الشَّاعرُ والِّلصُّ
أَرادَ أَحَدُ الشُّعراءِ أَنْ يُسافرَ لأداءِ أَمانَةٍ إِلَى
صَديقٍ لَهُ ، وكانَ لِلشَّاعرِ ابنَتَانِ
فقَالَ لَهُما : إِذَا قَدَّرَ اللهُ ،
وقُتِلْتُ في الطَّريقِ ، فَخُذَا بثأْرِيَ
مِمَّنْ يَأتِيكُمَا بِالشَّطْرِ الأَوَّلِ مِن هَذَا البَيْتِ
أَلاَ أيُّها البنتَانِ إنَّ أَبَاكُمَا قَتِيلٌ خُذَا بالثَّأرِ مِمَّنْ أَتَاكُمَا
وبينَمَا الشَّاعِرُ في الطَّريقِ قَابَلَهُ
أَحدُ اللُّصُوص ، وهدَّدَهُ بِالقَتْل ، وَأخْذِ مَا مَعَه
مِن أمْوالٍ ، فَقَالَ لَهُ الشَّاعِرُ : إنَّ هَذَا المَالَ أمَانَةٌ ،
فَإذَا كُنتَ تُرِيدُ مَالاً فَاذهَبْ إلَى ابْنَتَيَّ
، وقُلْ لَهُمَا : ألاَ أيُّهَا البِنْتَان إنَّ أبَاكُمَا .. ، وسَوفَ يُعْطِيَانِكَ مَا تُرِيد .
ولَكِنَّ اللِّصَّ قَتَلَهُ ، وأَخَذَ
مَا مَعَه ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى بَلْدَةِ الرَّجُل ، وقَابَلَ البِنْتَين ، وقَالَ لَهُمَا : إنَّ أبَاكُمَا يَقُولُ لَكُمَا :
ألاَ
أيُّهَا البِنْتَانِ إنَّ أبَاكُمَا .
فَقَالَتْ البِنْتَان : قَتِيلٌ خُذَا
بِالثَّأرِ مِمَّن أتَاكُمَا وصَاحَتَا ، فَتَجَمَّعَ الِجيرَانُ وأمْسَكُوا بِاللِّصِّ القَاتِل ، وذَهَبُوا بِهِ إلَى الحَاكِم ،
وهُنَاك
اعْتَرَفَ بِجَرِيمَتِهِ ، فَقَتَلَهُ
الحَاكِمُ جَزاءَ فِعْلِهِ الرسالة العائمة
وقَفَ أَحدُ الشُّعراءِ أمامَ قصرِ
الأَميِرِ مَعْن بنِ زَائِدة - أحدِ كُرمَاءِ العَربِ
- ، يُريدُ الدُّخولَ إِليِه ، فمنعَهُ الخَادِمُ . فأحضَرَ الشَّاعرُ لَوحًا مِنَ الخْشبِ ، وكَتَبَ عَلِيهِ بَيتًا مِنَ
الشَعرِ ،
يَقولُ فِيه
أَيا جودَ مَعْنٍ نَاجِ مَعْنًا بحَاجَتِي
فمَا لِي إلَى مَعْنٍ سِوَاك شَفِيعُ
ثُمَّ أَلْقَى الشاعرُ اللَّوُحَ في نَبْعِ
الماءِ الدَّاخلِ إلَى بُستانِ قصرِ الأمِير
فَرَآه معنٌ وهُوَ جَالِسٌ عَلَى نَبعِ
الماِء ، فَأخذَهُ ، فَقَرأ بَيتَ الشِّعرِ
، فأُعجِبَ بِهِ ، وسأَلَ عَن صاحِبِهِ ، فلمَّا عَرَفَهُ طَلَبَهُ ، فلمَّا جَاءَ الشَّاعِرُ قالَ لَه مَعْنٌ : أَأَنْتَ
الَّذِي
قُلتَ هَذا البَيْتَ ؟
فقَالَ الشّاعرُ
نَعَم ، وأنشَدَ البَيتَ أمامَ الأَمِير .
فأَمَرَ لَه بِمُكَافأةٍ كَبِيرةٍ ؛ لأِنَّه أحْسَنَ
التَّعبيرَ عَن حاجَتِهِ بِهَذا البَيتِ الجَميلِ بِذرُ الِمخَدَّةِ
ذَهَبَ أحَدُ الشُّعراءِ لزِيَارَةِ
صَدِيقٍ لَهُ ، فقدَّمَ لَهُ صَدِيقُهُ وِسَادةً
(أي مِخَدَّة ) لِيَتَّكِئَ عَلَيْهَا . فأُعْجِبَ الشَّاعِرُ بِالمخَدَّةِ إعجابًا شَدِيدًا . فلمَّا رَأى الصَّديقُ إعجَابَ
الشَّاعرِ
بالمخدَّةِ وعدَهُ أنَّهُ سيُهْدِيه مخدَّةً
مِثْلَهَا
ومرَّتِ الأَيّامُ ، وَلَم يُرسلِ الصَّديقُ
المخدَّةَ للشَّاعِر ، فَفكَّر الشاعرُ فِى حِيلةٍ
يُذكِّرُ بِهَا صديقَهُ بالمخدَّةِ الَّتِي وَعَدَهُ
بِهَا . فكَتَبَ رسالةً لصَديِقهِ ، فِيها هَذَانِ البِيتَانِ مِنَ الشِّعْرِ
يا صَدِيقي وخَلِيلِي وأخي في كُلِّ شِدَّة
لَيتَ شِعْري هَل زَرَعتُم بِذرَ كِتانِ المخَدَّة الخَيَّاطُ الأَعْورُ
كَان أحدُ الشُّعراءِ يَسيرُ في
شَوَارعِ الكُوفَةِ ، يَبْحَثُ عَن خيَّاطٍ ليَخِيطَ
لهُ ثَوبًا ، وبينَمَا هُوَ في الطَّريقِ ، قَابلَهُ الأصْمَعِيُّ
، فأَخَذَهُ إلَى خيَّاطٍ أعْوَرٍ يُسمَّى زَيْدًا .فَقَالَ الخيَّاطُ للشَّاعرِ
واللهِ لأخيطَنَّهُ خِياطةً لاَ تدْرِى
أَعَباءةٌ هُوَ أَمْ قَمِيصٌ
فَقَالَ الشَّاعِرُ
واللهِ لَو فَعَلتَ لأَقُولنَّ فِيكَ شِعرًا
لاَ تَدرِى أَمدحٌ هُوَ أَمْ هِجَاءٌ . فلمَّا أَتمَّ
الخيّاطُ الثَّوبَ أَخَذَهُ الشَّاعرُ ، وَلَمْ يَعْرِفْ
هَل يلبِسُهُ عَلَى أنهَّ عَباءةٌ أَمْ قَمِيصٌ
فقَالَ فِي الخيَّاطِ هَذا الشِّعْرَ
خَاطَ لِي زيدٌ قَباء لَيتَ عَيْنَيْهِ سَواء
فاسألِ النَّاسَ جِميعًا أَمَديحٌ أَم هِجَاء
فَلم يدرِ الخيَّاطُ أَيدعُو الشَّاعرُ
عَليهِ بِالعَمَى ، أَمْ يَدعُو أَنْ يَشْفِىَ اللهُ عينَهُ المرِيضَة الْحَلْوَى المسْمُومَةُ
اشتَكَى بَعضُ النَّاسِ إلَى
الْخَلِيفةِ الْعَبَّاسِي عَضُد الدَّولَةِ مِنْ قُطَّاع
الطَّرِيقِ الَّذِين يَسكُنوُن الجبَلَ، ويَسرِقُون أَموَالَ القَوَافِلِ وبَضَائِعَهَا
فَأرسَلَ الخَلِيفَةُ إِلىَ أَحَد التُّجَّارِ
وأَعْطَاهُ بَغْلاً ، وصُندُوقَيْن فِيهِمَا حَلوَى
لَذِيذَةٌ ، طيبةُ الرَّائِحَة ، وَضَعَ فِيهَا
سُماًّ قَاتِلاً
وأَخبَرَ التَّاجِرُ بِذَلِك ، وقَالَ لَه :
الْحَق بالقَافِلةِ المسَافِرةِ ، وتَظَاهَر أَنَّ
مَا مَعَك هَديَّةٌ لأَحدِ الأُمَرَاء . ففَعَلَ التَّاجِرُ مَا أمَرَ
بِهِ الخَلِيفَة . وَفِى الطَّرِيق ، هَجَمَ اللُّصُوصُ
عَلىَ القَافِلَة ، وأَخَذُوا كُلَّ مَا مَعَهُم ، وسَاقَ أَحدُهُم البَغلَ الُمحَمَّلَ بصُندُوقَي الحْلوَى
وذهَبَ مَسْرُورًا إلَى زُمَلائِه ،
فَشمُّوا رَائِحةَ الحَلوَى الطَّيِّبَةِ ، فاجتَمَعُوا
عَلَيهَا وقَسَّمُوها بَيْنَهُم . ومَا هِيَ إلاَّ
لَحَظَاتٌ حتَّى هَلَكُوا جَمِيعًا ، وتَتَبَّعَ التُّجَّارُ آثَارَ اللُّصُوصِ حتَّى عَرَفُوا أَمَاكِنَهُم، فَوَجَدُوا أَنَّهُم قَد
مَاتُوا
جَمِيعًا ، فَاسْتَرَدُّوا أَمتِعَتَهُم جُذُوعُ الخِرْوَعِ
ذَهَبَ رَجلٌ إلَى الخَلِيفَةِ عَضُد
الدَّولَةِ ، وأخبَرَه أنَّهُ دفَنَ مَالَهُ فِى
الصَّحَراءِ تَحتَ شَجَرةِ خِرْوَع ، فَلمَّا ذهَبَ لِيَأخُذَهُ لَم يَجدْهُ . فلمَّا سَمِعَ الخَلِيفَةُ ذَلِك أحضَرَ كُلَّ
أَطِبَّاءِ
المَدِينَة ، ثُمَّ قَالَ لَهُم : هَل
دَاوَيْتُم أَحَدًا بِجُذُوعِ الخِروَعِ
هَذَا الموْسِم ؟ فقَالَ أَحَدُهُم : أنَا دَاوَيتُ فُلاَنًا بِجُذُوعِ الخِروَع
فأَرسَلَ الخَلِيفَةُ إلَى ذَلِك المَرِيض ،
فَلمَّا جَاءَ سَألَه : مَنْ جَاءك بِجُذُوعِ الخِرْوَع التي
تَدَاوَيْتَ بِهَا ؟ فقَالَ الرَّجُل : خَادِمٌ لِى . فَأَمَرَ
الخَلِيفةُ بِإحضَارِ الخَادِم . فلمَّا جَاءَ سَألَه
: مِنْ أَينَ جِئتَ بِجُذُوعِ الخِرْوَع ؟ فقَالَ الخَادِم : مِنْ شَجَرةٍ بِالصَّحَرَاء . فَأَمَرَهُ الخَلِيفةُ أَنْ يذهَبَ مَع
الرَّجُل
ليُرِيَهُ الشَّجَرَة . فلمَّا ذَهَبَا إِلِيهَا
وَجدَ الرَّجُلُ أنَّها الشَّجَرةُ التِي دَفنَ مَالَه
تَحتَهَا ، فَعادَ إلىَ الخَلِيفةِ وأخْبَرَه.
فقَالَ الخَلِيفةُ لِلْخَادِم : أَنتَ الذِي وَجدتَ المَال ؟ فقَالَ : نَعَم. فأَمَرَه أَنْ يَردَّ المَالَ إلَى صَاحِبِه ،
فَأخَذَ
الرَّجُلُ مَالَهُ وعَادَ مَسرُورًا إلىَ
بَيْتِه الموكِبُ العَظِيم
كَانَ أمِيرُ المؤمِنِين عُمرُ بنُ
الخَطَّابِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - زَاهِدًا فِى
مَعِيشَتِه ، وكَانَ لاَ يُحبُّ أَنْ يَرى عَلاَمَاتِ التَّرَفِ تَظهَرُ على وُلاَتِه . وَفِى إحدَى المَرَّات ذهَبَ عُمرُ
لِزِيَارَةِ وَالِى الشَّامِ مُعَاويةَ بنِ
أبى سُفيَان . فاستَقْبَلَهُ مُعَاوِيَةُ في
مَوكِبٍ عَظِيم ، فَغَضِبَ عُمر ، ولاَمَ مُعَاوِيَةَ عَلىَ هَذهِ المظَاهِر
فَردَّ علِيهِ مُعَاويةُ ردًّا ذَكيًّا ،
قَالَ فِيه : نَحنُ بأرضٍ ، جَوَاسِيسُ العَدُوِّ بِهَا
كَثِير ، فَيَجِبُ أَن نُظْهِرَ مِنْ عِزِّ السُّلْطَانِ
مَا يُرهِبُهُم ، فَإِنْ نَهَيتَنِي انتهَيَتُ . فقَالَ عُمر : لِئَن
كَانَ مَا قُلتَ حَقًّا ، إنَّه لَرَأىٌ أَرِيبٌ ( أَيْ : رَأىٌ سَدَيدٌ مُقْنِع ) وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً فَإنَّه لخُدعَةُ أَدِيب الْوَزِيرُ الخَائِن
كَانَت أَسْرَارُ إِحدَى البِلاَدِ تَتَسربُ إلىَ اْلأَعدَاِء ، فقَالَ الحَاكِمُ فِى نَفْسِه : إنَّ أسرَارَ الدَّولَةِ لاَ يَعرِفُهَا إلاَّ أَنا وَالوُزَرَاء. فَلاَبدَ أَنَّ بَينَ الوُزَرَاءِ وَزِيرًا خَائِنًا ، وَينْبَغِي أَنْ أَعْرِفَهُ ، وأَخَافُ أنْ أُعَاقِبَهُم جَمِيعًا ، فأظلِمُ الأَبرِيَاءَ مِنهُم . فَكَّر الحَاكِمُ في حِيلةٍ ذَكيةٍ يَعرفُ عَنْ طَرِيقِها الوَزِيرَ الخَائِنَ الذِي يَنقلُ أسرَارَ الدّولَةِ إلَى الأَعْدَاء . فاستَدْعَىِ أَحدَ مُسَاعِدِيه الأُمَنَاءِ وَقَالَ لَه : اكتُبْ أَسرَارًا وَهمِيَّةً كَاذِبةً عَنِ
الدَّولَة . وأَرسِلْ إلَى كُلِّ وَزِيرٍ مِنَ اْلوُزَرَاء ، وقُلْ لَه سِرًّا مُخَتلِفًا عَنِ السَرِّ الذِى قُلتَهُ للآخَرِين ، واطلُبْ مِنهُ كِتْمَانَهُ
فإذَا انصَرفَ اكتُبْ اسمَهُ
بجِوَارِ السِّرِّ الذِي قُلتَهُ لَه ، ثُمَّ انْتَظِرْ يَومًا أوْ أكثَرَ لِتَعرِفَ سِرَّ مَنِ الَّذِي انْتَشَرَ . نفَّذَ المسَاعِدُ مَا أَمَرَ بِهِ الحَاكِمُ ،
فوجَدَ أَنَّ سِرًّا مِنْ هَذِه الأَسرَارِ قَد انتَشَرَ وَذَاعَ وعَرَفَهُ الأعدَاء . فعَرَفَ الحَاكِمُ الوَزِيرَ صَاحِبَ هَذا الخَبَر ، فأرسَلَ إِلِيه وعَاقَبَهُ عِقابًا
أَرادَ أَحَدُ الشُّعراءِ أَنْ يُسافرَ لأداءِ أَمانَةٍ إِلَى
صَديقٍ لَهُ ، وكانَ لِلشَّاعرِ ابنَتَانِ
فقَالَ لَهُما : إِذَا قَدَّرَ اللهُ ،
وقُتِلْتُ في الطَّريقِ ، فَخُذَا بثأْرِيَ
مِمَّنْ يَأتِيكُمَا بِالشَّطْرِ الأَوَّلِ مِن هَذَا البَيْتِ
أَلاَ أيُّها البنتَانِ إنَّ أَبَاكُمَا قَتِيلٌ خُذَا بالثَّأرِ مِمَّنْ أَتَاكُمَا
وبينَمَا الشَّاعِرُ في الطَّريقِ قَابَلَهُ
أَحدُ اللُّصُوص ، وهدَّدَهُ بِالقَتْل ، وَأخْذِ مَا مَعَه
مِن أمْوالٍ ، فَقَالَ لَهُ الشَّاعِرُ : إنَّ هَذَا المَالَ أمَانَةٌ ،
فَإذَا كُنتَ تُرِيدُ مَالاً فَاذهَبْ إلَى ابْنَتَيَّ
، وقُلْ لَهُمَا : ألاَ أيُّهَا البِنْتَان إنَّ أبَاكُمَا .. ، وسَوفَ يُعْطِيَانِكَ مَا تُرِيد .
ولَكِنَّ اللِّصَّ قَتَلَهُ ، وأَخَذَ
مَا مَعَه ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى بَلْدَةِ الرَّجُل ، وقَابَلَ البِنْتَين ، وقَالَ لَهُمَا : إنَّ أبَاكُمَا يَقُولُ لَكُمَا :
ألاَ
أيُّهَا البِنْتَانِ إنَّ أبَاكُمَا .
فَقَالَتْ البِنْتَان : قَتِيلٌ خُذَا
بِالثَّأرِ مِمَّن أتَاكُمَا وصَاحَتَا ، فَتَجَمَّعَ الِجيرَانُ وأمْسَكُوا بِاللِّصِّ القَاتِل ، وذَهَبُوا بِهِ إلَى الحَاكِم ،
وهُنَاك
اعْتَرَفَ بِجَرِيمَتِهِ ، فَقَتَلَهُ
الحَاكِمُ جَزاءَ فِعْلِهِ الرسالة العائمة
وقَفَ أَحدُ الشُّعراءِ أمامَ قصرِ
الأَميِرِ مَعْن بنِ زَائِدة - أحدِ كُرمَاءِ العَربِ
- ، يُريدُ الدُّخولَ إِليِه ، فمنعَهُ الخَادِمُ . فأحضَرَ الشَّاعرُ لَوحًا مِنَ الخْشبِ ، وكَتَبَ عَلِيهِ بَيتًا مِنَ
الشَعرِ ،
يَقولُ فِيه
أَيا جودَ مَعْنٍ نَاجِ مَعْنًا بحَاجَتِي
فمَا لِي إلَى مَعْنٍ سِوَاك شَفِيعُ
ثُمَّ أَلْقَى الشاعرُ اللَّوُحَ في نَبْعِ
الماءِ الدَّاخلِ إلَى بُستانِ قصرِ الأمِير
فَرَآه معنٌ وهُوَ جَالِسٌ عَلَى نَبعِ
الماِء ، فَأخذَهُ ، فَقَرأ بَيتَ الشِّعرِ
، فأُعجِبَ بِهِ ، وسأَلَ عَن صاحِبِهِ ، فلمَّا عَرَفَهُ طَلَبَهُ ، فلمَّا جَاءَ الشَّاعِرُ قالَ لَه مَعْنٌ : أَأَنْتَ
الَّذِي
قُلتَ هَذا البَيْتَ ؟
فقَالَ الشّاعرُ
نَعَم ، وأنشَدَ البَيتَ أمامَ الأَمِير .
فأَمَرَ لَه بِمُكَافأةٍ كَبِيرةٍ ؛ لأِنَّه أحْسَنَ
التَّعبيرَ عَن حاجَتِهِ بِهَذا البَيتِ الجَميلِ بِذرُ الِمخَدَّةِ
ذَهَبَ أحَدُ الشُّعراءِ لزِيَارَةِ
صَدِيقٍ لَهُ ، فقدَّمَ لَهُ صَدِيقُهُ وِسَادةً
(أي مِخَدَّة ) لِيَتَّكِئَ عَلَيْهَا . فأُعْجِبَ الشَّاعِرُ بِالمخَدَّةِ إعجابًا شَدِيدًا . فلمَّا رَأى الصَّديقُ إعجَابَ
الشَّاعرِ
بالمخدَّةِ وعدَهُ أنَّهُ سيُهْدِيه مخدَّةً
مِثْلَهَا
ومرَّتِ الأَيّامُ ، وَلَم يُرسلِ الصَّديقُ
المخدَّةَ للشَّاعِر ، فَفكَّر الشاعرُ فِى حِيلةٍ
يُذكِّرُ بِهَا صديقَهُ بالمخدَّةِ الَّتِي وَعَدَهُ
بِهَا . فكَتَبَ رسالةً لصَديِقهِ ، فِيها هَذَانِ البِيتَانِ مِنَ الشِّعْرِ
يا صَدِيقي وخَلِيلِي وأخي في كُلِّ شِدَّة
لَيتَ شِعْري هَل زَرَعتُم بِذرَ كِتانِ المخَدَّة الخَيَّاطُ الأَعْورُ
كَان أحدُ الشُّعراءِ يَسيرُ في
شَوَارعِ الكُوفَةِ ، يَبْحَثُ عَن خيَّاطٍ ليَخِيطَ
لهُ ثَوبًا ، وبينَمَا هُوَ في الطَّريقِ ، قَابلَهُ الأصْمَعِيُّ
، فأَخَذَهُ إلَى خيَّاطٍ أعْوَرٍ يُسمَّى زَيْدًا .فَقَالَ الخيَّاطُ للشَّاعرِ
واللهِ لأخيطَنَّهُ خِياطةً لاَ تدْرِى
أَعَباءةٌ هُوَ أَمْ قَمِيصٌ
فَقَالَ الشَّاعِرُ
واللهِ لَو فَعَلتَ لأَقُولنَّ فِيكَ شِعرًا
لاَ تَدرِى أَمدحٌ هُوَ أَمْ هِجَاءٌ . فلمَّا أَتمَّ
الخيّاطُ الثَّوبَ أَخَذَهُ الشَّاعرُ ، وَلَمْ يَعْرِفْ
هَل يلبِسُهُ عَلَى أنهَّ عَباءةٌ أَمْ قَمِيصٌ
فقَالَ فِي الخيَّاطِ هَذا الشِّعْرَ
خَاطَ لِي زيدٌ قَباء لَيتَ عَيْنَيْهِ سَواء
فاسألِ النَّاسَ جِميعًا أَمَديحٌ أَم هِجَاء
فَلم يدرِ الخيَّاطُ أَيدعُو الشَّاعرُ
عَليهِ بِالعَمَى ، أَمْ يَدعُو أَنْ يَشْفِىَ اللهُ عينَهُ المرِيضَة الْحَلْوَى المسْمُومَةُ
اشتَكَى بَعضُ النَّاسِ إلَى
الْخَلِيفةِ الْعَبَّاسِي عَضُد الدَّولَةِ مِنْ قُطَّاع
الطَّرِيقِ الَّذِين يَسكُنوُن الجبَلَ، ويَسرِقُون أَموَالَ القَوَافِلِ وبَضَائِعَهَا
فَأرسَلَ الخَلِيفَةُ إِلىَ أَحَد التُّجَّارِ
وأَعْطَاهُ بَغْلاً ، وصُندُوقَيْن فِيهِمَا حَلوَى
لَذِيذَةٌ ، طيبةُ الرَّائِحَة ، وَضَعَ فِيهَا
سُماًّ قَاتِلاً
وأَخبَرَ التَّاجِرُ بِذَلِك ، وقَالَ لَه :
الْحَق بالقَافِلةِ المسَافِرةِ ، وتَظَاهَر أَنَّ
مَا مَعَك هَديَّةٌ لأَحدِ الأُمَرَاء . ففَعَلَ التَّاجِرُ مَا أمَرَ
بِهِ الخَلِيفَة . وَفِى الطَّرِيق ، هَجَمَ اللُّصُوصُ
عَلىَ القَافِلَة ، وأَخَذُوا كُلَّ مَا مَعَهُم ، وسَاقَ أَحدُهُم البَغلَ الُمحَمَّلَ بصُندُوقَي الحْلوَى
وذهَبَ مَسْرُورًا إلَى زُمَلائِه ،
فَشمُّوا رَائِحةَ الحَلوَى الطَّيِّبَةِ ، فاجتَمَعُوا
عَلَيهَا وقَسَّمُوها بَيْنَهُم . ومَا هِيَ إلاَّ
لَحَظَاتٌ حتَّى هَلَكُوا جَمِيعًا ، وتَتَبَّعَ التُّجَّارُ آثَارَ اللُّصُوصِ حتَّى عَرَفُوا أَمَاكِنَهُم، فَوَجَدُوا أَنَّهُم قَد
مَاتُوا
جَمِيعًا ، فَاسْتَرَدُّوا أَمتِعَتَهُم جُذُوعُ الخِرْوَعِ
ذَهَبَ رَجلٌ إلَى الخَلِيفَةِ عَضُد
الدَّولَةِ ، وأخبَرَه أنَّهُ دفَنَ مَالَهُ فِى
الصَّحَراءِ تَحتَ شَجَرةِ خِرْوَع ، فَلمَّا ذهَبَ لِيَأخُذَهُ لَم يَجدْهُ . فلمَّا سَمِعَ الخَلِيفَةُ ذَلِك أحضَرَ كُلَّ
أَطِبَّاءِ
المَدِينَة ، ثُمَّ قَالَ لَهُم : هَل
دَاوَيْتُم أَحَدًا بِجُذُوعِ الخِروَعِ
هَذَا الموْسِم ؟ فقَالَ أَحَدُهُم : أنَا دَاوَيتُ فُلاَنًا بِجُذُوعِ الخِروَع
فأَرسَلَ الخَلِيفَةُ إلَى ذَلِك المَرِيض ،
فَلمَّا جَاءَ سَألَه : مَنْ جَاءك بِجُذُوعِ الخِرْوَع التي
تَدَاوَيْتَ بِهَا ؟ فقَالَ الرَّجُل : خَادِمٌ لِى . فَأَمَرَ
الخَلِيفةُ بِإحضَارِ الخَادِم . فلمَّا جَاءَ سَألَه
: مِنْ أَينَ جِئتَ بِجُذُوعِ الخِرْوَع ؟ فقَالَ الخَادِم : مِنْ شَجَرةٍ بِالصَّحَرَاء . فَأَمَرَهُ الخَلِيفةُ أَنْ يذهَبَ مَع
الرَّجُل
ليُرِيَهُ الشَّجَرَة . فلمَّا ذَهَبَا إِلِيهَا
وَجدَ الرَّجُلُ أنَّها الشَّجَرةُ التِي دَفنَ مَالَه
تَحتَهَا ، فَعادَ إلىَ الخَلِيفةِ وأخْبَرَه.
فقَالَ الخَلِيفةُ لِلْخَادِم : أَنتَ الذِي وَجدتَ المَال ؟ فقَالَ : نَعَم. فأَمَرَه أَنْ يَردَّ المَالَ إلَى صَاحِبِه ،
فَأخَذَ
الرَّجُلُ مَالَهُ وعَادَ مَسرُورًا إلىَ
بَيْتِه الموكِبُ العَظِيم
كَانَ أمِيرُ المؤمِنِين عُمرُ بنُ
الخَطَّابِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - زَاهِدًا فِى
مَعِيشَتِه ، وكَانَ لاَ يُحبُّ أَنْ يَرى عَلاَمَاتِ التَّرَفِ تَظهَرُ على وُلاَتِه . وَفِى إحدَى المَرَّات ذهَبَ عُمرُ
لِزِيَارَةِ وَالِى الشَّامِ مُعَاويةَ بنِ
أبى سُفيَان . فاستَقْبَلَهُ مُعَاوِيَةُ في
مَوكِبٍ عَظِيم ، فَغَضِبَ عُمر ، ولاَمَ مُعَاوِيَةَ عَلىَ هَذهِ المظَاهِر
فَردَّ علِيهِ مُعَاويةُ ردًّا ذَكيًّا ،
قَالَ فِيه : نَحنُ بأرضٍ ، جَوَاسِيسُ العَدُوِّ بِهَا
كَثِير ، فَيَجِبُ أَن نُظْهِرَ مِنْ عِزِّ السُّلْطَانِ
مَا يُرهِبُهُم ، فَإِنْ نَهَيتَنِي انتهَيَتُ . فقَالَ عُمر : لِئَن
كَانَ مَا قُلتَ حَقًّا ، إنَّه لَرَأىٌ أَرِيبٌ ( أَيْ : رَأىٌ سَدَيدٌ مُقْنِع ) وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً فَإنَّه لخُدعَةُ أَدِيب الْوَزِيرُ الخَائِن
كَانَت أَسْرَارُ إِحدَى البِلاَدِ تَتَسربُ إلىَ اْلأَعدَاِء ، فقَالَ الحَاكِمُ فِى نَفْسِه : إنَّ أسرَارَ الدَّولَةِ لاَ يَعرِفُهَا إلاَّ أَنا وَالوُزَرَاء. فَلاَبدَ أَنَّ بَينَ الوُزَرَاءِ وَزِيرًا خَائِنًا ، وَينْبَغِي أَنْ أَعْرِفَهُ ، وأَخَافُ أنْ أُعَاقِبَهُم جَمِيعًا ، فأظلِمُ الأَبرِيَاءَ مِنهُم . فَكَّر الحَاكِمُ في حِيلةٍ ذَكيةٍ يَعرفُ عَنْ طَرِيقِها الوَزِيرَ الخَائِنَ الذِي يَنقلُ أسرَارَ الدّولَةِ إلَى الأَعْدَاء . فاستَدْعَىِ أَحدَ مُسَاعِدِيه الأُمَنَاءِ وَقَالَ لَه : اكتُبْ أَسرَارًا وَهمِيَّةً كَاذِبةً عَنِ
الدَّولَة . وأَرسِلْ إلَى كُلِّ وَزِيرٍ مِنَ اْلوُزَرَاء ، وقُلْ لَه سِرًّا مُخَتلِفًا عَنِ السَرِّ الذِى قُلتَهُ للآخَرِين ، واطلُبْ مِنهُ كِتْمَانَهُ
فإذَا انصَرفَ اكتُبْ اسمَهُ
بجِوَارِ السِّرِّ الذِي قُلتَهُ لَه ، ثُمَّ انْتَظِرْ يَومًا أوْ أكثَرَ لِتَعرِفَ سِرَّ مَنِ الَّذِي انْتَشَرَ . نفَّذَ المسَاعِدُ مَا أَمَرَ بِهِ الحَاكِمُ ،
فوجَدَ أَنَّ سِرًّا مِنْ هَذِه الأَسرَارِ قَد انتَشَرَ وَذَاعَ وعَرَفَهُ الأعدَاء . فعَرَفَ الحَاكِمُ الوَزِيرَ صَاحِبَ هَذا الخَبَر ، فأرسَلَ إِلِيه وعَاقَبَهُ عِقابًا
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin