإسلامي على أيدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وإذا كان موقفهم
تجاه الصحابة كله موقف عداء وبغض وشتم فإن موقفهم تجاه أهل البيت وعلي
بخصوصه أشد شناعة وعداوة وإن كان ظاهرهم أنهم يحبونهم ويتشيعون لهم ذلك أن
التاريخ كله يشهد بأن أكثر المآسي وأفدحها التي وقعت لأهل البيت كان
وراءها عقول الرافضة وسيوفهم ابتداء بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه
وابنه الحسين ومن جاء بعده من أهل البيت الذين استدرجهم الرافضة للخروج
على الدولة الأموية ثم خذلانهم في أحرج المواقف كما وقع لمسلم بن عقيل
والحسن بن علي وزيد بن علي ين الحسين وابنه يحيى وغيرهم.
ولقد غلا الرافضة غلواً فاحشاً في حق علي رضي الله عنه ورفعوه إلى منزلة أحرق من قال بها في حياته وهي تأليههم له.
فقد فضلوه على سائر الصحابة وادعوا أنه سيرجع قبل يوم القيامة وأنه خير الأوصياء وأنه لم يجمع القرآن كما أنزل إلا هو.
وأن أهل بيته كلهم من الأئمة المعصومين عن الذنوب والخطايا وأنهم
يعلمون الغيب وأنهم لا يموتون إلا بإذنهم وإرادتهم وأنهم أفضل من الأنبياء
والمرسلين وعندهم الجفر والجامعة ومصحف فاطمة وأنهم يوحى إليهم وغير ذلك
من غلوهم الفاحش المدون في كتبهم يتوارثونه خلفاً عن سلف كما في كتابهم
الكافي للكليني وغيره.
وفي المقابل صبوا جام غضبهم على الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين عائشة
وحفصة وسائر الصحابة وأنهم حسب افترائهم ارتدوا عن الإسلام وخصوصاً من حضر
غدير خم لعدم مبايعتهم علي بن أبي طالب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه
وسلم ولولا أن الحديث لا يتطلب تفصيل هذه الافتراءات والأباطيل لكان إثبات
ذلك عنهم من مراجعهم من أيسر الأمور فليرجع إليها الباحث عن الحق النهم
بالمعرفة ليقف على كل ضلالات الرافضة وخروجهم عن الحق وليظهر له توسط أهل
السنة والجماعة في موقفهم من كل صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وفيما تقدم إشارة كافية للبيب .
توسط أهل السنة في تلك المعتقدات السابقة توسطوا أيضاً في قضية أخرى تتعلق
بالصحابة رضوان الله عليهم وقبل بيان هذا الجانب أقول أن العقل لا يكاد
يتصور أن يمس جانب الصحابة بأدنى أذى احتراماً لهم وتوقيراً واعترافاً
بجميل ما قدموه للبشرية جمعاء وأياً كان الحال فقد وقعت الخصومة فيهم بين
مختلف الطوائف التي تنتسب إلى الإسلام وكان لأهل السنة موقفاً مشرفاً منهم
كانوا به وسطاً فيهم فكيف تم ذلك؟
وقف أهل السنة بالنسبة للصحابة بين غلو الغالين وتقصير المخالفين وقد تميز موقفهم منهم بأمور كثيرة منها:
1- أن الصحابة هم خير البشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم .
2- الاعتراف بكل ما ذكر عنهم من الفضائل في القرآن والسنة وأقوال أهل العلم.
3- السكوت عما شجر بينهم من اختلاف وفتن داخلية ولا نذكرهم إلا بخير.
4- الشهادة بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بها أو جاءت في القرآن.
5- الاعتراف بأنهم كلهم على فضل ولكنهم يتفاضلون فيما بينهم وأن
أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعاً
دون انتقاص لفضل كل منهم وأن خلافة كل واحد منهم ثابتة على النهج الصحيح
وأن من أسلم قبل الفتح وبيعة الرضوان أفضل ممن أسلم بعد ذلك.
6- الاقتداء بهم والتحلي بفضائلهم واقتفاء آثارهم.
7- لا نرفع أحداً منهم فوق منزلته ولا ندعي له فضائل لم تثبت وهم في غنى عن مدحهم بما لم يثبت يهم.
8- الإيمان بأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم طاهرات مطهرات وأنهن
أمهات المؤمنين ويؤمنون بوجوب محبة أهل البيت ويقدمونهم وفق وصية النبي
صلى الله عليه وسلم بهم دون إفراط ولا تفريط.
9- لا يدّعون عصمة أي شخص كائناً من كان مع الاعتقاد أن من جاء بعدهم
لا يصل إلى جزيل ما أعد الله لهم من الثواب لأن مُدَّ أحدهم خير من إنفاق
مثل جبل أحد ذهباً من غيرهم.
10- لا يكفرون أحداً من الصحابة ولا اعتبار للمرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
11- يتولون الصحابة كلهم ويترضون عنهم بخلاف الرافضة وغيرهم من الفرق
الضالة وبهذه المزايا التي اتسم بها أهل السنة كانوا وسطاً فيما يتعلق
بجانب الصحابة وستتضح وسطيتهم من خلال ما تلاحظه في مواقف المخالفين لهم
فيما يأتي:
فالخوارج كفّروا الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكفروا
كل من شارك في قضية التحكيم وتبرؤوا منهم بل وأوجبوا لهم النار كما تبرؤوا
من الحسن والحسين وكفروا الخليفة ذي النورين أيضاً رضي الله عنه وكذا طلحة
والزبير وعائشة رضي الله عنهم جميعاً وهذا الموقف منهم غاية في الغلو
المذموم وجرأة ممقوتة على هؤلاء الأخيار وقد تبعهم في هذا الموقف الشنيع
بعض كبار المعتزلة كواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد حيث قالوا بفسق أصحاب
الجمل وعلي ومعاوية ومن معهم من أهل صفين ومن عثمان كذلك رضي الله عنه،
وهذا قول عمرو بن عبيد وأما شيخه واصل بن عطاء فقد قال بفسق أحد الفريقين
دون تعيين كما تتبرأ المعتزلة من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما
وبالجملة فإن المعتزلة كان موقفهم من الصحابة قريب من مواقف الخوارج في
غلوهم متناسين ما قدمه أولئك الفضلاء من خيرٍ لأمة محمد صلى الله عليه
وسلم بل غلبوا ما تصوروه عنهم من بعض المواقف التي لم يفهموا تفسيرها أو
كانت تخالف آراءهم الاعتزالية فوقفوا منهم تلك المواقف الشنيعة وخالفوا ما
أمرهم الله به من الاستغفار والترحم والترضي على من سبق بالإيمان فضلاً عن
خيرة الناس بعد الأنبياء والمرسلين. وأما الرافضة فقد كان موقفهم من صحابة
نبي الله صلى الله عليه وسلم سبة وعاراً فقد وصلوا في حمقهم وغبائهم أن
شتموا الصحابة بل وتقربوا بسبهم إلى الله تعالى ولهذا كان النصارى أعقل
منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ فقالوا أصحاب عيسى وكان اليهود أعقل
منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى أما الرافضة فإنهم
لو قيل لهم من شر أهل ملتكم لقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عليه
ولهذا نجد كثيراً من المسلمين الذين هم على الفطرة يترضون عن جميع الصحابة
وما أن يدخل الشخص في مذهبهم إلا وأصبح لعن الصحابة وخصوصاً من شهد له
الله تعالى بصحبة نبيه من أول التزاماته العقدية.
فما الذي سيجنيه المسلمون من شخص يزعم أنه مسلم وهو عدو مبين لسلف
هذه الأمة مقتدياً بابن سبأ والحاقدين من أصحاب الديانات التي قضى عليها
الفتح الإسلامي على أيدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وإذا كان موقفهم
تجاه الصحابة كله موقف عداء وبغض وشتم فإن موقفهم تجاه أهل البيت وعلي
بخصوصه أشد شناعة وعداوة وإن كان ظاهرهم أنهم يحبونهم ويتشيعون لهم ذلك أن
التاريخ كله يشهد بأن أكثر المآسي وأفدحها التي وقعت لأهل البيت كان
وراءها عقول الرافضة وسيوفهم ابتداء بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه
وابنه الحسين ومن جاء بعده من أهل البيت الذين استدرجهم الرافضة للخروج
على الدولة الأموية ثم خذلانهم في أحرج المواقف كما وقع لمسلم بن عقيل
والحسن بن علي وزيد بن علي ين الحسين وابنه يحيى وغيرهم.
ولقد غلا الرافضة غلواً فاحشاً في حق علي رضي الله عنه ورفعوه إلى منزلة أحرق من قال بها في حياته وهي تأليههم له.
فقد فضلوه على سائر الصحابة وادعوا أنه سيرجع قبل يوم القيامة وأنه خير الأوصياء وأنه لم يجمع القرآن كما أنزل إلا هو.
وأن أهل بيته كلهم من الأئمة المعصومين عن الذنوب والخطايا وأنهم
يعلمون الغيب وأنهم لا يموتون إلا بإذنهم وإرادتهم وأنهم أفضل من الأنبياء
والمرسلين وعندهم الجفر والجامعة ومصحف فاطمة وأنهم يوحى إليهم وغير ذلك
من غلوهم الفاحش المدون في كتبهم يتوارثونه خلفاً عن سلف كما في كتابهم
الكافي للكليني وغيره.
وفي المقابل صبوا جام غضبهم على الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين عائشة
وحفصة وسائر الصحابة وأنهم حسب افترائهم ارتدوا عن الإسلام وخصوصاً من حضر
غدير خم لعدم مبايعتهم علي بن أبي طالب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه
وسلم ولولا أن الحديث لا يتطلب تفصيل هذه الافتراءات والأباطيل لكان إثبات
ذلك عنهم من مراجعهم من أيسر الأمور فليرجع إليها الباحث عن الحق النهم
بالمعرفة ليقف على كل ضلالات الرافضة وخروجهم عن الحق وليظهر له توسط أهل
السنة والجماعة في موقفهم من كل صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وفيما تقدم إشارة كافية للبيب .
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin