قال تعالى في محكم قرآنه: { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب } (ص:29)
وتدبر القرآن مقصد أساس من مقاصد نزول القرآن الكريم، فهو السبيل لفهم
أحكامه، وهو الطريق لبيان غاياته ومقاصده؛ فلا يُفهم القرآن حق الفهم، ولا
تُعرف مقاصده وغاياته حق المعرفة، إلا بالوقوف عند آياته وتدبرها حق
التدبر، لكشف ما وراءها من حكم ومعانٍ .
ومع أننا - والحمد لله -
لا نزال نرى كثيراً من المسلمين يقرؤون القرآن آناء الليل وأطراف النهار -
وهذا أمر طيب على كل حال - إلا أن الكثير منهم لا يزال يقرأ القرآن من غير
تدبر ولا فهم، الأمر الذي أدى إلى تفويت المقصد الأساس الذي أنزل القرآن
لأجله، ألا وهو العمل بأحكامه، واتباع أوامره واجتناب نواهيه .
ونحن - وعملاً بقوله تعالى: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } (الذاريات:55) - ارتأينا أن نخصص هذا المقال للحديث عن بعض القواعد المهمة، التي تساعد على تدبر القرآن الكريم، وفهمه الفهم السليم .
فمن
تلك القواعد معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية، فلا يخفي أن القرآن
الكريم نزل بلغة العرب وبلسانهم، وهو لا يُفهم إلا بفهم ما به نزل، ولذلك
وجدنا أهل العلم كافة يهتمون بمعرفة لغة العرب، ويوصون طلبة العلم بذلك؛
وبيان ذلك أن من لا يعرف أساليب العرب في البيان لا يستطيع - مثلاً - أن
يفهم قوله تعالى: { واسأل القرية } (يوسف:82) ولا يمكنه كذلك أن يفرِّق بين قوله تعالى: { إياك نعبد } و( نعبدك ) أو ( نعبد إياك ) ونحو ذلك من الأساليب العربية .
ولا
بد أن نشير هنا إلى أنه لا يُطلب من كل قارئ للقرآن الكريم أن يكون
نحويًا، كسيبويه ومن كان على شاكلته، بل المطلوب أن يحصل قارئ القرآن على
الحد الذي يُمكَّنه من فهم كتاب الله وتدبره .
ومن القواعد المهمة
والمساعدة على تدبر القرآن، دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن، وأنه كان
خُلُقُه القرآن، وأنه كان قرآنًا يمشي، فهو المبين لمجمله، والموضح
لمشكله، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تدبر القرآن وفهمه لا يتأتَّى إلا
بالرجوع إلى ما ثبت من سيرته صلى الله عليه وسلم وما صح من سنته .
ثم
إن معرفة أسباب النزول تُعدُّ من القواعد المهمة في تدبر القرآن؛ لأن
كثيراً من الآيات ارتبط نزولها بمناسبات ووقائع معينة، ولا يمكن أن تُفهم
إلا بمعرفة المناسبات والوقائع التي نزلت لمعالجتها، فالقارئ لكتاب الله -
مثلاً - قد لا يدرك المقصود من قوله تعالى: { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } (آل عمران:139-140) إلا بمعرفة أسباب نزولها .
ومن
الأمور المساعدة على تدبر كتاب الله، الرجوع إلى كتب التفاسير المعتمدة،
والنظر في أقوال أهل العلم فيها، فقد حوت تلك الكتب كثيراً من تفاسير
السلف، كتفاسير الصحابة، وتفاسير التابعين وتابعيهم، كتفسير الطبري،
وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير، وغيرها كثير، فبالرجوع إلى هذه التفاسير
وأمثالها عون لقارئ كتاب الله على تدبر آياته وفهمه الفهم السليم .
ومما
يصبُّ فيما نحن بصدد الحديث عنه، العكوف على قراءة القرآن مع التأمل
والنظر والتفكر في آياته، وهذا ما حثَّ عليه القرآن نفسه؛ يرشد لهذا
العديد من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في آيات الله، من ذلك -
مثلاً - قوله تعالى: { قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا } (سـبأ:46)
فالتفكر والتدبر والنظر والتأمل يفتح لقارئ كتاب الله كثيراً من المعاني،
التي لا يمكن أن يكتسبها قارئ كتاب الله إلا من خلال ذلك .
ومن أهم
القواعد المهمة في تدبر القرآن الكريم، قاعدة إنزال القرآن على الواقع،
وتعني هذه القاعدة باختصار أن القرآن الكريم لم ينزل لزمان معين ولا لمكان
معين، وإنما نزل صالحاً للعمل والتطبيق في كل زمان وفي كل مكان، وهو لا
يفهم حيًا غضًا طريًا، إلا بإنزاله على واقع الأمة وقضاياها، فلكل زمان
كُفَّاره ومنافقوه، ولكل مكان فراعنته وظالموه. لذا كان من الخطأ والزلل
إنزال القرآن على غير منازله، فمن أنزل آيات المؤمنين في الكافرين أو
العكس، أو جعل المؤمنين الصالحين هم المنافقون الكافرون، فقد ضل سواء
السبيل .
ونختم مقالنا هذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا
نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده
) رواه مسلم وواضح أن الحديث قَرَنَ بين التلاوة والمدارسة، ورتب عليهما السكينة والرحمة وحفظ الملائكة وذكر الله لقارئي كتابه .
ولعل
واقع المسلمين اليوم وما هم عليه من وضع لا يحسدون عليه، ما يُشير إلى أن
غياب تدبر القرآن وفهمه الفهم الصحيح، ومن ثَمَّ العمل به، أقول: لعل في
ذلك سببًا وراء ما هم عليه، والله أعلم .
وتدبر القرآن مقصد أساس من مقاصد نزول القرآن الكريم، فهو السبيل لفهم
أحكامه، وهو الطريق لبيان غاياته ومقاصده؛ فلا يُفهم القرآن حق الفهم، ولا
تُعرف مقاصده وغاياته حق المعرفة، إلا بالوقوف عند آياته وتدبرها حق
التدبر، لكشف ما وراءها من حكم ومعانٍ .
ومع أننا - والحمد لله -
لا نزال نرى كثيراً من المسلمين يقرؤون القرآن آناء الليل وأطراف النهار -
وهذا أمر طيب على كل حال - إلا أن الكثير منهم لا يزال يقرأ القرآن من غير
تدبر ولا فهم، الأمر الذي أدى إلى تفويت المقصد الأساس الذي أنزل القرآن
لأجله، ألا وهو العمل بأحكامه، واتباع أوامره واجتناب نواهيه .
ونحن - وعملاً بقوله تعالى: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } (الذاريات:55) - ارتأينا أن نخصص هذا المقال للحديث عن بعض القواعد المهمة، التي تساعد على تدبر القرآن الكريم، وفهمه الفهم السليم .
فمن
تلك القواعد معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية، فلا يخفي أن القرآن
الكريم نزل بلغة العرب وبلسانهم، وهو لا يُفهم إلا بفهم ما به نزل، ولذلك
وجدنا أهل العلم كافة يهتمون بمعرفة لغة العرب، ويوصون طلبة العلم بذلك؛
وبيان ذلك أن من لا يعرف أساليب العرب في البيان لا يستطيع - مثلاً - أن
يفهم قوله تعالى: { واسأل القرية } (يوسف:82) ولا يمكنه كذلك أن يفرِّق بين قوله تعالى: { إياك نعبد } و( نعبدك ) أو ( نعبد إياك ) ونحو ذلك من الأساليب العربية .
ولا
بد أن نشير هنا إلى أنه لا يُطلب من كل قارئ للقرآن الكريم أن يكون
نحويًا، كسيبويه ومن كان على شاكلته، بل المطلوب أن يحصل قارئ القرآن على
الحد الذي يُمكَّنه من فهم كتاب الله وتدبره .
ومن القواعد المهمة
والمساعدة على تدبر القرآن، دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن، وأنه كان
خُلُقُه القرآن، وأنه كان قرآنًا يمشي، فهو المبين لمجمله، والموضح
لمشكله، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تدبر القرآن وفهمه لا يتأتَّى إلا
بالرجوع إلى ما ثبت من سيرته صلى الله عليه وسلم وما صح من سنته .
ثم
إن معرفة أسباب النزول تُعدُّ من القواعد المهمة في تدبر القرآن؛ لأن
كثيراً من الآيات ارتبط نزولها بمناسبات ووقائع معينة، ولا يمكن أن تُفهم
إلا بمعرفة المناسبات والوقائع التي نزلت لمعالجتها، فالقارئ لكتاب الله -
مثلاً - قد لا يدرك المقصود من قوله تعالى: { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } (آل عمران:139-140) إلا بمعرفة أسباب نزولها .
ومن
الأمور المساعدة على تدبر كتاب الله، الرجوع إلى كتب التفاسير المعتمدة،
والنظر في أقوال أهل العلم فيها، فقد حوت تلك الكتب كثيراً من تفاسير
السلف، كتفاسير الصحابة، وتفاسير التابعين وتابعيهم، كتفسير الطبري،
وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير، وغيرها كثير، فبالرجوع إلى هذه التفاسير
وأمثالها عون لقارئ كتاب الله على تدبر آياته وفهمه الفهم السليم .
ومما
يصبُّ فيما نحن بصدد الحديث عنه، العكوف على قراءة القرآن مع التأمل
والنظر والتفكر في آياته، وهذا ما حثَّ عليه القرآن نفسه؛ يرشد لهذا
العديد من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في آيات الله، من ذلك -
مثلاً - قوله تعالى: { قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا } (سـبأ:46)
فالتفكر والتدبر والنظر والتأمل يفتح لقارئ كتاب الله كثيراً من المعاني،
التي لا يمكن أن يكتسبها قارئ كتاب الله إلا من خلال ذلك .
ومن أهم
القواعد المهمة في تدبر القرآن الكريم، قاعدة إنزال القرآن على الواقع،
وتعني هذه القاعدة باختصار أن القرآن الكريم لم ينزل لزمان معين ولا لمكان
معين، وإنما نزل صالحاً للعمل والتطبيق في كل زمان وفي كل مكان، وهو لا
يفهم حيًا غضًا طريًا، إلا بإنزاله على واقع الأمة وقضاياها، فلكل زمان
كُفَّاره ومنافقوه، ولكل مكان فراعنته وظالموه. لذا كان من الخطأ والزلل
إنزال القرآن على غير منازله، فمن أنزل آيات المؤمنين في الكافرين أو
العكس، أو جعل المؤمنين الصالحين هم المنافقون الكافرون، فقد ضل سواء
السبيل .
ونختم مقالنا هذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا
نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده
) رواه مسلم وواضح أن الحديث قَرَنَ بين التلاوة والمدارسة، ورتب عليهما السكينة والرحمة وحفظ الملائكة وذكر الله لقارئي كتابه .
ولعل
واقع المسلمين اليوم وما هم عليه من وضع لا يحسدون عليه، ما يُشير إلى أن
غياب تدبر القرآن وفهمه الفهم الصحيح، ومن ثَمَّ العمل به، أقول: لعل في
ذلك سببًا وراء ما هم عليه، والله أعلم .
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin