عبدة الشيطان
تمثل جماعة "عبدة الشيطان" أحد مظاهر الانتكاسة، والبعد عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، إذ توجهت جماعات وأقوام إلى عبادة الشيطان وتقديسه من دون الله. ونحن في تناولنا لعبدة الشيطان، نود أن ننوه إلى أننا لا نتحدث عن "اليزيدية" تلك الديانة المنتشرة بين الأكراد في العراق وبعض الدول الأخرى، ذلك أننا تناولناها في العدد الثالث من الراصد، والحديث في هذا العدد مقتصر على تلك المجموعات الشبابية التي بدأت تظهر في بعض مجتمعاتنا الإسلامية، ويطلق عليها "عبدة الشيطان" وبدت متأثرة ببعض الأفكار والأديان التي انتشرت في الغرب.
النشأة:
يعتقد أن بداية هذا الفكر كانت في القرن الأول للميلاد عند "الغنوصيين"( )، الذين كانوا ينظرون إلى الشيطان على أنه مساوٍ لله تعالى في القوة والسلطان.
وقد ظهرت فكرة عبادة الشيطان وتقديسه في عدد من الديانات القديمة، وكان عند بعضها آلهة عديدة تمثل الشر. ففي الحضارة المصرية القديمة، وُجد الإله (سيت) أو (سيث) وهو يقترب من كلمة satan أي شيطان، الذي يمثل قوة الشر، وقد قدم المصريون له القرابين اتقاءً لشره.
وفي الحضارة الهندية، كان للشيطان دور كبير في حياتهم الدينية، عبروا عنه باسم الراكشا. وعند الإغريق كان اسمه دي إت بولس (D it-Boles)، أي المعترض. وفي أرض فارس، بدأت عبادة الشر والشيطان على تخوم الصحراء الآسيوية، وكانوا يعبدون شياطين الليل التي تطورت للتعبير عن الشر بالظلمة، والخير بالنور، وبما يعرف باسم "الثنوية".
وفي بابل وآشور، تذكر الأساطير أن صراعاً حدث بين آلهة الخير، وآلهة الشر، وفي التراث الأفريقي، ما زال يعتبر سحر الفودو، وهو السحر الرسمي الوحيد في العالم كنوع من تقديس الشيطان، والحصول منه على قدرات خارقة للسيطرة على بعض الناس( ) .
القرون الوسطى
وفي القرون الوسطى، ظهرت في أوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان إلها ومعبوداً ، منها جماعة "فرسان الهيكل" التي ظهرت في فرنسا، وكان لها اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان، وتزعم أنه يزورها بصورة امرأة، وتقوم هذه الجماعة بسب المسيح وأمه وحوارييه، وتدعو أتباعها إلى تدنيس كل ما هو مقدس.
وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص أسود يسمونه "الكميسية". وقد انتشرت هذه الجماعة في فرنسا وإنجلترا والنمسا، ثم اكتشفتها الكنيسة، وقامت بحرق مجموعة من أتباعها، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310ـ 1335م، وقد قالت إحدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها: "إن الله ملك السماء، والشيطان ملك الأرض، وهما ندّان متساويان، ويتساجلان النصر والهزيمة، ويتفرد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر".
ثم ظهرت عدة جماعات مشابهة بعد ذلك، أخذ بعضها يمارس تعذيب الأطفال وقتلهم، وقد خطف لهذا الغرض مئات الأطفال بين عامي 1432ـ 1440م، والبعض الآخر أخذ يقوم بتسميم الآبار والينابيع مثل "جمعية الصليب الوردي". وفي القرن السابع عشر ظهرت جمعية تسمى "ياكين" تمارس الطقوس نفسها، وقد أعدم منها فوق الثلاثين فرداً، ثم ظهرت جمعيات أخرى مثل: الشعلة البافارية، الشعلة الفرنسية، وأخوة آسيا.
وفي 1770، أسس الألماني آدم وايزهاويت مذهباً مشابهاً باسم "حملة النور الشيطاني"، وقد أغلقت حكومة بافاريا محافل هذا المذهب سنة 1785، وحظرت أي نشاط لها( ) .
ثم اختفت هذه الأفكار لتعاود الظهور في منتصف الأربعينات من القرن العشرين( ).
ظهورها الحديث
في عام 1948، ألف البريطاني ألستر كراولي الذي تخرج من جامعة كامبردج كتاباً أسماه "الشيطان الأبيض" دافع فيه عن الإثارة والشهوات الجنسية، وألقى محاضرات مطولة عن الجنس في بريطانيا، وأصبح بعد ذلك هو المعلم الأول لجماعة عبدة الشيطان التي أخذت تنتشر أيضا في الولايات المتحدة، ليتزعمها بعد ذلك يهودي أمريكي هو انطوان شذليفي Antone chethleivy، الملقب بالبابا الأسود.
وقد ترعرع ليفي في كاليفورنيا، وفي سنة 1966 أعلن عن فرقته، وأسس في سنة 1969 معبداً يدعى بكنيسة الشيطان (cos)، كما ألف عدداً من الكتب الفلسفية لترويج الفكر الشيطاني، منها كتاب "الشيطان يقول" ويحتوي على عبارات الشيطان التسع وأحكام الأرض الإحدى عشر، وكتاب "الإنجيل الأسود"، وهدف إلى تحقير طقوس المسيحية وشعائرها، وإلى بيان كيفية ممارسة العبادة، ويعتبر مرجعاً أساسياً لتوجيه الأتباع.
وبالرغم من أن معظم الباحثين يذهب إلى أن آنتون ليفي هو مؤسس فكر عبادة الشيطان في العصر الحديث، إلاّ أن البعض ينسب هذا الفكر حديثاً إلى موسيقى الروك والمغني الأمريكي ليتل ريشارد، الذي أدخل سنة 1952م إلى هذا الرقص أنغاماً وحركات تعود إلى العنف، وبعده في عام 1955م، تزعم ألفيس بريسلي الحركة الموسيقية، وراح يخاطب غرائز الشباب، ويشجعهم على رفض القيم الدينية والأخلاقية، وعلى الحياة نفسها( ) .
وإضافة إلى الولايات المتحدة، فإن عبادة الشيطان تشهد تزايداً في فرنسا أيضاً، فقد أشار تقرير صدر في شهر مارس/ آذار سنة 2005 عن البعثة الوزارية لمراقبة ومكافحة التجاوزات الطائفية، وتم تسليمه إلى رئيس الوزراء أن ظاهرة عبادة الشيطان تكتسب أرضاً جديدة في فرنسا مما يؤدي إلى زيارة عمليات تدنيس المقابر وطقوس معادية للمسيحية. كما تشهد الظاهرة تزايداً أيضا في الدول الاسكندنافية وروسيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا واليونان وجنوب أفريقيا، واعترفت بعض الدول بها( ).
وحسب تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة، فإنه يدخل في كل عام في هذه الديانة 50 ألف شخص في مختلف دول العالم، كما أكد أن هذه الطائفة وراء كثير من جرائم القتل وخطف الأطفال، وخاصة في ولايتي سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، حيث كانت الشرطة تجد بقايا دماء أطفال، وحيوانات مذبوحة بجوارها الشموع والأقنعة السوداء والجماجم( ) .
انتقالها إلى المجتمعات الإسلامية
ظلت المجتمعات الإسلامية محصنة فترة من الوقت من هذه "الديانة الإبليسية"( ) إلاّ أن بعض العوامل أدت إلى دخولها إلى بعض الدول الإسلامية، أهمها:
1ـ تطور وسائل الاتصالات، خاصة وأن شبكة الإنترنت هي الوسيلة الأهم لنشر أفكارهم، والتواصل بين الأتباع. ولهم على هذه الشبكة أكثر من ثمانية آلاف عنوان.
2ـ تسارع وتيرة التطبيع بين الدولة اليهودية، والعديد من الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي أدى إلى ازدياد الخلطة بين مواطني هذه الدول وبين اليهود، خاصة في مصر، التي يفد إليها الكثير من اليهود، وبخاصة عبر منفذ طابا، الذي تحول إلى نقطة التقاء مهمة بين اليهود والمصريين، ولا يخفى هنا حرص اليهود على إفساد المسلمين، وصرفهم عن دينهم، ونشر الأفكار المنحرفة بينهم، ومنها أفكار عبادة الشيطان. لاسيما أن الشيطان حسب العقيدة اليهودية، رمز من رموز القوة المطلقة التي تضاهي قوة الله سبحانه، كما أنهم لا يُحملون الشيطان وزر إغواء آدم وإخراجه من الجنة( ) .
3ـ ترويج الكُتاب اليساريين للأفكار المنحرفة في المجتمعات الإسلامية. وقد اعتبر أن من إرهاصات فكر عبادة الشيطان في بلادنا، المحاضرة التي ألقاها في بيروت الشيوعي السوري د. صادق جلال العظم سنة 1996 بعنوان "مأساة إبليس"، دعا فيها إلى رد الاعتبار لإبليس، والكف عن كيل السباب له والتعوذ منه، والعفو عنه، وطلب الصفح له، وهي المحاضرة التي ساقته إلى المحاكمة والتي تراجع أمامها لينجو من العقاب، وهو تراجع كاذب، وقد ضمنها من بعد كتابه "نقد الفكر الديني"( ).
4ـ تسخير كافة وسائل الإعلام والثقافة والفن، لنشر أفكار عبادة الشيطان، وجعلها مستساغة عند المسلمين، ومن ذلك نشر وسائل الإعلام الغربية لأفلام تتحدث عن مصاصي الدماء، وأشخاص ذوي قدرات سحرية، ليغروا الشباب بامتلاكها إن وجدت، مثل فيلم الغراب the crow، ومسلسل بافي، وإنجل وغيرها، وللأسف تساهم كثير من الفضائيات العربية في نشر مثل تلك الأعمال.
ومن سبل الدعاية لهذا الفكر بعض أنواع الموسيقى، مثل موسيقى Black Metal ، وهي موسيقى صاخبة تعتمد على الجيتار الإليكتروني، ومن أشهر الفرق التي تتغنى بعظمة الشيطان وتدعو إلى فكره، فرقة Dimmu Borgir وفرقة slayer، وأشهر مغنٍ يدعو إلى هذا الفكر يدعى مارلين مانسون، الذي ألّف كتاب "الطريق الخارج من جهنم"، ويخرج أغانيه بأسلوب فلسفي يثير غرائز الشباب، ويدعوهم للإعجاب بهذا الفكر. ويقول علماء النفس أن موسيقى بلاك ميتال تصنع نوعاً من الغياب الذهني.
كما ألف أتباع هذه الطائفة الكتب الكثيرة للدعوة إلى باطلهم، منها: "صمت إبليس" تأليف د. لورانس بازدر، و "إبليس تحت الأرض"، و "جاء لتحرير الرهائن" و "الطقوس الشيطانية" و "الساحر الشيطاني"، و "مذكرة الشيطان"( ) .
تسربها للدول العربية
1ـ مصر
أول ظهور لعبدة الشيطان في مصر، يعود إلى أواخر سنة 1996م، ويقال أن كلمة "عبدة الشيطان" ترددت على أسماع المصريين لأول مرة في 27/1/1997، عندما خرجت الصحف المصرية تحمل خبراً مثيراً للجدل، عن القبض على 86 شاباً وفتاة يعبدون الشيطان.
وقد تبين أن هذه المجموعة تتراوح أعمارهم بين 15و 24 سنة، وأنهم من خريجي المدارس الأجنبية، ومن أولاد الطبقة الغنيّة.
كما تبين أنهم اعتنقوا هذا الفكر عن طريق الاختلاط بالإسرائيليين في المنطقة المصرح فيها بدخولهم إلى الأراضي المصرية بدون جوازات سفر إلى جوار طابا ومن خلال استدراجهم بالجنس والمخدرات والخمور( ).
كما قبضت السلطات المصرية في شهر مايو/ أيار سنة 2001م على 55 من الشاذين من عبدة الشيطان، ووجّهت لهم تهم ازدراء الأديان، واستغلال الدين في ترويج أفكار متطرفة.
وقد تم القبض على هذه المجموعة على متن باخرة نيلية، وكانوا يتخذون من صالة "الديسكو" فيها مكاناً لتجمعهم، وإقامة حفلات التعارف والتزاوج بعد تقسيم أنفسهم إلى رجال أزواج، ورجال زوجات!( ).
ومن القيادات الرئيسية في جماعة عبدة الشيطان في مصر أحمد عمر عبد الغفار وطارق حسن، وهو صاحب فرقة موسيقية، وشاب آخر اسمه تامر علاء( ) .
ومن بين الأماكن التي اتخذها عبدة الشيطان في مصر مقراً لممارسة طقوسهم، قصر البارون الشهير، الذي بني سنة 1905م، وهُجر فيما بعد، ولم تكن عليه حراسة فعّالة، إذ كانت تتسلل جموع الشباب والشابات إلى القصر لإقامة طقوسهم، وعندما كانوا يبدأون بحفلاتهم، يظن الناس أنها أصوات لأشباح وعفاريت، ثم تبين أنها لم تكن سوى تلك الصرخات الشيطانية المصاحبة لموسيقى الروك( ) .
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 17:01 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:48 من طرف Admin
» رسام وشوم في اليابان يزلزل العالم ويعلن إسلامه بعد أن اكتشف سرا خطيرا في ورقة صغيرة
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:47 من طرف Admin
» من الالحاد الى الاسلام
الأربعاء 13 أبريل 2022 - 16:45 من طرف Admin
» غرداية
الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 14:36 من طرف Admin
» مشاهير دخلوا الاسلام حديثا 13 من مشاهير العالم اعتنقوا الإسلام عام 2020
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 19:09 من طرف Admin
» مشاهير اعتنقوا الاسلام تعرفوا عليهم Celebrities who converted to Islam recognized them
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 18:52 من طرف Admin
» الطريقة الصحيحة للمراجعة لشهادة التعليم المتوسط || الطريق إلى معدل 18 BEM DZ
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:51 من طرف Admin
» طرق المذاكرة للاطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:48 من طرف Admin
» طرق المذاكرة الصحيحة مع الأبناء - 6 طرق ذكية للمذاكرة الصحيحة مع الأطفال
الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 15:45 من طرف Admin
» فيديو نادر: الجزائر قبل 90 سنة
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:34 من طرف Admin
» حقائق حول مقتل محمد شعباني أصغر عقيد في الجزائر-30 يوم تحقيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:32 من طرف Admin
» المؤرخ محمد لمين بلغيث يكشف أمور خطيرة عن الحراك و غديري و توفيق
الأربعاء 20 مايو 2020 - 18:26 من طرف Admin
» الجريمة السياسية.. اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:46 من طرف Admin
» ذكرى مؤتمر الصومام و جدلية السياسي و العسكري
الأربعاء 20 مايو 2020 - 17:39 من طرف Admin